«الشرق الأوسط» تزور مختبرات «ثينكباد»

عندما ترغب في اقتناء كومبيوتر محمول، فإن الاحتمال الأكبر لاتخاذ قرارك سيكون مبنيا على المواصفات التقنية والتصميم الخارجي والسعر، ولكن هنالك عوامل غير ظاهرة بالغة الأهمية، مثل جودة تصنيع الجهاز، وقدرته على تحمل الرطوبة ودرجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة، بالإضافة إلى تحمله للصدمات، وعدم تأثر قدرته على استقبال إشارة الشبكات اللاسلكية في الظروف الصعبة، وحماية القرص الصلب من التلف في حال سقوطه على الأرض، وغيرها.
زارت «الشرق الأوسط» مختبرات «ياماتو» التابعة لشركة «لينوفو» الإلكترونية في مدينة يوكوهاما اليابانية، للتعرف على الفحوصات المضنية التي تتعرض لها الكومبيوترات المحمولة وآليات التصنيع، في ذكرى مرور 25 عاما على إطلاق أول كومبيوتر محمول من طراز «ثينكباد» (ThinkPad) المعروف بالنقطة الحمراء الموجودة في منتصف لوحة المفاتيح لتحريك الفأرة. وتجدر الإشارة إلى أن «لينوفو» شركة صينية اشترت قسم الكومبيوترات من «آي بي إم» وحافظت على المهندسين اليابانيين العاملين في الشركة الأصلية.
- جودة تصنيع مبهرة
تحدثت «الشرق الأوسط» مع أريماسا نايتوه (Arimasa Naitoh) الملقب بـ«أبو ثينكباد» الذي طور أول كومبيوتر «ثينكباد» في القرن الماضي، حيث قال إن أهم عامل لدى تطوير أي كومبيوتر محمول جديد هو تجربة الاستخدام، وليست المواصفات التقنية وحدها. وقال إنه أطلق أول كومبيوتر «ثينكباد» في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1992 وكان طرازه «سي 700» (700C)، ليحمل مكوك الفضاء «إنديفور» أول كومبيوتر «ثينكباد» إلى الفضاء في ديسمبر (كانون الأول) 1993، الذي استطاع تحمل ظروف العمل الصعبة من الضغط وانخفاض الحرارة والإشعاعات الشمسية والتسارع الكبير، وساهم بإصلاح تلسكوب «هابل» الفضائي في تلك الرحلة، ثم لتستخدم محطتا الفضاء الدولية و«مير» الروسية هذه الكومبيوترات في عملياتها.
واستعرض كيفين بيك، كبير محللي الشركة، جودة المواد التي تُصنع منها الكومبيوترات المحمولة، حيث يستخدم بعضها ألياف الكربون نفسها المستخدمة في هياكل الطائرات (مثل كومبيوتر ThinkPad T470s)، مع استخدام البعض الآخر ألياف الكربون بالجودة نفسها المستخدمة في الأقمار الصناعية (مثل كومبيوتر ThinkPad X1 Carbon). وأكد أن فرق العمل طورت مراوح متخصصة بالكومبيوترات منخفضة السماكة، نظرا لأن انخفاض سماكة الكومبيوترات يتطلب خفض سماكة المراوح، الأمر الذي سينجم عنه اهتزاز لشفراتها والذي سيجعلها غير مستقرة وتنفصل عن محور دورانها، أو قد تصطدم بالدارات الإلكترونية المحيطة بها. ولكن استخدام سائل خاص يتم ضخه داخل هيكل المروحة يبقي المراوح منخفضة السماكة ثابتة عند الدوران بسرعات عالية لمدة طويلة، وفي ظروف حرارة متباينة.
وأضاف أن الكومبيوترات المحمولة تخضع لـ12 اختبارا وفقا لمعايير عسكرية، مثل اختبارات عدم تكون الفطريات والعفن داخل هيكل الكومبيوتر (في حال حمل المصورين في الغابات أو قوات الجيش للكومبيوترات أثناء مرورهم عبر بحيرة أو مستنقع)، والصدمات الناجمة عن شحن الكومبيوترات عبر السفن البحرية، والضغط الجوي في المناطق المرتفعة جدا، وقدرته على العمل في وجود إشعاعات في بيئة صناعية، بالإضافة إلى اختبارات عدم حدوث أي شرارة كهربائية داخلية، وهو أمر بالغ الأهمية في منشآت استخراج النفط والصناعات الغازية وفي غرف محركات السفن.
- قدرات تحمل فائقة
وتعرفت «الشرق الأوسط» على مجموعة الاختبارات التي تتعرض لها كومبيوترات «ثينكباد» قبل إطلاقها، ومن بينها قدرتها على العمل في ظروف الحرارة القاسية، حيث توضع الكومبيوترات في ثلاجات بدرجة التجمد ولفترات مطولة، للتأكد من قدرتها على العمل وعدم تأثرها بهذه الدرجات، مع وضع مراوح التبريد الداخلي في فرن خاص بدرجات حرارة مرتفعة جدا لفترات مطولة كذلك، وذلك لضمان عمل تلك المراوح في أقسى الظروف.
وقال مهندسو الشركة إن كثيرا من الأفراد والشركات يستخدمون الكومبيوترات المحمولة في مناطق تحتوي على رمال وعواصف رملية أو ترابية، وإن وجود الرمال والغبار داخل الكومبيوترات أمر قد يُعرض المراوح للتلف بسبب عدم قدرتها على الدوران بالسرعة المطلوبة بعد تجمع الغبار والرمال عليها، وبالتالي عدم قدرتها على تبريد الدارات الإلكترونية بالشكل المطلوب. ودرس المهندسون تكوين الغبار، ووجدوا أنه ينقسم لمجموعات كثيرة؛ مثل الأتربة وتجمعات الخيوط الدقيقة من القطن والخلايا الحيوانية أو البشرية، وغيرها. واستطاعت فرق الهندسة تجربة كثير من الفئات على حدة لمعرفة آلية تجمعها على المروحة، ومن ثم تطوير حلول تمنع تجمع الغبار على المروحة، كان من أبرزها إزالة الشحنة الساكنة التي تتكون على المروحة لمنع التصاق الغبار بها، وبالتالي إطالة عمر المروحة والكومبيوتر كليهما.
وشهدت «الشرق الأوسط» اختبار ثني الشاشة من جهة واحدة حادة كبيرة ولعدد مرات كبير، لتعمل الشاشة بعد ذلك بشكل طبيعي. كما صعق المهندسون الكومبيوتر بمسدس كهربائي يقدم شحنة تبلغ 15 ألف فولت، ليتخلص الكومبيوتر من تلك الشحنة فورا دون أي تأثير على عمله. الأمر نفسه حدث لدى صعق منفذ «يو إس بي» لفأرة عدة مرات ومن ثم وصلها بالكومبيوتر.
واستعرض فريق العمل القدرات الكبيرة للكومبيوترات المحمولة على تحمل الأوزان، حيث وضعوا كومبيوترا محمولا على الأرض بعد إغلاق شاشته (بقي الكومبيوتر يعمل)، ووقفوا فوقه ووضعوا وزنهم كاملا على الشاشة، ومن ثم قفزوا فوق الشاشة عدة مرات. وفتح الفريق شاشة الكومبيوتر التي كانت تعمل بشكل طبيعي دون وجود أي أثر لضرر في هيكل الكومبيوتر أو جودة الصورة.
وقام فريق العمل بمحاكاة أثر اصطدام حقيبة طلاب الجامعات بالأرض، بوضع الكومبيوتر بين قطعتين معدنيتين وطرق كل قطعة معدنية بمطرقة آلية ثقيلة كل 10 ثوان، بالإضافة إلى وضع الكومبيوتر المحمول بين راحتَي يدي روبوت يرفع الكومبيوتر عاليا ومن ثم يهبط به بسرعة كبيرة إلى الأرض ويتركه يصطدم بالأرض من زاوية الكومبيوتر المحمول، لضمان عدم تأثر تلك المنطقة الحساسة أو تحطمها.
وتجدر الإشارة إلى أن لوحات المفاتيح في هذه الكومبيوترات لا تتأثر بالبلل جراء وقوع المياه أو المشروبات الغازية فوق الأزرار، بسبب تطوير مسارات داخلية للسوائل تخرجها من جانب الجهاز، مع استخدام طلاء واق للدارات الإلكترونية لمنع تأثرها في حال وصول السوائل إليها.
وتحدثت «الشرق الأوسط» كذلك مع ديليب باتيا (Dilip Bhatia)، نائب رئيس وحدة تجارب المستخدمين والعملاء في مجموعة «لينوفو» للكومبيوترات والأجهزة المحمولة، الذي وصف رحلة تطوير تجربة المستخدمين بالاستماع إلى احتياجاتهم من خلال برمجيات تفحص مئات المواقع وملايين التعليقات المرتبطة بالكومبيوترات، وتنتقي الإيجابي والسلبي وتبرز الأهم فيهما، بالإضافة إلى وجود فرق تتابع المستخدمين (مثل الموظفين والطلاب واللاعبين) في حياتهم اليومية وتراقب احتياجاتهم ومشكلاتهم والتحديات التي يواجهونها. وأضاف أن مستقبل التفاعل مع الكومبيوترات المحمولة سيكون من خلال نظارات الواقع المعزز (Augmented Reality) والمساعدات الشخصية المنزلية، لتصبح امتدادا لتجارب الكومبيوترات الشخصية.
- إصدار كومبيوتر «ثينكباد» يوبيلي
- احتفالا بمرور اليوبيل الفضي (25 عاما) على إطلاق أول كومبيوتر «ثينكباد»، كشفت الشركة عن إصدار محدود من الكومبيوتر اسمه «ثينكباد إصدار ذكرى 25 عاما» (ThinkPad Anniversary Edition 25) يحتوي على أبرز مزايا التصميم الكلاسيكي للكومبيوتر، مثل تقديم 7 صفوف من أزرار لوحة المفاتيح، وأزرار خاصة لتغيير درجة ارتفاع الصوت، واستخدام عدة مؤشرات ضوئية، بمواصفات تقنية حديثة. ويستخدم الكومبيوتر معالج «إنتل كور آي 7» من الجيل السابع، وبطاقة رسومات متخصصة من طراز «إنفيديا جيفورس 940 إم إكس» وشاشة بقطر 14 بوصة، بالإضافة إلى ذاكرة بحجم 16 غيغابايت، وسعة تخزينية مدمجة تبلغ 512 غيغابايت (بتقنية الحالة الصلبة SSD) و3 منافذ «يو إس بي» ومنفذ لقراءة بطاقات الذاكرة المحمولة «إس دي»، وآخر لعرض الصورة على الشاشات عالية الدقة HDMI، مع دعمه للشبكات السلكية واللاسلكية واستخدام نظام التشغيل «ويندوز 10». ويبلغ سعر الكومبيوتر 1899 دولارا، وسيطلق بكمية محدودة.