مخاوف من اضطرابات بعد فوز «مرشح السلطة» برئاسة قرغيزستان

جينبيكوف حصل على 55 % من الأصوات في الجولة الأولى

TT

مخاوف من اضطرابات بعد فوز «مرشح السلطة» برئاسة قرغيزستان

فاز سورون بك جينبيكوف، المرشح المقرب من السلطة، أمس في الانتخابات الرئاسية في قرغيزستان بحصوله على نحو 55 في المائة من الأصوات، وهي نتيجة تأتي متعارضة مع التوقعات؛ ما يثير مخاوف من حدوث اضطرابات.
وقال نورجان شايلدابيكوفا، رئيس اللجنة الانتخابية المركزية في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى، إنه «بناء على معطيات أولية، حل جينبيكوف في الطليعة»، وذلك بعد فرز 95 في المائة من البطاقات. وحصل منافسه الرئيسي عمر بيك بابانوف على نحو 33 في المائة من الأصوات.
وتثير هذه النتيجة، في وقت كانت استطلاعات الرأي توقعت فيه منافسة أكثر حدة بينهما، مخاوف من حدوث اضطرابات. وقالت متحدثة باسم بابانوف إن فريقها يجري «عملية فرز موازية» لبطاقات التصويت.
من جانبه، قال قندوز جولدوباييف، المتحدث باسم فريق سورون بك جينبيكوف، إن «فريقنا مرتاح للنتائج الإيجابية المعلنة من اللجنة الانتخابية المركزية».
وكانت تمت دعوة ثلاثة ملايين ناخب مسجل للتصويت. وفاقت نسبة التصويت بالكاد 50 في المائة بحسب اللجنة الانتخابية. وأعلن الرئيس الحالي، ألمظ بك اتامباييف، صراحة وقوفه إلى جانب سورون بيك جينبيكوف، مرشح الحزب الاشتراكي - الديمقراطي القرغيزي. وأكد اتامباييف أن السلطات «سجنت وستواصل سجن» المسؤولين السياسيين الذين يحضّرون لاضطرابات بعد إقفال مكاتب التصويت، «حتى لا يعكّروا صفو الاحتفال. يجب أن تكون الانتخابات عرساً».
وقد توجه الناخبون في قرغيزستان، أمس، إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات يفترض أن تؤدي إلى أول انتقال سلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين، فيما يعتبر اختبارا للديمقراطية في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى.
وتنافس في الانتخابات 11 مرشحا في الانتخابات التي تنافس فيها بشكل أساسي مرشحان بارزان، هما رئيسا الوزراء السابقان سورون بك جينبيكوف وعمر بيك بابانوف.
وفي العاصمة بشكيك، التقط ناخبون صورا لهم مع جينبيكوف، المرشح المدعوم من الرئيس المنتهية ولايته يلماظ بيك اتامباييف، ومنافسه الرئيسي بابانوف. لكن عملية التصويت عكرها الإعلان أمس عن توقيف نائب سابق تتهمه الأجهزة الأمنية بأنه أراد إثارة الاضطرابات بعد الإعلان عن النتائج. وهذا ما منع بعض الناخبين من التوجه إلى مراكز التصويت للإدلاء بأصواتهم.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال فاليري كيرليلنكو، سائق سيارة الأجرة في بشكيك «لا أريد أن أذهب وأدلي بصوتي». وأضاف: «سمعت من يقول: إن اضطرابات ستحصل إذا ما خسر هذا المرشح أو ذاك».
ومنذ 2011. يترأس اتامباييف قرغيزستان التي شهدت ثورتين خلال 25 عاما من الاستقلال، أدّتا إلى سقوط رئيس الدولة في 2005 ثم في 2010. وتحركات كثيرة من أعمال العنف الإتنية. ولا يحق لاتامباييف بموجب الدستور أن يترشح لهذه الانتخابات.
وإبان رئاسته، تقربت قرغيزستان سياسيا من روسيا، ساعية في الوقت نفسه إلى الحصول من الصين على دعم اقتصادي حيوي لتطور البلاد. وإذا كان عهد اتامباييف قد خلا من أعمال العنف، إلا أنّه لم يخل من التدابير القمعية والتوترات لدى اقتراب الانتخابات.
وأعلن الرئيس الحالي صراحة وقوفه إلى جانب سورون بيك جينبيكوف، مرشح الحزب الاشتراكي - الديمقراطي القرغيزي. وقال جينبيكوف أمس إنّه صوّت «من أجل الاستقرار».
ومنافسه الرئيسي هو النائب الملياردير عمر بيك بابانوف (47 عاما) الذي كان أيضا رئيسا للوزراء. وقد جمع ثروته في مجال النفط، ويعتبر واحدا من أغنى الرجال في البلاد، ودائما ما يوجه إليه اتامباييف الانتقادات. وأعرب عمر بيك بابانوف «عن ثقته التامة» بالفوز، لكنه اتهم أيضا الأجهزة الأمنية «بالتحضير لاستفزازات» من أجل التأثير على نتائج الانتخابات.
وأكدت برمت أولانوفا (39 عاما) أنها صوّتت لمصلحة بابانوف «لأنه غني وناجح وحيوي وجميل المحيا. أعد برنامجا جيدا». وتتناقض الحياة السياسية القرغيزية مع الحياة السياسية في البلدان المجاورة في آسيا الوسطى، حيث يعد تولي الرؤساء المستبدون الحكم مدى الحياة هو القاعدة. لكن ديردري تينان، مديرة آسيا الوسطى في «مركز الأزمات الدولية» للدراسات، قالت إن «هذه الانتخابات يمكن، إذا ما أسيئت إدارتها، أن تؤدي إلى تحطيم الواجهة الديمقراطية لقرغيزستان».
ومن المتوقع أن تضطلع التقسيمات المناطقية التي عززتها الجغرافيا الجبلية للبلاد، بدور أساسي في الانتخابات.
وحالت شعبية عدد كبير آخر من المرشحين، من تيمير سارييف - رئيس سابق أيضا للوزراء - إلى القومي اداخان مادوماروف، دون حصول واحد من الاثنين الأوفر حظا على نسبة الـ50 في المائة من الأصوات للفوز من الدورة الأولى. كما يلعب تصويت الأقلية الأوزبكية التي كانت هدفا لأعمال عنف اتنية في 2010، دورا أساسيا أيضا.
وأعلن المدعي العام في البلاد الجمعة أنه سيجري تحقيقا حول التصريحات التي أدلى بها بابانوف خلال اجتماع في منطقة يشكل الأوزبك أكثرية سكانها، معتبرا أن هذه التصريحات تحرّض على الكراهية العنصرية.
وتأتي هذه الاتهامات بعد توقيف السلطات حليفا قريبا من بابانوف، متهما بمحاولة انقلاب وحملة إعلامية عنيفة جدا ضد رجل الأعمال قالت إنه يعمل لحساب كازاخستان.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».