بغداد تعتبر استقدام «العمال الكردستاني» إلى كركوك «إعلان حرب»

قيادي كردي بارز: اجتماعات بين البيشمركة والجيش للتهدئة

رتل تابع للشرطة الاتحادية في طريقه إلى الأطراف الجنوبية لكركوك أمس (أ.ف.ب)
رتل تابع للشرطة الاتحادية في طريقه إلى الأطراف الجنوبية لكركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

بغداد تعتبر استقدام «العمال الكردستاني» إلى كركوك «إعلان حرب»

رتل تابع للشرطة الاتحادية في طريقه إلى الأطراف الجنوبية لكركوك أمس (أ.ف.ب)
رتل تابع للشرطة الاتحادية في طريقه إلى الأطراف الجنوبية لكركوك أمس (أ.ف.ب)

اعتبرت الحكومة العراقية أمس وجود «مقاتلين من حزب العمال الكردستاني التركي» في محافظة كركوك المتنازع عليها مع الأكراد، بمثابة «إعلان حرب». وأعلن المجلس الوزاري للأمن برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان أن وجود «مقاتلين» هو «تصعيد خطير» و«إعلان حرب»، وحذر من «عناصر مسلحة خارج المنظومة الأمنية النظامية في كركوك (...) وإقحام قوات غير نظامية بعضها ينتمي إلى حزب العمال الكردستاني التركي».
إلى ذلك، كشف قيادي كردي بارز أمس، عقد الجيش العراقي وقوات البيشمركة اجتماعات في كركوك وصولاً إلى حل للأزمة العسكرية التي تشهدها المحافظة وكل المناطق المتنازع عليها، نافياً علمه بنشر «الحرس الثوري» الإيراني قواته على الخط الفاصل بين الجانبين. في غضون ذلك، انسحبت بعض القطعات الصغيرة من الحشد الشعبي الموجودة في طوزخورماتو إلى قواعدها قرب منطقة الزركة جنوب القضاء بعد أن قدمت إلى المنطقة أخيراً للمشاركة في الاستعدادات التي اتخذتها القوات العراقية للسيطرة على كركوك والمناطق الأخرى.
وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي الكردستاني وقائد قوات البيشمركة في محاور كركوك، محمد حاج محمود لـ«الشرق الأوسط»: «قوات البيشمركة حصنت موقعها واتخذت كامل استعداداتها لمواجهة أي طارئ، ونحن في كردستان نؤكد دائماً أننا لن نبادر إلى الحرب، لكن إذا تعرضنا للهجوم فإننا سندافع عن أنفسنا».
وعما إذا كان «الحرس الثوري» الإيراني يلعب دور الوساطة في حل المشكلات بين ميليشيات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة ونشر أخيراً عناصره على الخط الفاصل بين البيشمركة والحشد في كركوك للحؤول دون وقوع تصادم بين الجانبين، أوضح حاج محمود: «ليس لدي علم بهذا الموضوع، لكن هناك محادثات بين قوات البيشمركة والجيش العراقي، وقد عُقد بين الجانبين اجتماع بهذا الخصوص أمس (السبت)».
وحشدت القوات العراقية المتمثلة بالحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والجيش وقوات مكافحة الإرهاب خلال الأيام القليلة الماضية قواتها في المناطق الجنوبية والغربية من مدينة كركوك، واتخذت مواقعها ومركزت أسلحتها الثقيلة أمام خطوط قوات البيشمركة، وقد طالبت خلال اليومين الماضيين البيشمركة بالانسحاب من كركوك إلى حدود ما قبل عام 2014، لكن قوات البيشمركة رفضت وأعربت عن استعدادها لمواجهة هذه القوات فيما إذا حاولت التقدم وشن هجوم على كركوك. وقال حاج محمود الموجود منذ أيام في جبهات كركوك: «قوات البيشمركة أخذت على عاتقها الدفاع عن كركوك، والبيشمركة هي القوات التي هزمت تنظيم داعش في العراق، وتحمي هذه المناطق منذ أكثر من 3 أعوام، كنا نظن أن الحكومة العراقية ستشكرنا بعد انتهاء المعارك مع (داعش)، ولم نكن نعرف أنها ستهاجمنا بالأسلحة الأميركية وبالقوات العراقية والتكنولوجيا الحديثة التي بحوزتها».
وشدد حاج محمود على أن حل الأزمة بين الجانبين مرتبط بالقرار السياسي، ودعا بغداد إلى مراجعة قراراتها، مضيفاً أن الحشد الشعبي شُكل لمحاربة «داعش» ولم يُشكل لمحاربة قوات البيشمركة والهجوم على كردستان.
في غضون ذلك، انسحبت أمس بعض قطعات الحشد الشعبي من ناحية تازة ومن حدود قضاء طوزخورماتو، لكن نائب مسؤول مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في طوزخورماتو، حسن بهرام أكد أن قوة صغيرة من الحشد انسحبت فقط بينما ما زالت القوات الأخرى تتمركز في طوزخورماتو وأطراف كركوك، وأضاف بهرام: «أخلت قوة من الحشد الشعبي موقعها قرب الحي الصناعي في ناحية تازة، لأن الموقع كان قريباً جداً من مواقع قوات البيشمركة، أما في طوزخورماتو فانسحبت قوة من فصيل الخراساني كانت تتكون من 3 دبابات ومجموعة من المسلحين قد تمركزت أول من أمس في قرية ينكيجة جنوب طوزخورماتو إلى مواقعها في منطقة الزركة جنوب القضاء»، مبيناً أن قطعات الحشد الشعبي ما زالت موجودة في مركز القضاء وأطرافه ولم تنسحب.
ونفى بهرام إجراء أي مفاوضات مباشرة بين الجانب الكردي والحشد الشعبي، مشيراً إلى أن هناك اتصالات هاتفية بين الجانبين لتهدئة الوضع. وأكد بهرام: «لن يشهد طوزخورماتو استقراراً ما دام هناك وجود للحشد الشعبي فيها الذي حول المدينة إلى معسكر، فهذه الفصائل وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية هاجمت الكرد في القضاء عدة مرات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم