بغداد في عصريها الذهبيين

كازويل يرصد في مجموعة كتب بالإنجليزية فترات حرجة من تاريخ المنطقة

«أصوات الشوارع العربية» - غلاف «خمريات أبي نواس» - {العازفون المحترفون الثلاثة} - غلاف «ابن ميناشي»
«أصوات الشوارع العربية» - غلاف «خمريات أبي نواس» - {العازفون المحترفون الثلاثة} - غلاف «ابن ميناشي»
TT

بغداد في عصريها الذهبيين

«أصوات الشوارع العربية» - غلاف «خمريات أبي نواس» - {العازفون المحترفون الثلاثة} - غلاف «ابن ميناشي»
«أصوات الشوارع العربية» - غلاف «خمريات أبي نواس» - {العازفون المحترفون الثلاثة} - غلاف «ابن ميناشي»

لا نستعرض هنا كتابا واحدا إنما مجموعة من الكتب تشكل إضافة معرفية حقيقية في مجالي الأدب والأكاديميا. هذه الكتب صادرة باللغة الإنجليزية في الفترة من 2003 إلى 2016. ما يربط هذه المجموعة من الكتب هو بغداد بعصريها الذهبيين. نعم كان لبغداد عصران ذهبيان. الأول خلال فترة الدولة العباسية، وهو ما يتفق عليه الجميع بلا جدال، والثاني خلال الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي قضاها مؤلف هذه المجموعة من الكتب، الدكتور فؤاد كازويل في بغداد قبل أن يغادرها إلى الأبد عام 1957 للدراسة ثم ليستقر بشكل نهائي في بريطانيا قاطعا كل صلة له ببغداد. لقد بدأ بدراسة الأدب العربي ثم الأدب الفرنسي، بعد ذلك بدأ الدكتوراه في جامعة أكسفورد لكنه لم يكملها، ليتحول إلى دراسة القانون. وعمل بالمحاماة والقضاء لأكثر من خمسين سنة. وبعد أن تقاعد عن العمل، عاد لإكمال الدكتوراه في الجامعة نفسها حول التاريخ الاجتماعي والثقافي للجواري والقيان (المحظيات) في العصر العباسي، ومنها عاد إلى بغداد على الورق، بعدة مؤلفات، كان أولها هو «جواري بغداد» والكتاب يستند أساسا على رسالته للدكتوراه. في هذا الكتاب الذي يشبه به الجواري والمحظيات بفتيات «الجيشا» في الثقافة اليابانية، يخص بالدراسة أربع جوار شاعرات هن عنان، عُريب، سكن، وفضل. ويتطرق إلى تفاصيل حياة الخلفاء في تلك الفترة وأهمية امتلاك القيان في تلك الفترة الذهبية، وحيّز الحرية المعطى لهن في التعليم والعزف والغناء والرقص. ويركز الكتاب بشكل كبير على إشعارهن بترجمة دقيقة وشروح وافية وبتصنيفه كشعر نسائي مقابل الشعر الذكوري السائد في عصور الخلافة الإسلامية.
الكتاب الثاني هو ترجمة خمريات أبو نواس إلى اللغة الإنجليزية. يبدأ الكتاب، بعد المقدمة، بقصيدة أبي نواس الشهيرة «دع عنك لومي»:
دع عنك لومي فإن اللـوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها
لـو مسّـها حجـر مسّته سـرّاء
ويشير المترجم إلى قصة إبراهيم النظّام الذي بعد تحوله إلى مذهب المعتزلة صار يلوم على أبي نواس شربه للخمر ومغازلة الصبيان، فكانت هذه القصيدة هي رد أبي نواس على النظّام.
يخصص الدكتور كازويل مقدمة الخمريات للحديث عن الفترة العباسية في العراق، لكون العراق يختلف عن بقية البلاد العربية الأخرى لتنوع الإثنيات والطبقات الاجتماعية به واختلاف الأديان والمذاهب. الأمر الذي جعل العراق يختلف تماما عن بقية المناطق بعد الإسلام. ويسهب بعض الشيء بتحليل الخلفية الاجتماعية والسياسية التي هيأت الأجواء لأبي نواس وهذا النوع من الشعر وكذلك البصمات التي خلّفها أبو نواس على الثقافة السائدة آنذاك، خصوصا فترة الخليفة الأمين.
وضمن تلك الفترة الزمنية، يخصص كازويل كتاب «العازفون المحترفون الثلاثة» لأشهر موسيقيي العصر العباسي وهم إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق الموصلي، بينما الثالث هو إبراهيم بن المهدي، الذي كان ابن الخليفة المهدي وعمّاً لعدد من الخلفاء وكان هو أيضا خليفة لبغداد ولكن لفترة زمنية بسيطة، إذ كان يُعرف بالخليفة الأسود بسبب لونه. في هذا الكتاب أيضا يشرح المؤلف الظروف الثقافية والاجتماعية التي أبرزت هؤلاء العازفين ويسرد الكثير من القصص عن حياتهم وعلاقاتهم بالخلفاء والمحظيات والجواري. من تلك القصص مثلا قصة إسحاق الموصلي وحبه الشديد للمال، وولعه بإحدى جواري الخليفة وغيرها. ويتطرق الكتاب أيضا بتفاصيل وافية للآلات الموسيقية المستخدمة آنذاك وتنوع الألحان وجذورها والقصائد المغناة.
كتاب «أصوات الشوارع العربية» كما يشير العنوان يرصد تعدد اللهجات العربية - الشفهية غير المكتوبة، وتمايزها عن اللغة الفصحى المكتوبة الموحّدة في الدول العربية كافة. لكن الكتاب يركّز بشكل واضح على اللهجة العراقية «البغدادية تحديدا»، لكونها المدينة التي نشأ ودرس بها الكاتب، وذلك من خلال مفردات وأمثال شعبية مع قصة كل مثل وكيفية نطق الكلمات للقارئ غير العربي. ويعود الكاتب إلى التاريخ القصير الذي ظهرت به قصائد الملا عبود الكرخي العامية مطبوعة في جريدة «الديوان»، وذلك بعد الحرب العالمية الأولى، والتي من خلالها كان ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية في العراق.
يُقسم الكتاب إلى أجزاء، كل جزء يُعنى بالأمثال الخاصة بموضوع معين، كالحسد، النفاق، العمل، القلق، الإهانة، إلخ. فمن الأمثال الطريفة على النفاق مثلا: «امدح البدوي وخذ عباته»، أو مثل «بغل القاضي» وهو البغل الذي كان يرافق القاضي أينما ذهب، فكان الناس يتقربون للقاضي من خلال مدح بغله، ولما مات البغل ذهب الناس لعزاء القاضي به وصحبوه إلى المقبرة، لكن عندما مات القاضي لم يحضر جنازته أحد. مثل طريف آخر هو «دير بالك من أبو شفقة» أي «احذر من لابس القبعة» والشفقة هي القبعة باللهجة العراقية، وكما يقول المؤلف فهي مشتقة من كلمة chapeaa الفرنسية وينطقها يهود بغداد shapqa.
يذكر أيضا كلمة عراقية شهيرة هي «أبو ناجي» ويقصد به الإنجليز، وشاعت هذه التسمية بعد الحرب العالمية الأولى. فيقولون مثلا «أبو ناجي عم الوزير». كما يرصد الكتاب الكلمات العربية المشتقة من أصل إنجليزي مثل: كوب - كأس، بطل - قنينة، ورور - مسدس، رَبل - العربة المسحوبة بحصان.
يحوي الكتاب كلمات وأمثالا كثيرة وطريفة مع شرح لمعانيها وأصولها، لا أظن أن الكثير من العراقيين يعرفونها، وأخرى متشابهة في كل الدول العربية مثل: «الحر تكفيه الإشارة»: «الكلام لك واسمع يا جار»: «خوجه علي ملّا علي» وغيرها.
الكتاب الخامس «ابن مناشي» وهو مجموعة قصص قصيرة متنوعة يمكن تقسيمها زمنيا إلى ثلاث فترات، الأولى تتصل بالأيام الأخيرة لوجود العثمانيين في بغداد إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، ثم ترصد صعود المد القومي في العراق الجديد، وتبرز هنا بعض جوانب التطرف ضد «الآخر» ومنهم - تحديدا - اليهود العراقيون. وقد يكون عنوان قصة «الفرهود» هو الأقرب لذاكرة العراقيين في هذه المرحلة، لكن الحقيقة أن قصة «ابن مناشي» هي الأكثر واقعية وتعبيرا عن ارتباك المد القومي حينها وتدنيه إلى درجة خلقت الفوضى ليس على الصعيد السياسي فقط إنما في الجوانب الاجتماعية والثقافية أيضا. وابن مناشي هذا هو طفل لعائلة بغدادية يهودية، لا يذكر المؤلف اسمه، دائما يصحبه والده معه إلى مقهى الحي حيث يلتقي بأصدقائه ويبدأ الحديث المعتاد عن السياسة ومتابعة أخبار الحرب العالمية الثانية حيث يشكل راديو المقهى خلفية لأحداث القصة. وفي أحد الأيام أثناء جلوسهم المعتاد في المقهى تُسمع هتافات من بعيد «يحيا نبوخذ نصر... يحيا هتلر». أهمية القصة وتميزها هنا ليس فقط بإلقاء الضوء على بدء «التطرف القومي والديني»، إنما من الناحية الأدبية حيث يُعطى الدور الأكبر أو دور البطولة - إذا جاز لنا التعبير - للطفل ابن مناشي ليحسم الموقف. والحقيقة، لم أقرأ من قبل سوى قصة قصيرة واحدة لآرثر ميلر «بعنوان لن أحتاجك بعد اليوم» فيها أيضا يكون الطفل هو صانع الحدث والمؤثر به إلى النهاية.
أما المجموعة الثانية من القصص فتقع خلال فترة الحرب الباردة والتحولات الاجتماعية والسياسية في أوروبا، يرصدها المؤلف بعين الغريب لكن المرتبط تماما بنوع الحدث. من هذه القصص قصة بعنوان «الرحلة»، تعكس تماما أجواء التجسس والترقب والحذر وكأن شيئا ما - لا نعرف ما هو - سيحدث في أي لحظة. تبدأ القصة بالراوي كأنه يعطي اتجاهات السير على الطريق السريعة لبطل القصة، الذي أيضا لا نعرف من هو - لكن أفكاره تتقطع بين ما يبدو ذكريات عائلية حميمة مع حفيدته وبين ما يدور على الطريق وحادث اصطدام السيارتين أمامه وتجمع الناس لمشاهدة بقايا الحادث والجثث التي تبدأ بالتفحم. ثم عودة أخرى إلى التداعيات الذهنية لتبين لنا أن أحد الشخصين من «صفد» والآخر «بقفطان وعمامة»، ويسترسل المونولوغ الداخلي إلى أن يصل إلى حوار بين اثنين بسطرين فقط والمتحدث شخص واحد ليقول له - أو لنا - إن «المدعو آدم هو بالحقيقة هادم وأبراهام هو إبرآم». بسلاسة وسرعة تترك هذه القصة والقصص الأخرى مشاعر مرتبكة لكن بكمية كبيرة من المعلومات عن أوروبا - أو بريطانيا تحديدا - خلال الحرب الباردة.
القسم الثالث يحوي مجموعة قصص بلا زمن. عن الجريمة والعقاب والعدالة. حتما ترتبط بطبيعة عمل المؤلف في مجال المحاماة والقضاء لأكثر من نصف قرن.
الكتاب الأخير «ستيفان ومسرحيات أخرى» هو مجموعة مسرحيات بموضوعات مختلفة تتخذ من بريطانيا مسرحا واقعيا مثيرا لكثير من الجدل على المستويين السياسي والاجتماعي. مسرحية «ستيفان» التي أعطيت عنوانا للكتاب، هي واقع قضية هزّت القضاء البريطاني والرأي العام في السبعينات من القرن الماضي حين اتهم مراهق مهاجر مختل عقليا باغتصاب وقتل فتاة إنجليزية صغيرة ويحكم عليه بالسجن. وبعد ستة عشر عاما، بتطور أساليب التحقيق واستخدام الحمض النووي، تظهر براءة ستيفان، لكن حينها يكون ستيفان قد مات في السجن. وهذا النص يعبر فيه كازويل عن ندمه وعن القصور في أدوات وأساليب التحقيق، إذ كان هو محامي الادعاء في القضية حينها.
لا أشك أن القارئ العربي أو الإنجليزي سيجد في أعمال الدكتور فؤاد كازويل إضافة ثرية في مجالات التاريخ الإسلامي، اللغة، القصة والمسرح، لكونها ترصد بدقة وحساسية عالية فترات حرجة جدا من تاريخ المنطقة. وجدير بالذكر أيضا أن للدكتور كازويل مساهمات في الموسوعة العالمية للإسلام الصادرة من هولندا.



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».