مقاتلو المعارضة يحرزون تقدما بريف إدلب بعد سيطرتهم على حواجز نظامية «استراتيجية»

«جبهة النصرة» تتبنى التفجيرين الانتحاريين بحمص

مواطنان سوريان يبحثان عن أحياء بعد تفجير قوات النظام السوري مباني سكنية بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (أ.ف.ب)
مواطنان سوريان يبحثان عن أحياء بعد تفجير قوات النظام السوري مباني سكنية بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

مقاتلو المعارضة يحرزون تقدما بريف إدلب بعد سيطرتهم على حواجز نظامية «استراتيجية»

مواطنان سوريان يبحثان عن أحياء بعد تفجير قوات النظام السوري مباني سكنية بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (أ.ف.ب)
مواطنان سوريان يبحثان عن أحياء بعد تفجير قوات النظام السوري مباني سكنية بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (أ.ف.ب)

حقق مقاتلو المعارضة السورية أمس تقدما في محافظة إدلب، بعد إحكام سيطرتهم على عدد من الحواجز النظامية، وتمكنهم من تضييق الخناق على معسكرين نظاميين أساسيين، في وقت تبنت فيه «جبهة النصرة»، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، التفجيرين المتزامنين بسيارتين مفخختين في حمص، أول من أمس، اللذين أوديا بحياة 12 شخصا، وفق حصيلة رسمية.
وتمكن مقاتلو المعارضة، وبينهم عناصر من «النصرة» من السيطرة أمس «على حاجز السلام غرب مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية»، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان. وجاءت السيطرة على حاجز السلام بعد ساعات من سيطرة المعارضة على حواجز نظامية في محيط بلدة حيش، شمال خان شيخون.
ويعد حاجز السلام آخر حواجز القوات النظامية المحيطة بمدينة خان شيخون، وفق ما أعلنته «الهيئة العامة للثورة السورية»، مؤكدة أن المدينة الخاضعة لسيطرة المعارضة «باتت تعتبر محررة بالكامل» بعد السيطرة على الحواجز المحيطة بها.
وكان المرصد السوري أعلن صباح أمس سيطرة مقاتلي المعارضة ليل الأحد - الاثنين على حاجز الخزانات الاستراتيجي شرق خان شيخون، وهو يعد من أكبر تجمعات القوات النظامية بريف إدلب. ومع سيطرة المعارضة على هذه الحواجز النظامية، باتت الطريق الدولية بين ريف إدلب الجنوبي وبلدة مورك التي يسيطر عليها المقاتلون في شمال محافظة حماه مقطوعة أمام القوات النظامية. وبحسب المرصد السوري، أتاح هذا التقدم لمقاتلي المعارضة «تضييق الخناق على معسكري وادي الضيف والحامدية»، وهما أكبر تجمعين للقوات النظامية في إدلب. ويسعى مقاتلو المعارضة منذ أكثر من عام لاقتحام المعسكرين الواقعين إلى الغرب والشرق من معرة النعمان (20 كلم شمال خان شيخون)، من دون أن يتمكنوا من ذلك، في حين تمكنت القوات النظامية قبل أشهر من فك الحصار عن المعسكرين، لكن مقاتلي المعارضة عادوا وتمكنوا من قطع طريق الإمداد. وصعد المقاتلون في الأسابيع الماضية هجماتهم في ريف إدلب ضد الحواجز العسكرية، مستخدمين تكتيك تفخيخ الأنفاق أو العربات المفخخة التي يقودها انتحاري. ونقل المرصد عن ناشطين في خان شيخون قولهم إن «الطيران المروحي قصف ببراميل متفجرة تحتوي غازات مناطق في المدينة».
في موازاة ذلك، تبنت «جبهة النصرة» في بيان نشرته بحسابها الرسمي على موقع «تويتر» تفجيري مدينة حمص، أول من أمس. وجاء في بيانها: «لقد منّ الله على عباده المجاهدين من (جبهة النصرة) في حمص العدية يوم 25 – 5 - 2014، باختراق كبير لمعاقل شبيحة النظام النصيري رغم القيود الكثيرة والتشديد الأمني ونقاط التفتيش والحواجز العديدة». وأشارت إلى تفاصيل تنفيذ العملية، فأوضحت أن «السيارة الأولى ركنت في شارع الستين في حي الزهراء (في شرق المدينة) قرب خزان المياه، وركنت السيارة الثانية عند تحويلة مصياف قرب مصفاة حمص (إلى الغرب من التفجير الأول)»، لافتة إلى «تفجيرهما في الوقت نفسه لتحقيق أكبر عدد من القتلى». وأفادت «النصرة»، في البيان ذاته، بأنه إثر تجمع الناس في المكان «جاءتهم ضربات صواريخ (غراد) بنفس مكان التفجير لتوقع أكبر نكاية ممكنة في صفوفهم وليذوقوا شيئا يسيرا مما أذاقوه لأهلنا».
من ناحيته، أعلن محافظ حمص طلال البرازي أن حصيلة التفجير في حي الزهراء ارتفعت إلى 12 قتيلا و23 جريحا «غادر غالبيتهم المستشفى». كما أصيب سبعة أشخاص في التفجير الثاني. وكان البرازي أفاد الأحد بمقتل عشرة أشخاص. وتسيطر القوات النظامية منذ مطلع مايو (أيار) الحالي على مجمل مدينة حمص بعد انسحاب نحو ألفي عنصر من مقاتلي المعارضة من أحيائها القديمة بموجب تسوية بين ممثلين عنهم والسلطات، إثر حصار نظامي لنحو عامين. وفي ريف دمشق، نفذ الطيران الحربي عشر غارات جوية على الأقل على مناطق في بلدة المليحة، بالتزامن مع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية و«جبهة النصرة» من جهة، والقوات النظامية والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، في البلدة ومحيطها، بحسب المرصد السوري. كما دارت اشتباكات مماثلة على طريق أوتوستراد السلام قرب مخيم خان الشيح، ترافق معها قصف نظامي استهدف منطقة الاشتباك، وقصف ببراميل متفجرة. وشهدت بلدة الخيارة بالقرب من الكسوة حركة نزوح لمواطنين من البلدة نحو المناطق المجاورة بسبب الاشتباكات التي تشهدها المنطقة، في وقت دارت فيه اشتباكات عنيفة في حي جوبر.
وفي حلب، استهدفت القوات النظامية مناطق في حي الحميدية الخاضع لسيطرة القوات النظامية مما أدى لمقتل شخصين وعدد من الجرحى. وأفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» والجبهة الإسلامية و«جيش المجاهدين» من جهة أخرى، على أطراف حي الراشدين. وأدى القصف بالبراميل المتفجرة على مناطق في حي بستان القصر إلى مقتل ثلاثة أشخاص، فيما كان أربعة آخرون لا يزالون تحت الأنقاض حتى بعد ظهر أمس.
وأشار المرصد إلى اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني و«لواء القدس» الفلسطيني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي «جيش المهاجرين والأنصار» الذي يضم مقاتلين غالبيتهم من جنسيات غير سورية، وكتائب إسلامية، ومقاتلي «جبهة النصرة» من جهة أخرى، في محيط مبنى المخابرات الجوية ومحيط «جامع الرسول الأعظم»، وفي محيط منطقة دوار البريج وقرية حيلان.
وأفاد المرصد بأن القوات النظامية نقلت سجناء من سجن حلب المركزي إلى مشفى ابن خلدون للأمراض العقلية في قرية الدويرينة، فيما نقل السجناء السياسيون إلى مدرسة الوحدة بحي الشهباء الخاضع لسيطرتها وأمنت اتصالات مع ذويهم مع السماح بزيارتهم وذلك عن طريق الهلال الأحمر. ووعدت القوات النظامية، وفق ما أورده المرصد، السجناء السياسيين بإخلاء سبيل كل من قضى ثلاثة أرباع فترة حكمه، بحسب ذوي السجناء.
وفي درعا، تعرضت مناطق في بلدتي الغارية الشرقية والمسيفرة ومناطق في مدينة نوى لقصف من الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مما أدى لسقوط عدد من الجرحى ببلدة المسيفرة، بموازاة اشتباكات بين القوات النظامية والكتائب المقاتلة في الجهة الشمالية لبلدة الشيخ مسكين. وأشار المرصد إلى أن القوات النظامية فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في الحي الجنوبي لبلدة عتمان، كما نفذ الطيران الحربي ثلاث غارات على مناطق في درعا البلد.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.