الانتخابات و«استراتيجية مواجهة إسرائيل» أولويتان للفصائل في «المصالحة الموسعة»

البرغوثي لـ «الشرق الأوسط»: لا مشكلة في التوافق على اسم رئيس الحكومة

TT

الانتخابات و«استراتيجية مواجهة إسرائيل» أولويتان للفصائل في «المصالحة الموسعة»

حددت فصائل وقوى فلسطينية ستشارك في اجتماع «المصالحة الفلسطينية الموسعة» الذي تستضيفه مصر، الشهر المقبل، أولوياتها خلال جلسات المفاوضات، التي تركزت على ضرورة الاتفاق على آلية إجراء الانتخابات التشريعية بشكل تفصيلي، وضرورة التوافق على استراتيجية موحدة لـ«مواجهة إسرائيل» وصياغتها بشكل جماعي ضمن المشروع الوطني الفلسطيني، وذلك بحسب ما أفادت مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
وكانت مصر نجحت في إتمام المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» بعد جولتين من المفاوضات، على مدار شهر، أثمرتا اتفاقاً لتفعيل «اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني»، التي أبرمت في القاهرة عام 2011. ووجهت الدعوة لعقد اجتماع في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على الاتفاقية.
واتفاقية «الوفاق الوطني الفلسطيني» التي أشار إليها ممثلو «فتح» و«حماس»، هي تلك التي وقعها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» سابقاً، خالد مشعل، بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في 4 مايو (أيار) 2011، وحملت كذلك توقيع قوى عدة منها: حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «القيادة العامة»، وحزب الشعب، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والجبهة العربية الفلسطينية، وجبهة التحرير العربية، وجبهة التحرير الفلسطينية، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا».
وقال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم النقاط التي تسعى إليها حركته في الاجتماع المقبل هي «التوافق على استراتيجية موحدة لمواجهة إسرائيل، وبحث آلية إجراء الانتخابات المقبلة، ودخول كافة القوى تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية».
وأضاف البرغوثي أن مسألة التوافق على إقامة حكومة وحدة وطنية من الموضوعات الهامة التي ستحسمها جولة «المصالحة الموسعة»، فضلاً عن اتخاذ قرارات تتعلق بتطبيق توصيات لجنة الحريات المرتبطة «بوقف الاعتقال السياسي، ومعاملة كافة المواطنين بشكل متساوٍ بعيداً عن الانتماء السياسي».
وأعرب البرغوثي عن اعتقاده بأن مسألة التوافق على اسم رئيس للحكومة، لا تشكل أزمة و«لا ينبغي لها أن تكون، خصوصاً أن القوى الفلسطينية سبق لها اختيار حكومة وحدة وطنية».
من جهته قال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» نافذ عزام لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نسعى بكل قوة لتمتين الجبهة الداخلية وتحقيق التوافق، في كل الملفات العالقة، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وفي مقدمة ذلك ما يتعلق بالمشروع الوطني الذي نشعر أنه اهتز كثيراً، وذلك عن طريق نقاش جاد وموسع لبحث طريقة مواجهة المحتل، سواء عن طريق منظمة التحرير أو غيرها».
وأعرب عزام عن اعتقاده بأن هناك ضرورة قصوى لإجراء انتخابات المجلس الوطني «الذي يمثل الفلسطينيين في الداخل والخارج». وبرأي عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة العربية لتحرير فلسطين» والناطق باسمها، صلاح أبو ركبة، فإن القوى الفلسطينية تعلق الكثير من الآمال على اجتماع المصالحة الموسع، معرباً عن أمله بتوقيع «اتفاق واحد يُمكّن الجميع من مواجهة التحديات المطروحة على القضية الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، بما يساهم في تحرك جماعي لرفض السياسيات الاستيطانية والتوسعية لتل أبيب».
وتطرق أبو ركبة، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، إلى الانتخابات المرتقبة، وقال: «سيكون مطلوباً من المجتمعين في القاهرة أن يوقعوا على حسم مسألة نظام الانتخابات، وطبيعته من حيث النظام الفردي أو القوائم أو المختلط، وكذلك المدى الزمني لإتمام الاستحقاق».
وبشأن الضمانات المتوافرة لتفعيل اتفاق المصالحة وعدم تكرار وقف العمل به كما جرى في عام 2011، قال أبو ركبة: «تدخل مصر القوي، وتوقيع المصالحة السابق بين (حماس) و(فتح) على قاعدة (لا غالب ولا مغلوب) أهم الضمانات».
أما البرغوثي فيرى أن «الشعب الفلسطيني غاضب ويعاني من الانقسام، وبالتالي فلن يسمح بأن تعود القوى الوطنية، دون اتفاق ومصالحة». ويضيف: «مصر ألقت بثقلها في القضية وهذه من العوامل الهامة للغاية بالنسبة لنجاح اللقاء المقبل».
ويشير عزام إلى أن «أهم ضامن هو الشعب الفلسطيني الذي يعيش ظروفاً صعبة في معاناة ونقص موارد وانقطاع للخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، كل ذلك مضاف إلى التعويل على الدور المصري المساعد والمساند للمصالحة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».