30 ألف امرأة في إسرائيل يطالبن نتنياهو بالجنوح إلى السلام

رفضن الحرب على غزة وأدنّها وصمن عن الطعام طيلة أيامها

TT

30 ألف امرأة في إسرائيل يطالبن نتنياهو بالجنوح إلى السلام

اختتمت مسيرة «نساء يصنعن السلام» الإسرائيلية، الليلة قبل الماضية، بمهرجان ضخم فاق كل التوقعات؛ إذ شاركت فيه نحو 30 ألف امرأة، وصلن إلى «حديقة الاستقلال» في القدس الغربية، رفعن شعارهن الأساسي القائل: «السلام ممكن وعلى القادة أن يصنعوه».
وكانت المسيرة قد انطلقت قبل أسبوعين من مدينة «سديروت» المجاورة لقطاع غزة، وطافت كل أنحاء إسرائيل، ووصلت إلى أريحا يوم السبت الماضي، ثم اختتمت في القدس. وشاركت فيها آلاف النساء الإسرائيليات والفلسطينيات المطالبات بالتوصل إلى اتفاق سياسي. وكان من بين المتحدثين في التظاهرة، النائب السابق شكيب شنان، الذي فقد ابنه الشرطي كميل في العملية التي وقعت في الحرم القدسي في يوليو (تموز) الماضي. وقال: «رغم أن قلبي ينزف دما، أقف هنا هذا المساء معكن بفخر وبإيمان بأن السلام والمحبة يجب أن يجمعانا. عانينا كثيرا، وفقدت عائلات إسرائيلية وفلسطينية أولادها وبقينا مع جرح لا يلتئم. جئت إلى هنا لأقول – نحن نحب الحياة. يسمح لنا القول بصوت عال – نحن نحب السلام». ودعا شنان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الجلوس معا وتحقيق السلام، وقال: «اسمعا أصوات الحقيقة والعدالة، نريد السلام، ومن هذا المكان يخرج الأمل».
وقالت ليؤورا هدار، من مستوطنة «علي زهاف» في الضفة الغربية: «انضممت إلى حركة (نساء تصنعن السلام) من خلال الرغبة بالتعرف على نساء إسرائيليات من مختلف الطيف الاجتماعي والسياسي، والجلوس معا والتحدث عن قضايا لا نتمكن عادة من الالتقاء للحديث عنها، وأيضا من خلال الرغبة بالتعرف على نساء فلسطينيات والتوصل معهن إلى حوار وتعارف». وأضافت أن «التغيير يمكن أن يحدث إذا قررت آلاف النساء معا أنهن لسن مستعدات لمواصلة العيش في صراع».
والمسيرة من إعداد وتنظيم مجموعة نسائية بدأت صغيرة وكبرت، إلى أن باتت تضم آلاف الناشطات الإسرائيليات من مختلف الاتجاهات السياسية، وتطالب بالتوصل إلى حل متفق عليه بين الفلسطينيين وإسرائيل من أجل إنهاء الصراع في المنطقة. وتنبع خصوصية هذه المجموعة، من أن المُبادِرات فيها من جميع أطياف السياسة، بما في ذلك اليمين. وكانت بدايتها في الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2014؛ إذ أعلنّ رفضهن الحرب بأي شكل من الأشكال والإصرار على ضرورة أن يقوم القادة بواجبهم في صنع السلام.
وصمن في العام الماضي عن الطعام لمدة 51 يوما، في إشارة إلى الفترة التي استغرقتها تلك الحرب. وأكدن إدانة الحرب ودعوة الحكومة الإسرائيلية للبحث عن حل سياسي ينقذ أزواج وأبناء النساء الإسرائيليات من الحروب. وقامت هذه المجموعة في العام الماضي، بتنظيم مسيرات جابت الطرق الرئيسة في إسرائيل، إلى أن وصلن إلى منطقة المغطس على نهر الأردن، حيث انضمت إليهن نحو 800 ناشطة فلسطينية بالتنسيق مع المحافظات وديوان الرئاسة الفلسطينية. وطلبن لقاء كل من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وقد استجاب عباس والتقاهن، وبارك نشاطهن، وأعلن التزامه أمامهن بعمل كل شيء في سبيل السلام. وقال: إنه بصفته ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني يؤكد حرصه والتزامه بالسلام العادل الذي يفضي للاعتراف بحقوق الشعبين وبحل دولتين متجاورتين، إسرائيل وفلسطين، على حدود 1967.
ولكن نتنياهو رفض لقاءهن، على الرغم من أن عددا من المبادرات هن من أعضاء حزبه الليكود. بل قام حراسه بوضع ستار أسود ضخم لحجبهن عن مقر الرئاسة. ومنذ تلك المسيرة مضى عام كامل والنساء الإسرائيليات يركزن نشاطهن ضد حكومة نتنياهو. وهن يعملن لزيادة عددهن، حتى بلغت المشاركة في مظاهراتهن إلى قرابة عشرة آلاف امرأة. وعشية اختتام المسيرات، سئلت هدار، إحدى المنظمات، عن عدد النساء الذي تتوقع أن يشاركن في المهرجان الختامي. فأجابت: سأكون سعيدة إذا وصلنا إلى 5 آلاف امرأة في هذا الطقس الماطر. وكانت المفاجأة في حضور 30 ألفا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.