لقاء برّي ـ الحريري ـ جنبلاط.. عناوين تصالحية تمهد لتحالفات انتخابية

أسئلة عدّة أحاطت باللقاء الثلاثي الذي جمع كلاً من رئيسي الحكومة ومجلس النواب سعد الحريري ونبيه برّي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في منزل الأخير في بيروت، مساء أول من أمس، حتى ذهب البعض إلى الحديث عن تحالف سياسي جديد أو «انقلاب» قد يترك تداعياته السياسية على الساحة اللبنانية، لا سيما في الانتخابات النيابية المقبلة، أو قد يكون موجهاً ضد أطراف بعينها؛ وعلى رأسها رئيس الجمهورية ميشال عون.
هذه التحليلات أو التوقعات التي رافقت اللقاء، سرعان ما حاولت الأطراف المعنية تبديدها عبر التأكيد على أن الهدف الأساسي للقاء كان تحصين لبنان داخليا وخارجيا بعيدا عن المحاور المتصارعة، وذلك عبر التأكيد على أولوية المصلحة الوطنية، وأهمية عمل المؤسسات وتحييدها عن أي مستجدات إقليمية قد تحدث في ضوء المتغيرات المتسارعة في المنطقة، مع التأكيد على أنه لم يأت ضد أحد ولا في مواجهة أي طرف.
في المقابل، لفتت مصادر مطلعة على اللقاء، إلى أنه إلى جانب هذه الموضوعات، كان «حزب الله» هو الحاضر الغائب في الجلسة عبر حليفه برّي، لا سيما في ضوء التضييق عليه والعقوبات الأميركية التي من المتوقع أن تكبّله أكثر في المرحلة المقبلة نتيجة سلوكه طريقا مغايرا لسياسة النأي بالنفس.
ورغم إعطاء البعض اللقاء طابعا تصالحيا بين جنبلاط والحريري، وهو ما أشار إليه النائب في كتلة برّي، ميشال موسى، على خلفية تباينات سياسية وصلت إلى حد تبادل الاتهامات فيما بينهما، نفت مصادر الحريري هذا الأمر، واصفة إياه بأنه «استنتاج في غير مكانه»، ومذكرة باللقاءات التي حصلت أخيرا بين الطرفين، وكان آخرها الأسبوع الماضي، إضافة إلى التواصل الدائم عبر موفدين وممثلين لهما، في وقت يؤكد فيه الحزب الاشتراكي على لسان مفوضه الإعلامي، رامي الريس، على أن حضور برّي في اللقاء كانت له أهمية في تعزيز المسار التقاربي بين جنبلاط والحريري، الذي كان قد بدأ قبل فترة.
وأوضحت مصادر الحريري لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «عناوين ثلاثة كانت محور اللقاء الثلاثي، هي: عمل الحكومة واستمراريتها، وإجراء الاستحقاقات في موعدها، والبحث في الوضع الإقليمي والتأكيد على مصلحة لبنان وتحييده عن أي مستجدات قد تحصل». وفي حين أكدت المصادر على العلاقة السياسية بين الأطراف الثلاثة التي من الممكن أن تؤدي إلى تحالفات انتخابية فيما بعد، رأت أنه «من المبكر الحديث عن هذا الأمر».
من جهته، قال النائب ميشال موسى لـ«الشرق الأوسط»: «اللقاء جاء تتويجا لجهود بدأت منذ فترة، لا سيما أن الرئيس برّي هو صديق الطرفين وبإمكانه أن يلعب دورا إيجابيا في هذا التقارب»، مع تأكيده على أن «الاجتماع لم يكن موجها ضد أحد، كما أنه ليس تأسيسا لأي تحالف جديد، ولا يعدو كونه تواصلا سياسيا ضروريا ومهما».
كذلك، ومع تأكيد الريّس على إيجابية اللقاء وأنه ليس موجها ضد أحد ولم يكن يهدف إلا إلى استقرار لبنان وتحصينه على جميع المستويات، فإنه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن التحالفات الانتخابية لم تكن بعيدة عن اللقاء رغم أن خريطة الانتخابات لا تزال غير مكتملة بشكل نهائي؛ «إنما لا شك في أن المسار الإيجابي هو الذي بات يغلب على التحالف الانتخابي بين (تيار المستقبل) و(الاشتراكي)، وقد يشكّل هذا اللقاء اتجاها نحو خطوات البحث الثنائي فيما بعد».
من جهته، استبعد عضو «تكتل التغيير والإصلاح»، (التيار الوطني الحر)، النائب أمل أبو زيد، أن «يكون اللقاء الثلاثي موجها ضد رئيس الجمهورية أو أحد». وقال في حديث له: «هو ليس حلفا ثلاثيا موجها ضد أحد؛ إنما لتحصين الاستقرار في وجه التجاذبات الحاصلة في المنطقة، لا سيما أن وضع لبنان هش، والبركان قريب من حدودنا»، مشيرا إلى أن «الاتفاق بين الأحزاب السياسية الذي يؤمن استمرار الاستقرار الذي يعيشه لبنان، شيء إيجابي».
وبعد اللقاء الذي عقد مساء الأحد، كان جنبلاط قد كتب في حسابه على «تويتر» قائلا: «جمعة حوار ووفاق واتفاق على أهمية الاستقرار ومقاربة الأمور بواقعية. إن تحصين لبنان يجب أن يبقى أولوية فوق كل اعتبار». كما لفت بيان صادر عن «الاشتراكي»، إلى أنه «تم خلال اللقاء استعراض الأوضاع المحلية والتطورات الإقليمية والتأكيد على ضرورة بذل كل جهود لأجل حفظ الاستقرار وتحصين الساحة الوطنية إزاء كل الأخطار المحدقة بالوطن، وتفعيل عمل المؤسسات لما فيه مصلحة الوطن والمواطن».