الحكومة اللبنانية تحيّد نفسها عن السجال بين «حزب الله» وتل أبيب

الضغوط الأميركية على الحزب والتهديدات الإسرائيلية تُفاقم المخاوف من اندلاع حرب

جنود إسرائيليون يقفون على دبابات في مرتفعات الجولان السوري المحتل ضمن تمارين عسكرية في 13 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون على دبابات في مرتفعات الجولان السوري المحتل ضمن تمارين عسكرية في 13 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اللبنانية تحيّد نفسها عن السجال بين «حزب الله» وتل أبيب

جنود إسرائيليون يقفون على دبابات في مرتفعات الجولان السوري المحتل ضمن تمارين عسكرية في 13 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون على دبابات في مرتفعات الجولان السوري المحتل ضمن تمارين عسكرية في 13 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

تسعى الحكومة اللبنانية لتحييد نفسها عن السجال عالي النبرة الذي يتخذ منحى تصعيديا بين «حزب الله» وإسرائيل يوحي بارتفاع احتمال اندلاع حرب بين الطرفين، علما بأن تل أبيب عمدت مؤخرا إلى إقحام الجيش اللبناني في هذا السجال، متهمة إياه بالانضواء في منظومة «حزب الله». ولم يتطرق مجلس الوزراء الذي انعقد أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لهذا الملف، كما لم يصدر أي رد لبناني رسمي مباشر على التصريحات الإسرائيلية؛ وإن كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكّد أمس أمام زواره، أن لبنان سيواجه الضغوط التي تمارس عليه بوحدة وتضامن أبنائه.
وعدّ عون أن «لبنان استطاع أن ينقذ نفسه منذ حرب يوليو (تموز) في عام 2006؛ حيث إن إسرائيل لم يكن هدفها احتلال لبنان، بل إحداث فتنة داخلية، وقد نبّهنا اللبنانيين من ذلك، ونشكر الله أنه كان لديهم الوعي الكافي وتخطينا المرحلة».
إلا أن رئيس الجمهورية آثر عدم تناول التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، خصوصا المواقف التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي هذا الأسبوع وأكد فيها أن الحرب المقبلة المحتملة في الحدود الشمالية لن تكون على الجبهة اللبنانية أو السورية؛ وإنما على الجبهتين معا، لافتا إلى أن «المواجهة مع سوريا ستطال (حزب الله) ونظام الرئيس بشار الأسد وأعوانه، وفي لبنان الجيش النظامي كونه أصبح جزءا من منظومة (حزب الله)».
وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله استبق تصريحات أفيغدور ليبرمان هذه حين نبّه في ذكرى عاشوراء مطلع الشهر الحالي من دفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنطقة إلى حرب في سوريا ولبنان وقطاع غزة، داعيا اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل إلى مغادرتها، لأنّه «لن يكون لديهم وقت حتى للمغادرة، ولن يكون لهم أي مكان آمن في فلسطين المحتلة».
وكان نصر الله أعلن في وقت سابق هذا العام أن أي حرب مستقبلية تشنها إسرائيل ضد سوريا أو لبنان يمكن أن تجذب آلاف المقاتلين من دول مثل إيران والعراق وأفغانستان واليمن وباكستان، ويمكن أن تحدث داخل إسرائيل.
وتأتي هذه التطورات في وقت عرضت فيه الإدارة الأميركية مكافآت مالية لمن يقدم معلومات عن اثنين من قادة «حزب الله»، كما اتهمت الحزب بأنه بات يشكل تهديدا لها. وندد مسؤول كبير في الحزب بالإجراءات الأميركية الجديدة، وقال لـ«رويترز» إن «اتهامات الإدارة الأميركية ضد (حزب الله) ومجاهديه اتهامات مرفوضة وباطلة ولن تؤثر إطلاقا على عمل المقاومة ضد العدو الصهيوني وضد الإرهابيين والتكفيريين». وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه: «نحن نعتقد جازمين أن هذه الاتهامات تأتي في سياق رد الفعل على الانتصارات الكبيرة التي حققها محور المقاومة في سوريا والعراق ضد الإرهابيين والتكفيريين».
وان كان مقربون من «حزب الله» يعدون أن «طبول الحرب التي تقرع ليست إلا طبول ضغط وابتزاز»، مشددين في الوقت عينه على وجوب عدم إهمال احتمال شن حرب فعلية، فإن الخبراء العسكريين ينقسمون بين من يجزم بأن ما يحصل «حرب نفسية لن تتحول إلى مواجهة عسكرية»، وبين من يتحدث عن ارتفاع احتمال وقوع حرب إلى ما نسبته 50 في المائة، نتيجة التصعيد المستمر من قبل طرفي الصراع.
وفي حين يستبعد العميد المتقاعد الدكتور محمد رمال، تماما سيناريو شن إسرائيل حربا قريبا «كونها غير جاهزة وتأخذ بجدية التهديدات التي يطلقها (حزب الله) لجهة استهدافه البنى التحتية والمجتمع الإسرائيلي ككل»، يعد رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - انيجما» رياض قهوجي، أن «حجم المناورات الإسرائيلية وتكرارها، إضافة للموقف الأميركي - الإسرائيلي ضد إيران و(حزب الله) الذي يتخذ منحى تصاعديا، بالتوازي مع ارتفاع اللهجة من قبل ما يسمى (محور الممانعة)... كلها مؤشرات على إمكانية اندلاع حرب بما نسبته 50 في المائة، وهي نسبة غير متدنية على الإطلاق».
ويضع رمال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» التهديدات المتبادلة بين إسرائيل و«حزب الله»، في خانة الحرب النفسية، عادّاً أنها ليست المرة الأولى التي تُقحم فيها إسرائيل الجيش اللبناني في تهديداتها التي باتت تطال مؤخرا الحكومة أيضا، ويضيف: «هذه محاولة إسرائيلية قديمة للضغط على (حزب الله)، فهي لطالما هددت بعد حرب تموز (يوليو 2006) باستهداف البنية التحتية اللبنانية ومواقع الجيش باعتبارها مكشوفة؛ بعكس مواقع الحزب المستترة». أما قهوجي، فيرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تحويل إسرائيل أقوالها أفعالا ليس بالأمر السهل، خصوصا فيما يتعلق باستهداف الجيش اللبناني الذي يحظى بدعم أميركي وقد تسلم مؤخرا كثيرا من المعدات الأميركية.
وتتناقض التصريحات الإسرائيلية التي تصر على تصوير الجيش اللبناني على أنّه تابع لـ«حزب الله» مع السياسة الأميركية التي تواصل دعمه. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مؤخرا أن واشنطن قدمت للبنان مساعدات عسكرية تتجاوز 1.5 مليار دولار منذ عام 2006، وأن القوات الخاصة الأميركية توفر «التدريب والدعم» للجيش اللبناني منذ عام 2011.
وقال المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون في وقت سابق إن «تقوية القوات المسلحة اللبنانية تعزز مجموعة من المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، ولا يشمل ذلك التصدي لانتشار (داعش) وغيره من الجماعات المتطرفة العنيفة فحسب، وإنما أيضا القضاء على نفوذ إيران و(حزب الله) بالمنطقة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.