انخفاض الإيجارات السكنية بالسعودية وسط وفرة المعروض

يستحوذ قطاع التأجير السعودي للقطاع السكني على العمليات العقارية المحلية في مرحلة مهمة من تاريخ العقار، حيث يتصدر الآن حركة العقار المحلي على الأفرع الأخرى كافة مع بدء تطبيق نظام «إيجار» الذي بدأت وزارة الإسكان إجراءات تطبيقه بعد طرحه على مرحلتين.
واستغل قطاع التأجير انحسار حركة البيع والشراء إلى مستويات كبيرة لأمور مختلفة، أهمها فجوة الأسعار بين العرض والطلب والقرارات الحكومية الرامية لاحتواء أسعار العقار، وأهمها فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ودخول برنامج «سكني» مرحلته الثامنة بانتظام، وهو الذي فرض واقعاَ جديداً في السوق بانتظار ما ستؤول إليه النتائج بعد بدء دفع الرسوم، وهو ما يراهن عليه الكثير في تصحيح حال السوق.
وأكد عقاريون مهتمون بأن هناك انخفاضا في قيم معروض الإيجار بما يخص السكني منها، بمعدلات معقولة إلا أن تميزها يأتي بعد سلسلة طويلة من انفلات الأسعار وارتفاعها على مراحل، حيث يتراوح الانخفاض ما بين 10 في المائة و18 في المائة، تختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره الخدمات؛ مما يعكس عصراً جديداً للعقار السعودي فيما يخص التأجير الذي يشهد انخفاضا في القيمة بعد موجة من الارتفاعات لما يزيد على عقد، وهو ما يترجم الجهود الحكومية التي تبذل للسيطرة على أسعار الأفرع العقارية المختلفة.
وقال راشد التميمي، المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة: إن هناك انخفاضا في قيمة عروض الإيجار يقابله توجه كبير في المنافسة للظفر بالطلبات الموجودة، التي تشهد تنافساً كبيراً بين السماسرة، الذين أصبحوا يركزون على عمولتهم في عمليات التأجير بضغط من حركة المؤشر العقاري والإصلاحات الاقتصادية.
وأوضح، أن الوسطاء يسعون لاقتناص الأرباح في ظل الاعتماد الكبير على ذلك انعكاساً لضعف حركة البيع والشراء، موضحاً بأنه من المتوقع أن تقود حركة التأجير في السعودية القطاع خلال هذه الفترة، وهو ما تشير إليه الحركة الحالية للسوق التي تنتشر فيها عروض التأجير بشكل ملحوظ في محاولة للالتفاف على نقص الحركة التي تطغى على السوق، وأغرى ببعض الملاك تحويل استثماراتهم نحو التأجير عوضاً عن البيع لإنعاش الحركة.
وزاد التميمي، بأن الطلب على جميع الأفرع العقارية المختلفة يشهد تضاؤلاً ملحوظاً، وهذا ما يؤكده المؤشر العقاري لقيم وعدد الصفقات، إلا أن ذلك لم ينعكس بتاتاً على نشاط فرع التأجير السكني الذي يعيش نشوة كبيرة في ظل انتظار ما ستؤول إليه الأسعار الجديدة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية، خصوصاً المختصة بالعقار.
ولفت بأن هذه الحركة تدفع بالمؤشر العام العقاري، وتعتبر مصدراً جيداً في تحقيق الأرباح، إلا أنها غير مجزية بشكل كبير كما الحال مع البيع والشراء وهو ما يعتمد عليه المستثمرون العقاريون الذين يرون أن الاتجاه الحالي للسوق يشير نحو الاستثمار التأجيري أو العمل وسطاء عقاريين، وأن الانخفاض ولو بنسب بسيطة هو مؤشر إيجابي لما ستكون عليه السوق مستقبلاً.
واستعادت السوق العقارية المحلية جزءا من سيولتها المتراجعة خلال الأسبوع الماضي، وسجل إجمالي قيمة صفقاتها العقارية ارتفاعا بنسبة 49 في المائة، مقارنة بانخفاضها للأسبوع الأسبق بنسبة 33.6 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الأسبوع الخامس والثلاثين من العام الحالي عند مستوى مليار دولار، يعزى ارتفاع إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي إلى ارتفاع إجمالي قيمة صفقات الأراضي التجارية بنسبة 51.5 في المائة، التي يصل وزنها النسبي إلى إجمالي قيمة صفقات السوق نحو 89.6 في المائة، أهّلها لأن تسهم بشكل رئيسي في ارتفاع إجمالي صفقات السوق العقارية خلال الأسبوع.
وفي شأن متصل، قال محمد العليان، الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، إن هناك انخفاضا من ناحية القيمة تتراوح ما بين 10 في المائة و18 في المائة، تختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، بسبب تنافس السماسرة والزيادة المطردة في عروض الإيجار، وبخاصة في الأحياء الجديدة التي تشهد نمواً كبيراً بما يتعلق بقطاع الإيجار الذي أصبح توجهاً كبيراً في ظل تضاؤل عمليات البيع والشراء.
ولفت بأن للقرارات الحكومية دوراً كبيراً في شمول القطاع بالانخفاض كحال عمليات البيع والشراء، وأن الحكومة تسعى للسيطرة على العقار وإعادته إلى وضعه الطبيعي بعد 8 سنوات من التصاعد المفاجئ، الذي يعتبر أحد أكبر مصادر التضخم استهلاكاً، بحسب إحصاءات حكومية.
وأضاف «إن نشاط حركة التأجير يعد الملاذ الأول في جني الأرباح خلال هذه الأيام بالتحديد؛ إذ يعد المتنفس الوحيد في تحقيق الإيرادات»، مستطرداً بأن الاهتمام باستئجار المنشأة يخضع لمقاييس مختلفة عند البحث والاستقرار، حيث يعد قرب المنشأة من الخدمات الحكومية، وخصوصا المدارس، سببا كافيا لارتفاع قيمتها، مشيراً بأن هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق بالتحديد خلال الفترة الحالية تسيطر على القطاعات الأخرى كافة منذ أعوام.
وشمل الارتفاع في قيمة الصفقات العقارية كلاً من القطاعين السكني والتجاري، حيث ارتفعت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 48.3 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 20.6 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات السكنية مع نهاية الأسبوع عند مستوى 720 مليون دولار فقط.
كما ارتفعت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية بلغت 50.6 في المائة، مقارنة بانخفاضها للأسبوع الأسبق بنسبة 53.4 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات التجارية مع نهاية الأسبوع عند مستوى 293 مليون دولار.
وحول تأثير قرار «إيجار» على الأسعار، أكد بندر التويم، الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة، أن السوق السعودية في حاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، حيث إن ما يميز «إيجار» سيقوم بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصا أن السوق حجمها كبير ومترامي الأطراف، وتفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، الذي يسير حاليا بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبير، والتي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة، موضحاُ بأن السيطرة على السوق بالقرارات أجدى من دخول الحكومة منافسا ومطورا.
وعن دور المشروع في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد التويم، أنه سيكون حاجزاً في طريق من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، مضيفا: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتاً بأن «إيجار» سيحد من التعطل في دفع الإيجار، في ظل عدم وجود مرجعية واضحة للتعاطي مع تأخير دفع الإيجارات وإيجاد الحلول السريعة لها وهو ما سيساهم في ازدهار القطاع العقاري ككل.
في الجانب الآخر من مؤشرات الأداء الأسبوعي للسوق العقارية؛ ارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 26.9 في المائة، ليستقر عند مستوى 5078 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 15.9 في المائة.
وارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 28.7 في المائة، ليستقر عند 5290 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه الأسبوع الأسبق بنسبة 16.1 في المائة، وسجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع انخفاضا بنسبة 17.5 في المائة، مستقرة عند 44.9 مليون مترمربع، مقارنة بارتفاعها الأسبوع الأسبق بنسبة 33.6 في المائة.