رئيس هيئة المعابر يصل إلى غزة لتسلمها من {حماس}

الحركة تتذمر من استمرار الإجراءات ضد القطاع... وعباس ليس متعجلاً

رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم (أ.ف.ب)
رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم (أ.ف.ب)
TT

رئيس هيئة المعابر يصل إلى غزة لتسلمها من {حماس}

رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم (أ.ف.ب)
رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم (أ.ف.ب)

أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان في الحكومة الفلسطينية، مفيد الحساينة، عن بدء إجراءات تسلم معابر قطاع غزة، باعتبار ذلك الخطوة الأولى لتمكين حكومة التوافق في غزة.
وقال الحساينة أثناء اجتماع ضم رئيس هيئة المعابر والحدود، نظمي مهنا، واللواء توفيق أبو نعيم مدير قوى الأمن الداخلي التابع لحماس، وصالح الزق، مسؤول ملف الشؤون المدنية في غزة، ورائد فتوح مدير المعابر في غزة، أن لجنة تسلم المعابر بدأت عملها بزيارة للمعابر من أجل تقييم الأوضاع وتهيئتها للمرحلة المقبلة.
وأضاف: «العمل انطلق وسط إصرار وإجماع كل الأطراف».
وكان مهنا بصفته رئيس هيئة المعابر، وصل إلى غزة أمس من أجل وضع آليات لتسلم معابر القطاع.
وقال مهنا، إنه جاء إلى غزة بناءً على تعليمات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتنفيذ أول بند في اتفاق القاهرة وهو تسلم المعابر.
وأضاف: «نحن بانتظار الساعات القليلة المقبلة حتى ننتهي من هذا الموضوع، نريد الإعلان عن تسلم المعابر بشكل رسمي، كأولى الخطوات التي ستباشر فيها الحكومة أعمالها في قطاع غزة».
وأوضح: «سنبدأ من رفح وكرم أبو سالم وبيت حانون (إيريز)، ونتمنى أن نكون غدا (اليوم) توصلنا إلى اتفاق كامل وشامل على الأرض حول هذا الموضوع».
ويعد ملف المعابر أحد الملفات الأهم التي طالما عرقلت اتفاقات سابقة، بسبب رغبة السلطة في السيطرة عليها بشكل كامل، وإصرار حماس على المشاركة في إدارتها. غير أن حماس وافقت هذه المرة على تسليم المعابر للحكومة.
وقال وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، إن مفتاح التمكين لحكومة الوفاق في غزة هو المعابر والجباية المالية.
ويفترض أن تتسلم حكومة الوفاق الوطني إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصى هو الأول من ديسمبر (كانون الأول)، ويشمل ذلك تسليم معابر غزة كلها، على أن يتسلم حرس الرئيس معبر رفح والحدود مع مصر في وقت لاحق يتم ترتيبه مع مصر وعندما تنتهي من إعادة تجهيز المعبر.
واتفقت مصر مع السلطة وحماس على أن يتسلم حرس الرئيس معبر رفح؛ حتى يتسنى فتحه بشكل طبيعي.
وإذا ما تسلمت السلطة المعابر، وهي المرحلة الأولى من الاتفاق، ستنتقل إلى حسم ملفات أخرى، لكن هذا النهج بدا كأنه لا يعجب حركة حماس.
وأظهرت حماس عدم رضا عن تركيز السلطة على تسلم المعابر ومهامها في غزة من دون مقابل.
وبدا تذمر حماس في أكثر من تصريح، بدأها موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي للحركة، وعضو وفدها في حوارات القاهرة، حيث انتقد حجم التصريحات السلبية من قبل مسؤولين في السلطة في قضايا لم تبرم بعد، سواء في موضوع الموظفين أو المعابر أو سلطة الأراضي أو الأمن، قائلا: إنها «لا تبشر بخير».
وتصريح أبو مرزوق ليس الوحيد، فقد انتقد الناطق باسم حركة حماس، فوزي برهوم، عدم تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن إجراءاته ضد غزة.
وقال برهوم: إن عدم إلغاء الإجراءات التي اتخذت ضد قطاع غزة غير مبرر، وتنكر واضح لمتطلبات المصالحة واستحقاقاتها.
كما عد الناطق باسم حماس سامي أبو زهري، أنه «من غير المبرر استمرار العقوبات على قطاع غزة»، وكتب أبو زهري في تغريدة على حسابه في «تويتر»: «من غير المبرر استمرار العقوبات على غزة حتى الآن، في حين تكتفي الحكومة بالحديث عن تسلم المعابر والتنقيب عن غاز غزة».
وكان الرئيس الفلسطيني اتخذ إجراءات عدة ضد قطاع غزة، شملت حسومات من رواتب الموظفين، وإحالة آخرين على التقاعد، والتوقف عن دفع بدل كهرباء ووقود، وفرض ضرائب، وإلغاء إعفاءات ضريبية، ردا على تشكيل حماس لجنة إدارية لحكم القطاع. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا نية للرئيس التراجع عن هذه الإجراءات فورا، على الرغم من حل حماس اللجنة الإدارية وتوقيع اتفاق المصالحة، وأنه يريد أولا، أن يراقب كيف تسير عملية تمكين الحكومة في غزة.
وبحسب المصادر، فإن الرئيس الفلسطيني ليس مستعجلا على اتخاذ قرارات، ويريد أن يطمئن بأن المصالحة ليست مجرد اتفاق وحسب.
واتفق عباس مع أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح على هذا، خلال الاجتماع الذي جرى في وقت متأخر الأحد، ولم يتطرق بيان المركزية إلى هذه الإجراءات.
وثمنت اللجنة المركزية لحركة فتح نتائج الحوار الذي جرى في القاهرة برعاية مصرية، وأكدت تصميمها على استعادة الوحدة الوطنية وبذل أقصى الجهود لإنجاح الحوار، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها بشكل كامل، وبمسؤوليتها في إدارة قطاع غزة وفق النظام والقانون كما في الضفة الغربية.
وشددت الحركة في بيان صدر عقب اجتماعها في مقر الرئاسة برام الله، برئاسة القائد العام للحركة الرئيس محمود عباس، على العمل بأقصى قدراتها لتعزيز الجبهة الداخلية، وترسيخ الشراكة الوطنية للوصول إلى إنجاز المشروع الوطني في الحرية والاستقلال.
وأكدت اللجنة المركزية «بعد الاستماع إلى تقرير اللجنة المكلفة بالحوار مع حماس، على ضرورة الالتزام الكامل بالقانون الأساسي، وحماية النظام السياسي التعددي الديمقراطي، والحفاظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وركزت على ضرورة تمكين حكومة الوفاق من العمل وفق النظام والقانون والاستمرار بالحوار مع القوى الوطنية لإتمام هدف استعادة الوحدة الوطنية».
وأعربت اللجنة المركزية، عن تقديرها لقيادة مصر العربية، ولدورها المميز في هذه المرحلة للوصول إلى الاتفاق الأخير في القاهرة، وثمنت جهود مؤسساتها وجهود قيادات دول عربية مساندة والمملكة الأردنية والملكة العربية السعودية.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.