المهدي يدعو العرب بقيادة السعودية إلى إبرام معاهدة أمنية مع تركيا وإيران

وصف سياسات الرياض بأنها {توفق بين الأصالة والتحديث}... وأشاد بدورها في رفع العقوبات عن السودان

TT

المهدي يدعو العرب بقيادة السعودية إلى إبرام معاهدة أمنية مع تركيا وإيران

دعا زعيم سياسي سوداني بارز، إلى توقيع معاهدة عربية تقودها المملكة العربية السعودية، وتشارك فيها كل من مصر وتركيا من جانب، ودولة إيران من الجانب الآخر، تقوم على التعايش واحترام السيادة لكل طرف، ودعا إلى إنهاء ما أسماه «الاستقطاب الحاد في الخليج»، بتوقيع إعلان مبادئ يستند إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ودعم القضية الفلسطينية، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي والقمة العربية.
وأشاد رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي - رئيس الوزراء السابق - بالسياسات التي تبنتها المملكة العربية السعودية أخيراً، ووصفها بأنها نهجاً صحوياً يوفق بين التأصيل والحداثة، معتبراً زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا مقدمة لانفتاح يسهم في مصالحات إقليمية تنهي الحروب والمواجهات العسكرية عن طريق الحوار والحلول السياسية. وحيا المهدي في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم أمس، ما أطلق عليه «الانفتاح الداخلي والخارجي للمملكة العربية السعودية»، وقال: «فيما يتعلق بالانفتاح الداخلي، فإن المملكة وسائر دول الخليج ترفض الإخوانية لأنها بدعوى الحاكمية إنما تستهدف ولاية السلطة، وتجد الانكفاء النقلي عقبة في طريق التحديث، ولا يمكن اختيار العلمانية، فالخيار الصحيح هو النهج الصحوي الذي يوفق بين التأصيل والتحديث».
ودعا المهدي إلى إبرام معاهدة عربية سنية للتعايش بقيادة المملكة إلى جانب مصر وتركيا مع إيران، تقوم على التعايش واحترام السيادة الوطنية، معتبراً زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا طريقاً يمكن أن يؤدي لمصالحات تسهم في إنهاء الحرب في اليمن، وتنقل المواجهات العسكرية إلى طاولات حوار لحلول سياسية، وتابع: «تستطيع المنطقة أن تنعم بسلام، إذا صمم العرب السنة بقيادة المملكة ومصر وتركيا، إبرام معاهدة أمنية عربية، تركية، إيرانية للتعايش واحترام السيادة الوطنية، هذا ما ظللنا ننادي به ويبدو أن وقته قد حان». وجدد المهدي الدعوة لأطراف المعاهدة إلى الالتزام بدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ووقف الحديث عن التطبيع مع إسرائيل، وأن يلتزم الجميع بألا يقيموا أي علاقة مع إسرائيل دون رد للحقوق العربية والفلسطينية لأهلها.
وأشاد المهدي بالصلح بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين وبالدور المصري في تحقيقها، وأضاف: «نأمل أن يتحقق صلح عربي تركي إيراني مواكباً للصلح الفلسطيني لمواجهة الغلو، والإرهاب، وإنهاء الحروب التي تورث كل أطرافها الخسران». كما دعا المهدي الأشقاء في دول الخليج لإنهاء ما أسماه «الاستقطاب الحاد» والانتقال إلى مرحلة جديدة يتفق فيها الجميع على إعلان مبادئ من بنود تتمثل في الاحترام المتبادل لسيادة الدول والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وكفالة حقوق المواطنة للمجموعات السكانية في كل دولة، وإدانة التطرف والإرهاب المصاحب له والتعاون ضدهما، ودعم القضية الفلسطينية ورباط التعامل مع إسرائيل برد الحقوق المغتصبة، وحل المشاكل البينية في إطار مجلس التعاون، وأن ترفع المشاكل الأوسع من عضوية المجلس للقمة العربية.
سودانياً، انتقد المهدي ما يتردد عن تضمين الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، لمطلب تقرير المصير خلال مؤتمرها الاستثنائي لجبال النوبة الذي عقد أخيراً، واعتبره أمراً مؤسفاً، وأبدى استغرابه ممن «يتسمى بتحرير السودان، ليأتي ويصر على تقرير مصير جزء منه، رغم إدراكه لمآلات تجارب تقرير المصير الفاشلة». وفي سياق منفصل، أشاد المهدي بدوري المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في رفع العقوبات الأميركية عن السودان، بيد أنه رأى أن رفع العقوبات وحده لن يحل علل الاقتصاد السوداني، وقال: «علة الاقتصاد السوداني هي علة ذاتية». وقال المهدي إن الخروج بالاقتصاد السوداني من علله يتطلب خفض مصروفات الحكم، وزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي، وزيادة الاستثمارات الوطنية والأجنبية عن طريق توفير المناخ الجاذب للاستثمارات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.