الحكومة التونسية تتخلى عن الانتدابات في القطاع العام

للعام الثاني على التوالي

TT

الحكومة التونسية تتخلى عن الانتدابات في القطاع العام

حفاظا على التوازنات المالية في تونس وفي إطار معالجة الخلل الحاصل على مستوى ميزانية الدولة، أقرت الحكومة منع الانتدابات في القطاع العام للسنة الثانية على التوالي، وقررت كذلك عدم تعويض المحالين للتقاعد باللجوء إلى إعادة توظيف الأعوان والكوادر الإدارية ونقلها من إدارة إلى أخرى، وذلك للضغط على عدد العاملين في القطاع العام والنزول بتلك الأعداد بصفة تدريجية من 630 ألف موظف حاليا إلى نحو 500 ألف موظف.
وتعمل الحكومة التونسية على التخلص من الأعباء المالية لعشرات الآلاف من موظفي القطاع العام الذين يتقاضون أجورا دون أن يقدموا خدمات فعلية للاقتصاد التونسي، ومن المنتظر تسريح ما لا يقل عن 120 ألف موظف عمومي على الأقل بحلول سنة 2020 (نهاية مخطط التنمية الاقتصادية الحالي والذي بدأ من 2016). ويقدر عدد الموظفين الذين يتقاضون رواتب شهرية دون تقديم عمل فعلي بنحو 130 ألف عامل في القطاع العام.
وتصطدم رغبة الحكومة بانتقادات نقابات العمال التي تدعو إلى اعتماد حلول أخرى غير الضغط على مواطن العمل، وذلك على غرار محاربة التجارة الموازية وإصلاح النظام الجبائي ومكافحة كل أنواع التهرب الضريبي.
وحثت الحكومة في قانون سنته في شهر يونيو (حزيران) الماضي، آلاف الموظفين في القطاع على الخروج الطوعي من القطاع العام، ودعت من بلغوا سن 57 سنة للذهاب إلى التقاعد مع تمكينهم من حوافز مالية لبدء مشاريع استثمارية خاصة.
وكان صندوق النقد الدولي قد انتقد صرف الحكومة التونسية أقساط القروض المتفق بشأنها معه، في توفير الرواتب ودفع الأجور، عوض توجيهها نحو مشاريع التنمية وتوفير فرص العمل أمام نحو 620 ألف عاطل عن العمل من بينهم 250 ألفا من خريجي الجامعات التونسية، وبالتالي إهدار فرص الانتعاشة الاقتصادية وتحقيق نسبة نمو اقتصادي قادرة على خلق الثروة وتجاوز اختلالات الموازنة العامة.
ودعا الصندوق تونس إلى تخفيض كتلة الأجور من نحو 14 في المائة من ميزانية الدولة إلى 12 في المائة فقط، وذلك ضمن مجموعة الإصلاحات الاقتصادية المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي.
وأعلنت الحكومة التونسية، خلال الثلاث سنوات المقبلة، عن إعطاء الأولوية للمشاريع ذات المردودية العالية والمشاريع الكبرى التي تساهم مباشرة في تحسين ظروف عيش التونسيين خاصة المناطق الداخلية الفقيرة.
على صعيد متصل، أكدت بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور تونس حاليا، على ضرورة خلق مواطن شغل واحتواء الدين العمومي والتصرف الأمثل في كتلة الأجور. وفي المقابل لاحظت بعثة الصندوق التزام السلطات التونسية بإدراج الإصلاحات المطلوبة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2018، وهو ما يعد مؤشراً على قبولها الضمني بتوفير القسط الثالث من القرض المتفق بشأنه مع السلط التونسية والمقدر بنحو 370 مليون دولار (نحو 875 مليون دينار تونسي).
وقال بيورن روتر رئيس البعثة: «سيرتكز مشروع قانون المالية الجديد (في تونس) على التخفيض من العجز في الميزانية من خلال إصلاح جبائي شامل وعقلنة المصاريف غير الضرورية علاوة على تخصيص أكثر موارد لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة... ففي ظل مناخ ملائم، ستتيح الاستثمارات القائمة على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص تحسين البنية التحتية وتوفير التمويلات للمصاريف الضرورية الأخرى في مجالي الصحة والتعليم».
ووافق صندوق النقد الدولي شهر مايو (أيار) من سنة 2016، على منح تونس قرضا بقيمة 2.9 مليار دولار، في إطار «تسهيل الصندوق الممدد»، وذلك لمدة 4 سنوات تنتهي سنة 2020.



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.