{حماس} تأمل بتزامن المفاوضات مع بدء تخفيف عقوبات السلطة

الحمد الله يصافح هنية في غزة قبل أيام (رويترز)
الحمد الله يصافح هنية في غزة قبل أيام (رويترز)
TT

{حماس} تأمل بتزامن المفاوضات مع بدء تخفيف عقوبات السلطة

الحمد الله يصافح هنية في غزة قبل أيام (رويترز)
الحمد الله يصافح هنية في غزة قبل أيام (رويترز)

وضعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما يمكن اعتباره حداً أدنى لمكاسبها وسقفاً لتنازلاتها، عشية انطلاق الجولة المكملة للمصالحة الفلسطينية، في القاهرة اليوم.
وأكد مصدر مسؤول في الحركة، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن «حماس ترى الكرة في ملعب مصر و(فتح) ودول عربية أخرى، بعدما أظهرت أكبر قدر من المرونة للوصول إلى نقطة متقدمة في طريق المصالحة».
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الحركة «تنتظر الوفاء بوعود قُطعت من قبل أطراف عدة، بعضها سياسي، وبعضها الآخر اقتصادي وتنموي»، فيما شدد على «ثوابت لا يمكن الرجوع عنها؛ مثل سلاح المقاومة، والمشاركة المتكافئة في الحكومة».
ومن المنتظر أن تحسم جولة المصالحة بين ممثلين عن حركتي «فتح» و«حماس»، عدداً من الملفات الخلافية بين الفصيلين، وعلى رأسها سلاح «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، ومسألة العقوبات المالية المفروضة من السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.
ويترأس وفد «فتح» في المفاوضات، عضو اللجنة المركزية للحركة، عزام الأحمد، ويضم القياديين روحي فتوح، وفايز أبو عيطة، وحسين الشيخ، واللواء ماجد فرج. وفي المقابل، يضم وفد «حماس» كلاً من يحيى السنوار، وخليل الحية، وحسام بدران، وعزت الرشق، وموسى أبو مرزوق، وصالح العاروري.
وقبيل انطلاق المفاوضات، قال الناطق باسم حماس، عبد اللطيف القانوع، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الحركة متمسكة بمرجعية اتفاق القاهرة لعام 2011 بين الحركتين، وستبدأ المحادثات انطلاقاً من بنوده، مضيفاً أن «حماس» تأمل في أن تتزامن المفاوضات مع بدء تخفيف العقوبات المفروضة من السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت حركة «حماس»، إن السلطة أوقفت رواتب 37 نائباً من نواب كتلة التغيير والإصلاح (التابعة لحماس) في الضفة الغربية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي، اجتمعت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله، لأول مرة في غزة منذ 3 سنوات، ولم تشر نتائج الاجتماع إلى قرارات بشأن العقوبات المفروضة على القطاع.
وينص «اتفاق القاهرة» الذي توصلت إليه «حماس» و«فتح» والفصائل الفلسطينية، برعاية مصرية، على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.
وبشأن التنازلات التي يمكن أن تقدمها حركته، خصوصاً ما يتعلق منها بالمشاركة في الحكومة، أشار القانوع إلى أن الغرض الأساسي من المصالحة لدى «حماس»، هو تحقيق الشراكة السياسية، وسيتحقق ذلك عبر المشاركة في التشكيل الوزاري المرتقب.
ورداً على إمكانية أن تمثل مشاركة وزراء من «حماس» في الحكومة عائقاً أمام الحصول على دعم دولي للسلطة الفلسطينية، قال الناطق باسم الحركة: «(حماس) شاركت في انتخابات تشريعية ديمقراطية نزيهة خضعت للرقابة، وحصدت الأغلبية ولها الحق في المشاركة بموجب تلك النتائج في الحكومة».
وترفض الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، المصالحة، وتعتبرها «وهمية»، وتدعو «حماس» للاعتراف بها.
وجدد القانوع، رفض حماس لطرح سلاح «كتائب القسام» للنقاش، وأضاف: «لم يكن مطروحاً من قبل، في أي مرحلة، ولن يطرح مجدداً».
وتحظى المفاوضات المكملة للمصالحة، برعاية مصرية رفيعة المستوى، خصوصاً أن مدير جهاز المخابرات العامة المصرية، خالد فوزي، شارك مع وفد أمني مصري، في إتمام وصول حكومة الحمد الله إلى قطاع غزة الأسبوع الماضي، وعبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في رسالة تلفزيونية موجهة للحكومة الفلسطينية، عن دعم مصر للتوافق الكامل بين الفصائل الفلسطينية.
وعقد السيسي، أول من أمس، اجتماعاً ضم رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ووزراء الدفاع، والداخلية، والعدل، والمالية، بالإضافة إلى رئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، إن الاجتماع تناول تطورات الجهود التي تبذلها مصر على صعيد تحقيق المصالحة الفلسطينية، وما أسفر عن تلك الجهود من اتخاذ الفصائل الفلسطينية خطوات ملموسة لإنهاء الانقسام ورأب الصدع، مضيفاً أن الرئيس وجه بمواصلة «التحركات المصرية الرامية لمساعدة الأشقاء الفلسطينيين في بدء مرحلة جديدة من وحدة الصف الفلسطيني، تمهيداً للانطلاق نحو تحقيق السلام العادل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، بما يلبي طموحات الشعب الفلسطيني المشروعة في حياة آمنة ومستقرة ومزدهرة».
من جهة أخرى، أكد رئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة نائب رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية لطريق الحرير منيب المصري، لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية، أن حجم الاستثمارات المتوقعة في قطاع غزة، بعد إتمام جهود المصالحة بين فتح وحماس، يقدر بنحو 5 مليارات دولار، ما بين مطار وميناء وتنمية ومصانع، مشيرا إلى أنه جرى عرض فرص الاستثمار على الوفد الصيني الذي زار فلسطين الأسبوع الماضي.
وأضاف: «إن من أهم المواضيع التي من المخطط الاستثمار بها، ربط الضفة الغربية بقطاع غزة بطريق للسيارات وسكة حديد، إلى جانب إنشاء ميناء بحري في غزة ومطار جوي»، منوهاً إلى أن هذه المشاريع ستضع فلسطين على خريطة التصدير إلى العالم، وستجعلها دولة متقدمة ومصدرة، لافتا إلى أن «موقعها الجغرافي وطاقاتها البشرية المحبة للإنتاج سيكونان عاملاً مساعداً في تحقيق نموها وتقدمها».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.