أوروبا تكثف تحركات «الأشواط الأخيرة» لمكافحة الإغراق

قواعد جديدة لتوفير الحماية من الممارسات التجارية غير العادلة

TT

أوروبا تكثف تحركات «الأشواط الأخيرة» لمكافحة الإغراق

في إطار الإصرار الأوروبي الواضح على مكافحة الإغراق والحماية من الممارسات التجارية غير العاجلة، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي على مستوى السفراء الأربعاء في بروكسل على الاتفاق السياسي الذي جرى التوصل إليه بين الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد والبرلمان الأوروبي، بشأن مقترحات لوضع منهجية لتقييم تشوهات السوق في بلدان أخرى خارج التكتل الموحد، وتتضمن قواعد جديدة.
وحسب ما ذكرت مصادر المؤسسات الاتحادية في بروكسل، سيتم عرض الاتفاق من جديد على البرلمان لإقراره في غضون أسابيع قليلة، تمهيدا لنشره في الجريدة الرسمية حتى يدخل حيز التنفيذ، وهي خطوة يؤكد الكثير من المراقبين أنها «شبه محسومة». وكانت المفوضية اقترحت هذه التعديلات على منهجية مكافحة الإغراق التي طرحت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وذلك وفقا للوائح المتعلقة بأدوات الدفاع التجاري، وهو يمثل التزاما تاما من الاتحاد الأوروبي بإجراءات منظمة التجارة العالمية في هذا الصدد.
وقال المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل: إن القواعد الجديدة ستحافظ على قدرة الاتحاد على حماية منتجيه من الممارسات التجارية غير العادلة، وهي قواعد تهدف إلى الكشف عن الحالات التي يتم فيها خفض أسعار المنتجات المستوردة بشكل مصطنع بسبب تدخل الدولة ومعالجتها. وقالت الرئاسة الدورية الحالية على لسان وزير التجارة الاستوني اورف بالو: إن التجارة الدولية يمكن أن تكون مصدرا حاسما للنمو الاقتصادي، ولكن في حال التزم الجميع بالقواعد. وأضاف، أنه «مع المنهجية الجديدة، سيكون لدينا أدوات فعالة لمكافحة الإغراق في قطاعات مهمة مثل الصلب... وقواعدنا عادلة تماما وتتماشى مع شروط منظمة التجارة العالمية، وسوف تطبق بالطريقة نفسها على الدول التي يتعامل معها الاتحاد الأوروبي».
وحسبما جاء في بيان أوروبي، فإن المنهجية الجديدة تزيل التمييز السابق بين الاقتصادات السوقية وغير السوقية لحساب الإغراق، وبدلا من ذلك ستحتاج المفوضية الأوروبية إلى إثبات وجود تشوهات كبيرة في السوق بين سعر بيع المنتج وتكلفة إنتاجه، وعلى هذا الأساس سيسمح لها بتحديد سعر المنتج بالإشارة إلى سعر السلعة في بلد يتمتع بمستويات مماثلة من التنمية الاقتصادية، أو إلى التكاليف والأسعار الدولية غير المشوهة ذات الصلة. وستقوم المفوضية بصياغة تقارير محددة عن البلدان أو القطاعات التي تعرف تشوهات، وسيكون على الشركات في الاتحاد الأوروبي تقديم الشكاوى، ويحق لها أن تستخدم تقارير المفوضية لدعم قضيتهم.
وفي يوليو (تموز) الماضي وافق البرلمان الأوروبي، على إطلاق مفاوضات مع حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد لوضع قواعد جديدة لمكافحة الإغراق، وحماية الصناعة، وفرص العمل في التكتل الأوروبي الموحد. وقال أعضاء البرلمان الأوروبي: إن القواعد الجديدة الخاصة بحساب رسوم الاستيراد يجب أن تستجيب للجدل حول وضع اقتصاد السوق في الصين والممارسات التجارية غير العادلة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي لها تدخل كبير في الاقتصاد.
وحدد أعضاء المؤسسة التشريعية الأوروبية بنود التفاوض بشأن القواعد الجديدة، ومنها أن هذه القواعد يجب أن تراعي تحقيقات مكافحة الإغراق، ومدى امتثال البلد المصدر للمعايير الدولية المتعلقة بالعمل والعمالة، والشروط المالية والبيئية، والتدابير التمييزية المحتملة ضد الاستثمارات الأجنبية، وقانون الشركات، وحقوق الملكية، ونظام الضرائب والإفلاس. كما يجب على المفوضية الأوروبية في بروكسل أن تصدر تقريرا مفصلا يصف الحالة المحددة في بلد أو قطاع معين يتم تطبيق حساب الواجبات عليه، كما تتضمن بنود التفاوض المطالبة بعدم وجود أي أعباء إضافية على شركات الاتحاد الأوروبي في قضايا مكافحة الإغراق، وأن يكون ذلك في أولويات الإجراءات الحالية التي يجب اتباعها عند مطالبة المفوضية بفتح تحقيق.
وحسب مصادر البرلمان الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»، فقد أدى انتهاء أجزاء من بروتوكول انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية لعام 2001 في ديسمبر (كانون الأول) 2016، إلى طرح مسألة ما إذا كان بإمكان أعضاء المنظمة معاملة الصين بصفتها اقتصادا غير سوقي، وحساب تدابير مكافحة الإغراق وفقا لذلك. وسوف تستخدم المعايير الجديدة المنهجية نفسها بالنسبة لجميع أعضاء التجارة العالمية، بغض النظر عما إذا كانوا يتمتعون بوضع اقتصاد السوق، بل سوف تستهدف البلدان التي يوجد فيها تشوه كبير في الأسواق. وتعرضت وظائف الاتحاد الأوروبي والشركات لضغوط هائلة بسبب الطاقة الإنتاجية الفائضة للصين وبسبب الاقتصاد المدعوم وبخاصة في قطاع الصلب، وحث أعضاء البرلمان الأوروبي من قبل المفوضية على مواجهة المنافسة غير العادلة من الصين بطريقة تمتثل لقواعد منظمة التجارة العالمية في قرار صدر في مايو (أيار) من العام الماضي.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).