مناطق «داعش» تتراجع إلى 8 % من سوريا

علقت، أمس، المحادثات الهادفة إلى توفير ممر آمن لإخراج المدنيين العالقين في آخر نقاط سيطرة تنظيم داعش في مدينة الرقة، بسبب تفاقم النقاط الخلافية وأبرزها إصرار التحالف الدولي على تسلم المقاتلين الأجانب ورفض خروجهم ضمن أي صفقة تؤدي لإعلان تحرير الرقة بشكل كامل.
وأفادت موسكو بتراجع سيطرة «داعش» إلى 8 في المائة من الأراضي السورية البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، بعدما كانت نصف سوريا قبل سنتين.
وفيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر محلي قريب من عملية التفاوض أن المحادثات التي يقودها مجلس الرقة المدني الذي يضم ممثلين عن أبرز عشائر المحافظة «توقفت لأن فكرة خروج أمنيين وعدم معاقبتهم مرفوضة تماماً»، نفى رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذا الموضوع، وأكد أنّها لا تزال مستمرة.
من جهته، تحدث أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»، والخبير في شؤون «داعش» عن تعليق هذه المحادثات لا توقفها، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاوضات كانت ناشطة صباح يوم أمس (الجمعة)، بين شيوخ العشائر ومفاوضين من (سوريا الديمقراطية)، لكن تم تعليقها بسبب خلافات على عدة نقاط أبرزها طلب التحالف بتسلم المقاتلين الأجانب في التنظيم، ورفض (داعش) الخروج إلا مع بعض الأسلحة وباتجاه دير الزور حصراً».
وأشار مصطفى بالي، الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية» إلى أن المبادرة في هذا المجال يتولاها وجهاء وشيوخ العشائر كما مجلس الرقة المدني، ونحن أبلغناهم منذ البداية جهوزيتنا للتعاطي بإيجابية مع هذا الملف من منطلق أنه ملف إنساني.
وأضاف بالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في حال طُلب منا تهدئة الاشتباكات على محور معين لإجلاء المدنيين، بالتأكيد لن نمانع ذلك». وإذ أكد بالي أن المفاوضات حالياً مرتبطة بإجلاء المدنيين حصرا، أوضح أن المعارك لا تزال مستمرة داخل المدينة على 3 محاور هي محور المشفى الوطني، وحديقة 7 نيسان، والملعب الأسود، نافياً تماماً أي حديث عن هدنة أو وقف إطلاق نار.
واستمرت الغارات الجوية على الرقة، حيث أفاد ناشطون بأن طائرات التحالف الدولي قتلت الخميس 35 مدنياً في غارات على المدينة. وذكرت شبكة «شام» أن طائرات التحالف أغارت على حي البدو في الرقة، وذلك في إطار دعمها لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
ومع تصاعد كثافة الغارات الجوية، فرّ مئات المدنيين من منطقة الملعب الرياضي في الرقة، وقال بعضهم إن كثافة القصف دفعت عناصر «داعش» كما يبدو إلى «التقهقر أو الاختباء تحت الأرض، مما منحهم فرصة للفرار».
في هذا الوقت، واصل التنظيم المتطرف عملياته الانتقامية من الخسائر التي يتكبدها في معظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته. وقال مصدر طبي بالهلال الأحمر الكردي إن مهاجمين انتحاريين من «داعش» قتلوا 50 شخصاً على الأقل في هجوم بثلاث سيارات ملغومة الخميس بين مجموعة من النازحين في شمال شرق سوريا.
وأضاف المصدر لـ«رويترز» أن عدداً كبيراً من الأشخاص أصيبوا أيضاً في الهجوم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجوم وقع في أبو فاس قرب الحدود بين محافظتي دير الزور والحسكة. وذكر المرصد أن من بين القتلى نازحين فروا من القتال في دير الزور بالإضافة إلى أعضاء بقوة الأمن الكردية المعروفة باسم «الآسايش»، فيما قال التلفزيون السوري إن عشرات قتلوا في الهجوم.
وفي دير الزور، أعلن «المرصد» أن قوات النظام بدعم روسي فرضت حصاراً كاملاً على المدينة، منهيةً بذلك وجود التنظيم في الضفاف المقابلة لدير الزور. وتحدث عن اشتباكات عنيفة على محاور في الضفاف الشرقية لنهر الفرات. وأضاف: «تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم استراتيجي، والسيطرة على كامل الضفاف المقابلة للمدينة، وبالتالي فرض طوق بشري كامل يضيق الحصار بشكل أكبر على التنظيم، داخل أحياء مدينة دير الزور في الضفة الغربية من النهر، كما يُسهِم هذا التقدم وإنهاء وجود التنظيم في الضفة الشرقية المواجهة لمدينة دير الزور، في رصد مناطق مقابلة للنهر من مدينة دير الزور نارياً، وتحجيم حركة التنظيم في هذه المناطق».
من جهتها، تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن «إحكام وحدات من الجيش سيطرتها على قرية حطلة ودوار الحلبية في منطقة الصالحية عند المدخل الشمالي لمدينة دير الزور»، لافتةً إلى أن «وحدات أخرى أحكمت سيطرتها على حيي البلعوم والمديحي في مدينة الميادين بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي (داعش) فيهما».
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الروسية في سوريا تمكنت خلال شهر من القضاء على أكثر من 30 قيادياً في «داعش». وقال سيرغي رودسكوي، مدير العمليات في هيئة الأركان الروسية في تصريحات أمس إن مساحات سيطرة التنظيم الإرهابي في سوريا تقلصت حتى 8 في المائة فقط من الأراضي السورية بعد أن تم تحرير عدد كبير من البلدات خلال الآونة الأخيرة.
وفي إطار جملة الاتهامات الروسية المستمرة منذ عدة أيام للقوات الأميركية، قال رودسكوي إن نحو 450 إرهابياً قادماً من المناطق التي تسيطر عليها القوات الأميركية في التانف شنوا هجمات ضد قوات النظام السوري.