مصر: تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر

عضو بمجلس مكافحة الإرهاب لـ «الشرق الأوسط» : تقييدها دستورياً «خطأ»... لكن الوقت غير ملائم للتعديل

السيسي (رويترز)
السيسي (رويترز)
TT

مصر: تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر

السيسي (رويترز)
السيسي (رويترز)

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا بإعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 3 أشهر جديدة، اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح اليوم (الجمعة)، الموافق الثالث عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ونص القرار، الذي نشرته الجريدة الرسمية أمس، على أن «تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين».
وأعلنت مصر حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في 10 أبريل (نيسان) الماضي، بعد هجومين إرهابيين استهدفا كنيستين، تم تمديدها في 10 يوليو (تموز) الماضي لفترة أخرى، انتهت رسميا يوم الثلاثاء الماضي.
وقال الفقيه الدستوري رجائي عطية، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار أمس يعد إعلانا جديدا لحالة الطوارئ بعد فاصل زمني، وليس تمديداً للإعلان السابق، التزاماً بنص دستوري يمنع مد الحالة الواحدة لأكثر من مرة أخرى، لكنه يسمح لرئيس الجمهورية بإعادة إعلانها بعد انتهاء فترة المد».
ووفقا للدستور المصري، يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز 3 أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب. وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، في حين لا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.
ورأى عضو مجلس مكافحة الإرهاب، أن «تقييد الدستور مدة إعلان حالة الطوارئ بثلاثة أشهر وقصر تمديدها على فترة واحدة، أمر خاطئ وغير ملائم للظروف التي تعيشها مصر حاليا، لكن الوقت غير مناسب أيضا لتعديل الدستور... الأمر الذي أدى لإصدار قرارات جديدة بفواصل زمنية تجنبا لمخالفة الدستور».
كما انتقد عطية أيضا اشتراط الدستور موافقة البرلمان على إعلان رئيس الجمهورية، مؤكدا أن مثل هذه الحالات يجب أن تكون فيها السلطة مطلقة لرأس السلطة التنفيذية؛ حتى لا نواجه بأزمات حال رفض البرلمان.
ويتعين عرض إعلان حالة الطوارئ على البرلمان خلال سبعة أيام، حيث يملك المجلس الموافقة أو الرفض، لكن مصادر برلمانية توقعت لـ«الشرق الأوسط» موافقة البرلمان بـ«الأغلبية الساحقة»، مثلما حدث في المرات السابقة.
وشدد عطية على أن مصر تواجه بالفعل حربا حقيقية، أكبر من حربها السابقة مع إسرائيل، وتخوض معارك مع عناصر إرهابية داخلية وخارجية، ليس فقط في سيناء، بل في القاهرة والدلتا والمحافظات المصرية كافة، مؤكدا أن تلك الحرب مع الإرهاب سبب قوي لإعلان حالة الطوارئ، التي لا جدال في أنها ضرورية لتأمين الأمن القومي المصري.
وتشهد مصر منذ سنوات أعمالاً إرهابية متفرقة، وبخاصة في شمال سيناء، تزايدت خلال السنوات الأربع الأخيرة، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، المنتمي لجماعة الإخوان «المحظورة».
ومنذ عام 2014، تم فرض حالة الطوارئ جزئيا في بعض المناطق بشمال سيناء، وتم التجديد كل ثلاثة أشهر، حيث كان آخر تجديد في يناير (كانون الثاني) 2017.
وفوض القرار الجمهوري أمس رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، كما نص على أن «يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه».
من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس النواب، المستشار بهاء أبو شقة، إنه سيتم عرض القرار على المجلس وفق النصوص الدستورية خلال 7 أيام من اتخاذه على أن تتم الموافقة عليه من البرلمان بأغلبية الأعضاء، منوها إلى أن «البرلمان يدعم الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة في القيام بعملها».
ونبه إلى أنه «نظرا لمشاركة رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال في اجتماعات البرلمان الدولي في روسيا وعلى عودة الجلسات العامة في 22 أكتوبر الحالي، واتساقا مع المدة الدستورية للموافقة على القرار، فإنه يمكن أن ينعقد المجلس إذا اقتضت الضرورة للانعقاد برئاسة أحد الوكلاء».
وشدد أبو شقة على أن «مقتضيات واعتبارات فرض حالة جديدة للطوارئ في مصر لا تزال قائمة، وأن الإرهاب يهدد الدولة المصرية في الداخل والخارج وعلى حدودها، وفرض حالة جديدة للطوارئ ما زالت أسبابها قائمة وقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الشأن جاء وفق الدستور».
وأضاف: «التطبيق العملي لحالة الطوارئ في مصر يتم وفق القانون دون أي قيود، وتتم الاستثناءات في أضيق الحدود، والمواطن المصري يلمس ذلك بشكل فاعل، من حيث التنقل والتحرك، وأن الأجهزة الأمنية تقوم بتنفيذ القانون دون قيود إلا في أضيق الحدود، ولكن مقتضيات مواجهة الإرهاب وواقعه تطلب فرض حالة الطوارئ لمواجهة العناصر الإرهابية والأخطار التي تهدد الشارع المصري».
ويعطي قانون الطوارئ رئيس الجمهورية الحق في وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن، أو أوقات معينة، وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال. وأن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام.
كما يعطيه الحق بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات، وكل وسائل الدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها. ويحق لرئيس الجمهورية تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وسحب تراخيص الأسلحة أو الذخائر، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.