تجمع دولي بالقاهرة لمواجهة تحركات الإرهابيين في الفضاء الإلكتروني

TT

تجمع دولي بالقاهرة لمواجهة تحركات الإرهابيين في الفضاء الإلكتروني

برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يُعقد في القاهرة اليوم (الثلاثاء) تجمع دولي، بمشاركة 63 مفتياً من جميع قارات العالم، لبحث مواجهة الفتاوى المتشددة وتحركات الإرهابيين على الفضاء الإلكتروني. وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أمس، إن «ما يتمخض عنه الملتقى من توصيات يُعد إسهاماً جديداً لمصر ومؤسساتها الدينية في مكافحة الفكر المتطرف، وتعزيزاً لدورها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي».
وأكد أن «الخارجية حريصة على تقديم الدعم اللازم للملتقى، الذي يعكس الدور الرائد للمؤسسات الدينية في مواجهة التطرف الديني والفكري ودحض الفتاوى المغلوطة التي تحرض على العنف، لا سيما على شبكات المعلومات الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي».
ويرى مراقبون أن مؤتمر القاهرة محاولة من مصر للتصدي لفتاوى التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمها «داعش» وجماعة «الإخوان»، بعدما أصبحت الفتوى «سلاحاً مشرعاً في تبرير العنف والإرهاب».
ويفتتح الملتقى الذي تنظمه دار الإفتاء، ويستمر لمدة ثلاثة أيام، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، والدكتور محمد عبد الكريم العيس أمين عام رابطة العالم الإسلامي بمكة، تحت عنوان «دور الفتوى في استقرار المجتمعات».
ويهدف التجمع إلى الوقوف على أهم مشكلات عالم الإفتاء المعاصر، التي من أسوأها إشاعة الفوضى وزعزعة السلم المجتمعي، والكشف عن الأدوار التي يمكن للإفتاء المعاصر الاضطلاع بها في علاج المشكلة، فضلاً عن الخروج بميثاق شرف «إفتائي - إعلامي» ضابط لفوضى الإفتاء في وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني.
ويبحث المؤتمر محاولة فهم طبيعة العلاقة بين الإفتاء والسياسة في الدول، وتحديد الأدوار التي يمكن التأثير والتأثر من خلالها، وكذلك نقل مجال الإفتاء من مجال سلبي يقتصر على حل المشكلات إلى آخر إيجابي ينتقل إلى عمل التدابير الوقائية من المشكلات؛ بل ويشارك في البناء والتعمير، ووضع ضوابط محددة لعملية الاستنباط من كُتب التراث، وكذا التنبيه على خطورة الفتاوى التاريخية إذا تمت دراستها بعيداً عن سياقاتها التاريخية والواقعية.
وقال مفتي مصر، رئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن «الملتقى سوف يُطلق هذا العام 4 مُبادرات جديدة وهي، مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية، وبرنامج التكوين العلمي للمُتصدرين للفتوى عبر الفضاء الإلكتروني، ومشروع تقرير (حالة الفتوى) ومنصة الأمانة العالمية لدور الإفتاء الإلكترونية، ومشروع جمهرة أعلام المفتين للتواصل مع المسلمين ودور الإفتاء بالعالم».

وسبق أن حذر مراقبون من أن «داعش» سوف يسعى لإقامة «خلافة افتراضية له» في الفضاء الإلكتروني يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره وتجنيد الناشطين، وذلك عقب خسائره الأخيرة في الأراضي التي يستولى عليها في سوريا والعراق وليبيا.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قامت منصات رقمية عدة بشن حملة تطهير ضد الحسابات المتطرفة فيها، كان من آخرها إغلاق «تويتر» 300 ألف حساب تم تصنيفها على أنها إرهابية؛ وذلك بعد تفعيل أدوات الذكاء الصناعي وتطورها وقدرتها على تصنيف أعداد ضخمة من الحسابات بسرعات عالية. وأكد المراقبون أن «هذه الحملات أدت إلى فرار عناصر (داعش) إلى منصة (إنستغرام) بعد انتهاء (فيسبوك) و(يوتيوب) و(تويتر) من تطهير منصاتها».
وقالت مصادر مطلعة في الإفتاء المصرية إن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لم توجه الدعوة لكل من «إيران وتركيا وتونس وقطر وإقليم كردستان».
بينما أكد الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن «المؤتمر سوف يشهد مشاركة علماء من المملكة العربية السعودية، والأردن، وفلسطين، ولبنان، والمغرب، وموريتانيا، وإندونيسيا، وباكستان، وماليزيا، والهند، وأميركا، ودول أوروبا، وأستراليا». مضيفاً أن «المؤتمر ضرورة ملحة في هذا التوقيت من أجل جمع كلمة العلماء والمفتين على مستوى العالم لإزاحة أصحاب المناهج الشاذة والمتطرفة عن الساحة الإفتائية، وإعادة حق الإفتاء إلى أهل الاختصاص، وبيان فساد المنهج المنحرف في الفتوى».


مقالات ذات صلة

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.