مساعٍ تركية لحل أزمة التأشيرات... وواشنطن تتمسك بموقفها

السجن سنتين لصحافية تركية ـ فنلندية في «وول ستريت جورنال»

TT

مساعٍ تركية لحل أزمة التأشيرات... وواشنطن تتمسك بموقفها

سعت أنقرة إلى تبريد أزمة وقف التأشيرات مع واشنطن، في الوقت الذي أصرت فيه الولايات المتحدة على الحصول على تفسير لاعتقال أحد الموظفين المحليين في قنصليتها بإسطنبول، بعد أن اتّهمته تركيا بالارتباط بحركة فتح الله غولن.
وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اتصالا هاتفيا، أمس، مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في أول محادثة رسمية بين الجانبين عقب أزمة تعليق التأشيرات. من جانبه، أعرب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في كلمة أمام اجتماع للولاة في إسطنبول أمس الأربعاء، عن أمله في تطبيع العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة خلال مدة قصيرة. وقال يلدريم إن تركيا لن تتخلى عن مبدأ ضبط النفس في مرحلة تتصاعد فيها التوترات الإقليمية والعالمية.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية التركية، في بيان، منح تأشيرة دخول للاعبين أميركيين اثنين قدما إلى مدينة إسطنبول للمشاركة في مباريات في إطار الدوري الأوروبي لكرة السلة، على الرغم من أزمة التأشيرات المتبادلة. ووصل اللاعبان إلى تركيا للمشاركة في المباراة التي ستقام في إسطنبول بين الفريق الروسي وفريق فنربهشه التركي في إطار مباريات الدوري الأوروبي لكرة السلة.
ومنعت السلطات التركية دخول عدد من الأميركيين بعد وصولهم إلى مطار أتاتورك الدولي في مدينة إسطنبول، أول من أمس، بعد سريان قرار تعليق تأشيرات الدخول الذي اتخذته تركيا، ردا على قرار أميركي مماثل الأحد الماضي.
من جانبه، قال السفير الأميركي لدى تركيا جون باس، في مؤتمر صحافي عقده أمس قبل مغادرته أنقرة بحلول الأحد المقبل لانتهاء مهمته في تركيا، إن بلاده لا تزال تريد تفسيرا من أنقرة بشأن اعتقال عضو بالبعثة الأميركية في تركيا، الذي دفع واشنطن إلى تعليق إصدار تأشيرات في تركيا. وأضاف باس، الذي حمله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المسؤولية في إثارة نزاع التأشيرات، أن الولايات المتحدة لا تنوي قطع علاقة قائمة منذ فترة طويلة مع تركيا، وأن البلدين سيواصلان الحوار بشأن المسألة. وأضاف باس أنه «لسوء الحظ، لم تتلق الحكومة الأميركية بعد اتصالا رسميا من الحكومة التركية بشأن أسباب احتجاز أو اعتقال موظفينا المحليين».
وأعلنت الولايات المتحدة، أن اثنين من موظفي قنصليتها الأتراك اعتقلا في تركيا هذا العام. ودفع اعتقال ثانيهما في إسطنبول الأسبوع الماضي، واشنطن إلى إعلان وقف إصدار التأشيرات لغير المهاجرين في تركيا يوم الأحد، في خطوة ردت عليها أنقرة بالمثل خلال ساعات.
وأدى النزاع إلى تراجع جديد في العلاقات الهشة أصلا بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعد شهور من التوتر المرتبط بالصراع في سوريا، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا العام الماضي، وقضايا مرفوعة في الولايات المتحدة ضد أتراك.
إلى ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، أمس، إن قرار تعليق منح تأشيرات الدخول في تركيا تمّ اتخاذه بالتنسيق ما بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية.
وأوضحت نويرت، في مؤتمرها الصحافي الأسبوعي بمقر الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن، أنّ الولايات المتحدة أصيبت بخيبة أمل كبيرة جراء توقيف السلطات التركية عددا من العاملين في السفارة والقنصليات الأميركية لدى تركيا.
وأضافت المتحدثة، أنّ عودة العلاقات إلى سابق عهدها بين البلدين رهن المواقف التركية تجاه الأزمة الحاصلة، وأنّ إخلاء سبيل الموقوفين سيكون بمثابة انطلاق جيد في طريق حل المشكلة.
وكان إردوغان قد حمّل السفير الأميركي المسؤولية عن القرار، مطالبا الإدارة الأميركية بإقالته إذا كان اتخذه دون الرجوع إلى السلطات الأميركية المعنية، قائلا إنه رفض مقابلته لتوديعه في ختام عمله في أنقرة.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن التوتر الأخير بين تركيا بخصوص تعليق منح تأشيرات الدخول المتبادل بين الجانبين، لن يؤثر على العلاقات العسكرية القائمة بينهما.
وأوضح البنتاغون، في بيان مساء أول من أمس، أنّ تركيا والولايات المتحدة حليفتان مقربتان، وأنّ التنسيق حول العمليات العسكرية التي يقوم به البلدان سيستمر دون توقف. وأضافت الوزارة الأميركية أنّ الأزمة الحاصلة نتيجة تعليق منح تأشيرات الدخول لن تؤثر سلبا على مسألة استخدام القوات الأميركية لقاعدة إنجيرليك الجوية في ولاية أضنة جنوب تركيا.
في سياق مواز، أصدرت محكمة تركية حكما بحبس الصحافية إيلا البيراق، التي تحمل جنسية مزدوجة فنلندية وتركية، وتعمل لحساب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية لمدة عامين، بسبب مقال كتبته عام 2015 بشأن الصراع المسلح مع حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي تركيا.
وأعلنت الصحافية، المقيمة حاليا في نيويورك، أنها ستستأنف الحكم الصادر ضدها. وقال جيرارد بيكر، رئيس تحرير «وول ستريت جورنال»: «كان ذلك اتهاما جنائيا لا أساس له وإدانة غير متكافئة تماماً، خصت بشكل خاطئ تقريرا متوازنا في (وول ستريت جورنال)». واعتبرت السلطات التركية التقرير، الذي ركز على الصراع بين القوات التركية والمسلحين التابعين لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، بأنه دعاية لمنظمة إرهابية. فيما وصفت «وول ستريت جورنال» تقريرها بأنه «عمل جدير بالثناء وينطوي على فهم عميق».
على صعيد آخر، أصدرت محكمة الجنايات العليا في إسطنبول حكما على 5 من أصل 7 مسجونين متهمين بمحاولة انقلاب 15 يوليو (تموز) العام الماضي، بالسجن المؤبد المشدد و200 عام لكل منهم، وبالمؤبد على الاثنين الآخرين مع السجن 166 عاما لكل منهما، بتهمة «محاولة القضاء على النظام الدستوري عبر استخدام العنف والقوة». كما أصدرت المحكمة قرارا بالسجن لمدة 200 عام على كل منهم بتهم مختلفة، بينها «منع 18 شخصا من حريتهم الشخصية عبر استخدام العنف والقوة».



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.