ما نوعية الأعمال الأدبية العربية التي تستهوي دور النشر الأجنبية؟

عن هموم عالم الترجمة والمصاعب المتعلقة بها التي تقوم على كاهل المترجمين بالدرجة الرئيسية والمحررين ودور النشر وغيرهم من المؤسسات التي تعنى بنقل المعرفة والنتاج الإبداعي بين الشعوب ولغاتها، نظمت المكتبة البريطانية وبالتعاون مع نادي القلم البريطاني ومؤسسة الكلمة الحرة في لندن والمركز العربي البريطاني ومجلس الفنون البريطانية ومؤسسة جائزة مان بوكر للرواية (بوكر)، يوما دوليا لمناقشة واقع الترجمة في جميع المجالات، من ترجمة لوائح حقوق الإنسان إلى ترجمة أدب الطفل، ومن ترجمة الشعر والمسرح إلى ترجمة الكتب العلمية، وتفحص المؤثرات الإيجابية التي من شأنها تطوير وتسريع ورفع كفاءة النصوص المترجمة، واستقراء مدى حيادية الترجمة في كل أنواع النصوص ولمختلف المؤلفين. وشهد مركز المعرفة وقاعاته الثلاث في المكتبة البريطانية وعلى مدار يوم كامل ورشا للترجمة وندوات مفتوحة جمعت المترجمين مع الكتاب والمحررين ومندوبي دور النشر وطلاب أقسام اللغات المختلفة والترجمة والصحافيين ومندوبي متاجر بيع الكتب والجمهور العام.
في المحور الصباحي تمت مناقشة الطابع المتغير للديموغرافية البشرية في مدن المملكة المتحدة، وتعريف المترجم وكيف نصل إليه، وهل الجيل الجديد من المترجمين هم أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين بدلا من كونهم أكاديميين متخصصين في لغة ثانية كما هو المتعارف عليه في الماضي، وهل سيجعل خروج بريطانيا من إطار الاتحاد الأوروبي واقع الترجمة والتبادل الثقافي في حال أسوأ أم أحسن، وأخيراً وهل عملية الترجمة تواكب بشكل دقيق اختلاف الثقافات المعاصرة؟ هذا المحور أُدير برعاية مركز ترجمة الشعر وشاركت فيه كل من سارة أرديزون وهي مترجمة متخصصة بالفرنسية وحازت على عدة جوائز، والشاعر والمترجم السويسري فاني بيانكوني والبرفسور والمترجم أدريان بلاكيج من جامعة برمنغهام والمترجمة والأستاذة في جامعة الدراسات الشرقية في لندن فرانسيسكا ماكنيل التي تعمل على ترجمة بعض أعمال الروائي غالب هلسا إلى الإنجليزية.
وتضمن المحور الصباحي ورشة للترجمة نظمتها المترجمة عن الفرنسية هلين ستيفنسون هلين، التي شاركت الحاضرين خبرتها العملية في الترجمة والصعوبات التي تواجهها وكذلك قدمت بعض التمارين والنصائح العملية التي تيسر عملية الترجمة وكيف أن التعامل المباشر مع المؤلف ينتج عنه كتاب مترجم جيد.
تضمن المحور الصباحي أيضا شرحا مطولا من قبل المشرفين في المكتبة البريطانية عن التسهيلات والمصادر التي تقدمها المكتبة للمترجمين والمختصين بترجمة النصوص والنسخ القديمة التي تحتويها المكتبة البريطانية. ويحتوي أرشيف المكتبة على نصوص أدبية قديمة الترجمة بالإضافة التي التسجيلات الشفاهية والتاريخية وخزين هائل من المطبوعات في مختلف لغات العالم.
يلي ذلك محور لترجمة الشعر وتطرق إلى الصعوبات الجمة التي تواجه مترجمي الشعر بالأخص، وما الوسائل التي يجب اعتمادها من قبل المترجم، هل هي الترجمة الفردية أم الترجمة الثنائية أم الترجمة الجماعية أم مترجم وشاعر يعيد صياغة النص بنبرة شعرية تقربها إلى النص الأصلي؟ شارك في هذا المحور الذي رعاه مركز ترجمة الشعر كل من صوفي كولنز الشاعرة ومحررة عدة مواقع إلكترونية تعنى بالشعر وترجمته، والكسندرا باشلر وهي مترجمة ومشرفة على موقع «أدب بلا حدود» الذي يعنى بترجمة الشعر من وإلى اللغات الأوروبية، وأليس مولن مديرة جمعية كتاب الشعر البريطاني.
وعُقِد محور آخر عن علاقة الترجمة بالنصوص التي تتناول موضوعات حساسة كالجنس والتابوهات الأخرى، وكيف يتعامل المترجم مع اختلاف الثقافات في النصوص التي يكون الجنس محورها وتترجم إلى لغة أخرى تكون أكثر تحفظا مع مثل هذه النصوص.
وكيف يصل المترجم إلى درجة مقبولة من تمثل النص الأصلي باللغة الأخرى؟ شارك في هذا النقاش كل من إميلي روز وهي باحثة أكاديمية من جامعة إيست أنجليا والباحث والمترجم التايواني شنك جي هسو من جامعة وروك والمترجمة ديبورا سمث.
وعقدت في فترة الظهيرة ورشة ثانية لترجمة الشعر بصورة عملية، من قبل الشاعرة كلير بولارد والمترجم في جامعة الدراسات الشرقية (سوس) الدكتور مارتن أورين وقد تم ترجمة نصوص شعرية للشاعرة الصومالية عايشة محمد يوسف.
وعقد محور آخر تناول التطورات الحاصلة في عملية ترجمة النصوص الأدبية وكيف أن مهنة المترجم الأدبي قد تطورت في السنتين الماضيتين كثيرا، متيحة فرصا كثيرة للترجمة نتيجة انتشار الكتب الناجحة والتي تحصد الجوائز الأدبية العالمية. ساهم في هذا المحور المترجمان الزائران في المكتبة البريطانية وهما جن كاليشا وروث كلارك.
محور آخر تناول ما هو المناسب وغير المناسب عندما تتعلق الترجمة بأدب الطفل في الثقافات المختلفة، وكيف يتعامل المترجم مع ترجمة القصة التي تقارب مواضيع حساسة إلى اللغة الأخرى. وشارك في هذا المحور كل من ميلاني ماك غلاوي المكتبية المتخصصة بأدب الطفل واليساندرو كالنزي الشاعر والمترجم والناشر وآلان الجرين بيترسون الناشر الدنماركي المختص بأدب الطفل.
محور آخر أدارته المترجمة والأكاديمية آماندا هوبكنسن وقدمت فيه ثلاثة كتاب من جنوب أفريقيا ترجمت أعمالهم التي حفلت بثيمات حقوق الإنسان، بينما ناقشت البرفسورة أليسون فيبس من جامعة كلاسكو التي تشغل كرسي اليونيسكو في منظمة دمج اللاجئين عبر اللغة، تصادمات الحياة العملية التي يواجهها المهاجرون واللاجئون حينما يغادرون أوطانهم، وقد رافقها في هذا المحور الشاعر والمترجم توانا سيثول وكذلك شاركت في هذا المحور سامنثا شني المؤسسة والمحررة في منظمة كلمات بلا حدود.
ختام الفعاليات كان بمحور للترجمة من العربية، وقد ناقش مدى تأثير الأدب المنتج في البلدان التي تتكلم العربية على القراء الذين يقرأون هذا الأدب باللغة الإنجليزية، وما نوعية الأعمال الأدبية التي تستهوي دور النشر الأجنبية لترجمتها وكيف تؤكد أو تناقض الصورة النمطية عن العالم العربي، وهل الأعمال العربية المترجمة تكفي لكي تعطي القارئ العالمي فكرة شاملة وواضحة عما يدور في العالم العربي؟ ولماذا يتم اختيار أعمال أدبية دون غيرها، وهل هناك محاباة لكاتب أو لعمل أدبي على غيره في عملية الترجمة؟ شارك في هذا المحور الروائي والمترجم والناشر العراقي علي بدر والمترجمة ومنسقة مهرجان شباك للثقافة العربية أليس كوثري ومحررة موقع الأدب العربي بالإنجليزية على الشبكة العنكبوتية مارشا لينكس والبرفسورة في الثقافة العربية في جامعة الدراسات الشرقية وين جن أويانغ.