متحف «مونا» الأسترالي يثير ضجة بعالم الفن

TT

متحف «مونا» الأسترالي يثير ضجة بعالم الفن

حتى من موقف السيارات في متحف الفن القديم والحديث (مونا) في ولاية تسمانيا الأسترالية، يتضح أنّ مؤسس المتحف، ديفيد والش، يتمتع برؤية غير عادية.
التواضع الكاذب ليس من سمات والش جامع القطع الفنية، ورجل الأعمال المليونير، الذي ولد في عائلة فقيرة بمدينة هوبارت في ولاية تسمانيا الأسترالية في عام 1961. حقق ثروته من المقامرة، وغيرها من الأعمال التجارية، قبل أن يتخذ قرار بناء متحف للاحتفاظ بمجموعته الفنية الخاصة في مزارع عنب على بعد آلاف الأميال من المدن الثقافية في أستراليا.
ومنذ افتتاحه في عام 2011، أصبح المتحف الذي يحمل اسما مناسبا نسبيا بمعايير والش، يتصدر العناوين بشكل منتظم.
وصفته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية بأنه «الإضافة الأكثر إثارة للمشهد الثقافي الأسترالي، منذ دار أوبرا سيدني»، وقد أكد مكانته بالفعل على الساحة الفنية في العالم.
في العام الماضي، زار أكثر من 370 ألف شخص مدينة بيريدال المنعزلة في تسمانيا، حيث المتحف - وهو عدد لا يقل كثيرا عن مجموع سكان الجزيرة. وبات هذا المتحف أهم وجهة سياحية في المدينة، حيث يأتي ثلاثة أرباع الزائرين من البر الرئيس، والباقي من أبعد من ذلك، وكثيرون من أوروبا.
وتتسم الأعمال الفنية، الموجودة في مبنى يمتد بشكل عميق تحت الأرض، بأنها مجموعة غريبة من الأعمال الفنية القديمة والحديثة مع التركيز بشكل خاص على المسائل التي طالما شغلت البشرية.
من بين الأعمال الفنية المعروضة «بيتفول»، وهو عبارة عن شلال اصطناعي أبدعه الفنان الألماني يوليوس بوب، وتظهر فيه أكثر المصطلحات شيوعا على موقع البحث «غوغل» عادة لمدة أقل من ثانية قبل أن تختفي مرة أخرى، وفي الوقت الحالي تظهر كلمة «ترمب» في كثير من الأحيان.
ولكي يظهر المتحف بشكل موثوق الجزء «القديم» من اسمه، يعرض والش أيضا أعمالا وأشياء قديمة، بما في ذلك مومياوات مصرية في قبو. ويمكن للزائرين دخوله كل بمفرده أو مع شخص آخر، حسبما جاء في (د.ب.أ).
لم يحصل والش تقريبا على أي شيء سوى الثناء على متحفه، ولكن هذا لا يعني أنه انتهى من العمل، فقد أعلن في وقت سابق من العام الحالي، عن خطط «المرحلة المقبلة من النمو».
فهناك مبنى لمتحف آخر جاهز تقريبا، لكن والش يخطط الآن لإقامة فندق خمس نجوم يتألف من 172 غرفة ومسرح سعته 1000 مقعد وكازينو. وسيطلق عليه اسم «هومو»، وهو مزيج من المقاطع الأولى من كلمة فندق «هوتيل» واسم متحفه «مونا».
وعلى النقيض من المتحف، فإن الفندق الذي من المقرر افتتاحه في عام 2022، سوف يرتفع فوق الأرض، وقد صمم ليبدو، وكأنه جسر معلق مقلوب. وشبهه نقاد محليون بعربة التسوق واشتكوا من أنه على عكس متحف الفن القديم والحديث «مونا»، لن يتلاءم مع المشهد المحلي.
عندما قدم خططه في يوليو ، قال والش: «هذه المرة، قد يعتقد البعض أن الأمر خرج عن السيطرة قليلا - الحفريات وحدها أكثر من أربعة أضعاف حجم المتحف... لكن يبدو أننا حصلنا على بعض التأييد، لقد ظهرت الخطط بشكل جيد للغاية، ولا يمكننا أن نرضى بنجاحنا الماضي إلى الأبد من دون النظر للمستقبل».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.