احتواء السجال المتجدد بين باسيل والمشنوق

لا يبدو أن السجال المتجدد بين وزيري الخارجية جبران باسيل والداخلية نهاد المشنوق حول «السياسة الخارجية للبنان»، يؤثر مباشرة على العلاقة بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري، إذ يؤكد مقربون منهما أنّهما حريصان كل الحرص على تمتين هذه العلاقة، ومن خلالها تثبيت أسس الحكومة والعهد الجديد. وقد نجح الطرفان في الساعات الماضية باستيعاب تداعيات الخلاف بين الوزيرين الذي طفا إلى العلن مجدداً على خلفية تصويت لبنان في انتخابات اليونيسكو، بعدما كان قد تركز في المرحلة الماضية حول لقاء باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك.
وتواصل السجال أمس مع رد المشنوق على باسيل الذي اعتبر أن «من لا تعجبه سياستنا الخارجية فهو مستتبع للخارج»، فقال وزير الداخلية: «يا ليت، لم أُستتبع بعد، قدمت طلباً، غيري طلباته مقبولة منذ زمن»، لافتاً رداً على سؤال إلى أن الكلام الذي أدلى به بخصوص وزارة الخارجية لم يتشاور فيه بعد مع الرئيس الحريري. وكان وزير الداخلية وصف السياسة الخارجية اللبنانية بأنها «شاردة»، منتقداً سلوك باسيل من دون أن يسمّيه، معتبراً أنه «لا يمكن الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والإرغام».
إلا أن التشنج الذي يطبع علاقة باسيل بالمشنوق لا ينسحب على الجو العام وعلى العلاقة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل». إذ يتفق النائب في تيار «المستقبل» عقاب صقر مع زميله النائب في «التيار الوطني الحر» حكمت ديب، على أن السجال بين وزيري الداخلية والخارجية لا يعبّر عن وضع العلاقة الحالية بين التيارين، ويؤكد صقر أن هذه العلاقة «تُدار بدقة وعناية كبيرة من قبل الرئيسين عون والحريري»، فيما يشدد ديب على أن التصريحات والتصريحات المضادة بين وزيري الخارجية والداخلية لا تعني الحكومة ولا التحالف القائم مع الرئيس الحريري، واضعاً ما يحصل بإطار «المزايدات الانتخابية وسعي البعض لإعطاء الأولوية لمصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة».
ويشير ديب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الكلام الذي صدر مؤخراً عن النائبين خالد ضاهر وأحمد فتفت، كما عن المشنوق، «يوحي بوجود عملية شد حبال داخل الفريق المعني على حساب التفاهم الحكومي»، معتبراً أن «البعض يشعر بنقص أو ضعف ما عشية الانتخابات، فنراه يسعى لتحسين وضعه بالمزايدات الطائفية وبكلام مستفز لاستنهاض الجماهير». وإذ ينفي ديب وجود أي إشكال بين «التيار الوطني الحر» والرئيس الحريري، يؤكد أن «الاتفاق على تحييد الملفات الخلافية داخل الحكومة مستمر بقرار من رئيسها وتحقيقاً لمصلحة المواطنين والبلد».
من جهته، يعتبر صقر أن الاختلاف بالرأي بين «المستقبل» و«الوطني الحر» لا يفسد للود قضية، مشدداً على وجوب عدم اتخاذ النقاش حيزاً من التشنج. وأضاف: «المشنوق اجتهد برأيه مؤخراً فرد عليه باسيل». ويشير صقر إلى أن «وزير الخارجية يُخطئ في الكثير من الأوقات لكنّه يصيب ويقوم بأداء جيد في أوقات أخرى». وقال: «مثلاً لقاؤه بالمعلم كان خطأ جسيماً وخطيئة تاريخية وقد نقل الرئيس الحريري عتبه للرئيس عون وتمت معالجة القضية، أما بخصوص ما حصل بالتصويت في اليونيسكو فنؤكد أنّه لم يخطئ، فالقرار الذي اتخذه لبنان هو قرار الدولة ككل والرئيس الحريري الذي هو على تنسيق دائم مع المملكة العربية السعودية ومصر، في صلبه تماماً»، رافضاً الإفصاح عن الجهة التي صوّت لبنان لصالحها من منطلق أن التصويت سري.
ويجزم صقر بأن «لا خوف على وضع الحكومة من منطلق أنّها تشكلت للحفاظ على الاستقرار، وطالما أي من الفرقاء لم يُخل بهذه القاعدة فهي مستمرة»، مشدداً على أن علاقة الرئيسين عون والحريري «أكبر من أن تغرق في تفاصيل نؤكد أنها لن تؤدي لتصدع العلاقة مع التيار الوطني الحر».
وقد نجح الطرفان في الآونة الأخيرة بتجاوز لقاء باسيل - المعلم بأقل الأضرار الممكنة، وتجنب الحريري طرح هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء، كذلك ارتأى باسيل، وبناءً على توجيهات الرئيس عون عدم طرح الملف داخل الحكومة علماً بأنه كان قد أكّد في وقت سابق أن توصيف المشنوق للقائه بالمعلم بـ«الاعتداء السياسي على رئاسة الحكومة»، «لن يمر» وأنّه سيسأل عن خلفياته.