السراج يشدّد على الانتخابات لحل الأزمة الليبية ويرفض «تكرار المراحل الانتقالية»

الأمم المتحدة تحدّد موعد استئناف «حوار تونس»... ومحتجون يغلقون «برلمان طبرق»

TT

السراج يشدّد على الانتخابات لحل الأزمة الليبية ويرفض «تكرار المراحل الانتقالية»

شدّد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، فائز السراج، أمس، على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لحل الأزمة الراهنة في البلاد. وقال السراج عقب اجتماعه مع أمر الله أشلر الممثل الخاص للرئيس التركي، في طرابلس، إنه يرى عدم تكرار المراحل الانتقالية مرة أخرى لما يشكله ذلك من أعباء جديدة ترهق البلد، مؤكدا على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هي المخرج من الأزمة الراهنة مع توفير المناخ الملائم لإجرائها. وأشار السراج بحسب بيان وزعه مكتبه، من دون أن يحدد الجهة أو الشخص المعني بحديثه، إلى أن هناك من يعترض شاهرا فزاعة الوضع الأمني في حين أن السبب الحقيقي لمعارضته للانتخابات تكمن في الخوف من فقدان المناصب والامتيازات والمصالح، وإزاحته من المشهد السياسي.
بدوره، جدّد المبعوث التركي دعم بلاده لحكومة السراج ولخريطة الطريق التي أعلنها رئيس البعثة الأممية، مبدياً استعداد بلاده للعمل مع جميع الأطراف الليبية. كما أكد رغبة بلاده في مواصلة المشاريع المتفق عليها كما أبدى تطلع تركيا للمساهمة في تنفيذ مشاريع جديدة في ليبيا. فيما تحدث السراج عن أن هناك أرضية مشتركة للتعاون مع تركيا، معربا عن أمل حكومته في أن يتطور ويتسع ليشمل مجالات خدمية واقتصادية متعددة.
في غضون ذلك، أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، أن لجنة الصياغة الموحدة لمجلسي النواب والأعلى للدولة ستباشر أعمالها من تونس السبت المقبل. وأكدت مصادر مطلعة بوزارة الخارجية التونسية لـ«الشرق الأوسط»، التزام تونس الحياد واتخاذ نفس مسافة الحياد حيال مختلف الأطراف الليبية سواء منها المشاركة في جلسات الحوار أو غيرها من القوى الليبية. وتوقعت أن تكون نتائج الجولة التي أداها سلامة إلى ليبيا ومقابلته مع القيادات السياسية والأمنية الليبية، حاسمة في اتخاذ القرار بعودة الفرقاء الليبيين إلى طاولة الحوار من جديد.
وكان عبد الرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة قد استبق اجتماع تونس المرتقب، بالتشديد على أن الحل العسكري مرفوض رفضاً تاماً في ليبيا، ولا بديل عن الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، بدءاً من تعديل الاتفاق السياسي وفقاً لخريطة الطريق المُعلنة في نيويورك. واعتبر في تصريحات لصحف إيطالية وزعها مكتبه أمس أن ليبيا تحتاج إلى حكومة وحدة وطنية قوية تحظى بتوافق سياسي واسع، لرفع المعاناة عن المواطنين، وإنهاء الانقسام القائم، وتوحيد الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية، وتمهيد الطريق نحو إجراء الاستحقاق الدستوري والانتخابي كنهاية للمرحلة الانتقالية الحالية. وانتقد السويحلي بشكل ضمني المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، حيث قال إن محاولات عملية الكرامة التي يشنها الجيش لإشعال حروب وزعزعة الوضع الأمني في المنطقة الغربية هي عبث غير مسؤول، وستبوء بالفشل الذريع، كما حذر من استغلال أزمة مدينة صبراتة سياسيا من قبل بعض الأطراف ودعا لإتاحة الفرصة لجهود التهدئة والحوار كوسيلة لحل الأزمة.
وجاءت هذه التطورات تزامناً مع منع متظاهرين غاضبين أعضاء مجلس النواب الليبي أمس من عقد جلسة صباحية كانت مبرمجة سلفا بمقرهم في مدينة طبرق (شرق ليبيا)، احتجاجا على عدم تلقيهم مرتبات من الحكومة المؤقتة الموالية للمجلس برئاسة عبد الله الثني. وتعرض مقر المجلس، الذي يعتبر بمثابة البرلمان الشرعي في البلاد، إلى إغلاق مؤقت من قبل بعض المواطنين الغاضبين، بينما قالت وكالة الأنباء الموالية للبرلمان إن الاحتجاج يأتي ردا على تردي الخدمات في البلدية. وتعد هذه المرة الرابعة على الأقل، التي يقدم فيها محتجون على إغلاق مقر مجلس النواب منذ تدشينه رسميا قبل نحو عامين.
وقال عبد الله بليحق الناطق الرسمي باسم البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إنه كان يفترض أن تعقد الجلسة في وقت لاحق من مساء أمس، لسببين الأول انتظار وصول طائرة بعدد كبير من النواب قادمين من طرابلس والسبب الثاني اعتصام عدد من الشباب مطالبين بصرف مرتباتهم من الحكومة المؤقتة. وذكر بليحق أنه «ليس لدى المعتصمين علاقة بأمر سياسي»، مؤكدا أن الجلسة ستعقد مساء الاثنين (أمس) واليوم. وقالت مصادر برلمانية أخرى وشهود عيان إن الشرطة العسكرية تدخلت وقامت بطرد المحتجين على نحو يسمح للمجلس بعقد جلسته كما هو مقرر في وقت لاحق من مساء أمس.
لكن وكالة الأنباء الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس قالت في المقابل، إن محتجين منعوا النواب من الدخول للمجلس، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية، مشيرة إلى أنهم طالبوا رئاسة البرلمان بضرورة وضع حد نهائي لمشكلة المعينين بقطاعات بلدية طبرق والبالغ عددهم 17 ألف خريج من مختلف التخصصات، وسداد مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ مباشرتهم العمل نهاية العام الماضي. وكان البرلمان قد دعا أعضاءه لحضور جلسة تدوم يومين لمناقشة ما توصلت إليه لجنة الحوار التي تضم ممثلين عن مجلسي النواب والأعلى للدولة في تونس الأسبوع الماضي برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
من جهة أخرى، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها قدمت المساعدات الطارئة لما لا يقلّ عن أربعة آلاف مهاجر تم نقلهم من مدينة صبراتة إلى مستودع بمنطقة دحمان بعد أن كانوا متواجدين بعدّة مراكز إيواء ومخيّمات غير نظامية، بعد أسابيع من اندلاع الاشتباكات بالمدينة، وتُمثّل إحدى أهمّ نقاط المغادرة بالنسبة إلى قوارب المهاجرين التي تحاول خوض غمار الرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر مسار البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا. وقالت المنظمة في بيان لها إن فريقا ميدانيا أوفدته قبل يومين، أوضح أنّ مكتب مكافحة الهجرة غير الشرعية يحتفظ بألفين وستمائة مهاجر (من بينهم 1819 رجلا و704 نساء و11 طفلا) في المكان، مشيرة إلى أنه نُقل مهاجرون آخرون من مواقع مختلفة من صبراتة إلى المستودع، ويُنتظر قدوم المزيد قريبا. ويتحدر أصل هؤلاء المهاجرين من عدّة بلدان ويوجد من بينهم نساء حوامل وأطفال حديثو الولادة وأطفال غير مصحوبين. وقالت المنظمة إنها زودت هؤلاء بالغذاء والمياه ولوازم الإغاثة الأساسية، موضحة أنها ستقدم دعما نفسيا واجتماعيا خلال الأيام القليلة القادمة.
ونقل البيان عن عثمان البلبيسي رئيس فرع المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا: «يُساورنا قلق بالغ إزاء الأعداد الكبيرة للمهاجرين الذين علقوا خلال أحداث صبراتة الأخيرة». وأضاف: «أصبح إيجاد بدائل لمراكز الإيواء ضرورة».
وكانت السلطات الليبية قد أعلنت عزمها نقل المهاجرين القابعين في مستودع صبراتة إلى مراكز إيواء بطرابلس. لكن المنظمة لفتت إلى أنه «ومع تنقّل المزيد من المهاجرين عبر المستودع الذي يفتقر إلى أدنى المرافق، تنشأ حاجة ملحّة إلى توفير المساعدات الأساسية التي تتضمن الغذاء والمياه ولوازم الإغاثة الأساسية والمساعدات الصحية». وقال البلبيسي «سوف نستمرّ في رصد الوضع عن كثب بالتشاور مع الشركاء الميدانيين في المجال الإنساني»، مشيرا إلى أن المنظمة الدولية للهجرة تدعو إلى استجابة موحدة ومنسّقة يقودها جميع الفاعلين في المجال الإنساني من أجل تلبية احتياجات هؤلاء المهاجرين.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.