تورينو... عصب إيطاليا الاقتصادي

مهد سيارات «فيراري» فخر الصناعة الإيطالية

تورينو... عصب إيطاليا الاقتصادي
TT

تورينو... عصب إيطاليا الاقتصادي

تورينو... عصب إيطاليا الاقتصادي

يمكنك في كثير من الأحيان عند الوصول إلى تورينو، التي تعد العاصمة الاقتصادية في شمال إيطاليا، مطالعة المناظر الطبيعية الخلابة من جبال الألب القريبة، وقممها العالية، التي تغطيها الثلوج حتى في فصل الصيف. ومن المثير للدهشة، أن أحد أبرز الأنشطة المتاحة للسياح هناك هو التزلج على الجليد.
ورغم ذلك، يمكنك أن تفعل الكثير من الأشياء الجميلة في هذه المدينة. ومن هذه الأنشطة السير عبر الطرقات الكبيرة وتلمّس معالم الثقافة الواضحة في كل مكان، والشوارع الجميلة، والقصور العتيقة، والميادين الواسعة ذات النوافير الرائعة التي يجتمع حولها الناس في تورينو، خصوصاً الطلاب، في كل مساء.
وهناك عدد من المتاحف المتميزة في تورينو، بما في ذلك مول أنطونيليانا، وهو المبنى المذهل والجميل للغاية الذي منذ عام 2000 كان موطن متحف السينما الوطنية الإيطالية. وكان هذا المبنى هو أطول مبنى مشيد من الطوب في أوروبا عند الانتهاء من تشييده في عام 1889، ويوفر مشاهد رائعة للمدينة من أعلى، وهو مبنى ضخم يبلغ ارتفاعه 167 متراً، ولكنه من المباني الجميلة للغاية في ذات الوقت.
ومتحف مول أنطونيليانا مفتوح للزائرين، ويمكن الذهاب إلى المنظر البانورامي للمدينة عبر استقلال المصعد الزجاجي مقابل نحو 14 يورو. وفي الواجهة المقابلة هناك العديد من الباعة المتجولين الذين يعرضون النماذج التذكارية للمبنى مقابل يورو واحد فقط. وزيارة هذا المبنى تمنحك الشعور بمدى قوة مدينة تورينو في الماضي وكيف كانت إيطاليا في ذلك الوقت.
وتقع منطقة بيديمونت، وعاصمتها مدينة تورينو، على حدود فرنسا وسويسرا، حيث ترتفع قمم جبال الألب لتشكل الحدود الطبيعية للمنطقة. ولقد لعبت هذه المنطقة دوراً بالغ الأهمية في توحيد البلاد الإيطالية على الرغم من أن أهميتها السياسية اليوم ليست كبيرة. وتقع تورينو اليوم على مفترق الطرق بين إيطاليا وفرنسا وسويسرا، وكانت منذ فترة طويلة مركزاً من أهم المراكز الاقتصادية. ولقد كانت لفترة وجيزة عاصمة إيطاليا، بين عامي 1861 و1865. ويعتبر المركز التاريخي للمدينة من مواقع التراث العالمية نظراً إلى وجود مساكن عائلة سافوي الملكية التي حكمت في وقت من الأوقات كل الأراضي الإيطالية.
وتشتهر المدينة بحياتها الثقافية الغنية، التي تشتمل على المتاحف، والقصور الملكية القديمة، والطرقات العريضة والساحات الواسعة. ويعد مول أنطونيليانا أحد المتاحف المتعددة الموجودة هناك. وهناك متحفان آخران مهمان للغاية، أحدهما هو متحف الآثار المصرية. ولقد تم شراء القطعة الأولى في مجموعة المتحف الأثرية في عام 1630، وتملك المدينة واحدة من أهم المجموعات الأثرية خارج مصر بواقع 6500 قطعة معروضة في ذلك المتحف الكبير.
ومن المتاحف المهمة هناك أيضاً نجد متحف السيارات في تورينو، الذي افتُتح عام 1932. وصناعة السيارات في إيطاليا من الصناعات الكبير ذات الأهمية بالنسبة إلى هذه المنطقة، نظراً إلى أنها موقع مصنع سيارات «فيات» الإيطالية ذات الشهرة العالمية. كما تملك هذه الشركة أيضاً علامة «فيراري» التجارية الشهيرة وشركتها المصنعة للسيارات الرياضية الرائعة. ويمكنك في شوارع تورينو أن تشاهد المزيد من السيارات من طراز «فيات» أكثر من أي مدينة أخرى حول العالم.
كل شيء يبدو في متناول يديك في هذه المدينة، من الحياة المدنية الصاخبة، والحياة الثقافية، وفنون الطعام اللذيذة والشهية. وفي الوقت الحاضر، تشتهر مدينة تورينو بصناعة الحلوى وفنونها. ويقع على مسافة قريبة للغاية مصنع شوكولاته «فريرو روشيه» ومصنع «نوتيلا» كذلك، وهما من مقاصد السائحين ذات الجاذبية الكبيرة. وتعكس هذه الحقيقة الكثير عن أهمية الحلويات والأذواق الرائعة في مدينة تورينو.
ومع ذلك، أينما ذهبت بك قدماك في تورينو يمكنك العثور على مذاقات الحلويات اللذيذة. ونذكر الآيس كريم على وجه الخصوص، والآيس كريم الإيطالي المصنّع يدوياً. ومن المذاقات المفضلة محلياً الآيس كريم بنكهة البندق، كما هو الحال مع بينا - كوتا، وهو نوع من الكعك بثمار الغابة وغير ذلك من النكهات.
إن تناول الطعام الجيد في إيطاليا من أنماط الحياة المميزة. وتصح هذه الحقيقة أيضاً في تورينو كما هي كذلك في أي مكان آخر في البلاد.
وسوف يجد الزوار مجموعة رائعة من الأطباق، الساخنة والباردة، إلى جانب الوصفات الرائعة من الباذنجان والطماطم أو جبن الموزاريلا الطازج، والمعكرونة ضيف دائم الحضور على القائمة الإيطالية، وهناك يمكنك العثور على الأطباق المحلية والوطنية. وفي هذه المنطقة من البلاد يمكن الحصول على أفضل أنواع المعكرونة المحشوة، مثل رافيولي الجبن والريسوتو، أفضل من أي مكان آخر. كما يمكنك الحصول على وصفات تورينو الرائعة من شرائح اللحم، والدجاج، والأسماك.
ولا يتعين عليك تناول الطعام في المطاعم الكبيرة الممتازة من أجل الاستمتاع بمذاقات الطعام المذهلة، ففي أركان الشوارع، وفي المطاعم المحلية، يمكن العثور على الأطباق اللذيذة والعشرات من الوصفات ذات المكونات الطازجة التي تميز الطعام الإيطالي الأصلي. وفي وسط المدينة هناك عروض هائلة لمذاقات الأطعمة في الساحات القديمة التي تشعّ بالحيوية والنشاط المستمر. وتعد مدينة تورينو أرخص من الوجهات الشهيرة الأخرى في إيطاليا مثل البندقية أو روما أو فلورنسا، ولكن من المؤكد أن هناك الكثير لتقدمه المدينة لقاء ذلك.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.