فرح وقلق في الموصل مع بدء أول عام دراسي في ثلاث سنوات

من أصل 600 مدرسة فتحت أبوابها 310 فقط في شطري المدينة

تلميذات في طريقهن إلى مدرسة في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ف.ب)
تلميذات في طريقهن إلى مدرسة في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ف.ب)
TT

فرح وقلق في الموصل مع بدء أول عام دراسي في ثلاث سنوات

تلميذات في طريقهن إلى مدرسة في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ف.ب)
تلميذات في طريقهن إلى مدرسة في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ف.ب)

يقف التلميذ علي سالم أمام مدرسته بانتظار أداء امتحان اللغة الإنجليزية للمرة الأولى بعد ثلاثة أعوام من توقف الدراسة بشكل إجباري إثر سيطرة تنظيم داعش على الموصل.
غادر هذا الشاب اليافع مخيم الحاج علي للنازحين الذي يبعد 60 كلم جنوب الموصل باكرا، وألقى آخر نظرة على محاضراته التي درسها قبل ثلاث سنوات والتي سيقدم امتحانا فيها. ويقول وهو يحمل حقيبة ظهر: «مساء يوم 10 يونيو (حزيران) علمنا أن (داعش) استولى على المدينة وكان لدي صباح اليوم التالي امتحان رياضيات لكن الدراسة توقفت». وأضاف: «عمري الآن 18 عاما. خسرت ثلاث سنوات بسبب (داعش) لكنني سعيد جدا لأننا نعود إلى المدرسة وأتمنى أن أجتاز الامتحان لأن مستقبلي يعتمد عليه». ويقول علي وهو في سن المراهقة الآن إنه كان في الصف الثالث المتوسط عندما استولى المتشددون على مدينته ويتوجب عليه إعادة إجراء الامتحان هذه المرحلة التي بقي فيها منذ ذلك الحين.
وفي مواجهة الوضع غير المسبوق لطلاب مدارس نينوى البالغ عددهم 300 ألف، قررت الوزارة إجراء اختبارات الذكاء في المدرسة الابتدائية لتحديد الفئة التي سيعودون إليها، وفحص المعرفة في المدارس الثانوية.
وعلى بعد خطوات في حي المنصور نفسه مقابل مبنى انهار بسبب ضربة جوية، تجمع عدد من الطلاب من الأعمار نفسها بانتظار إجراء امتحان لكن بقلق. ويقول محمد عبد النافع: «نسيت كل شي. تمكنت من تصوير جزء واحد من كتاب لكن سيمتحنونني بالكتاب كاملا».
ويقف عبد النافع مع أصدقائه وهم يتكئون على جدار بانتظار أن تفتح مدرسة الأمل أبوابها بينما يواصل عمال إعادة تأهيل المجاري والأرصفة التي دمرت بالقصف. وقال هذا التلميذ الذي كان يرتدي قميصا أحمر «أنا سعيد جدا بعودتي إلى المدرسة لكنني قلق. إذا فشلت فسوف أحال إلى مدرسة المسائي». والدراسة المسائية بحسب هذا التلميذ القادم من حي الصمود الواقع بجنوب المدينة «مشكلة حقيقة» لأن الدوام فيها يقتصر على يومين في الأسبوع بعكس الدراسة الصباحية التي تستمر لخمسة أيام بالأسبوع. ووفقا للنظام الدراسي في العراق فإن الطلبة الذين يبلغون سنا أكبر من سن المرحلة الدراسية ينقلون إلى الدراسة المسائية.
إذا كانت الدراسة لن تبدأ حتى مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) في الجانب الغربي للمدينة التي دمرها القتال الذي انتهى في العاشر من يوليو (تموز)، فإن المدارس في الجزء الشرقي التي تضررت أقل بكثير وانتهى فيها القتال قبل ستة أشهر من استعادة الجانب الغربي، فتحت أبوابها في مطلع الشهر الحالي. لكن الثمن باهظ. فمن أصل 600 مدرسة في الموصل 210 تعمل في الجانب الشرقي ومائة فقط في الجانب الغربي.
جلس مدير عام تربية نينوى في مكتبه الذي اتخذه في الطابق العلوي بسبب احتراق الطابق الأرضي بشكل كامل إثر المعارك. وقال وحيد عبد القادر: «توجهنا منذ اليوم الأول لعمليات تحرير نينوى حتى نكون الخط الثاني بعد قواتنا الباسلة من أجل تأهيل مدارسنا». واستجاب الأهالي بشكل كبير وعبروا عن حرصهم لإعادة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة بالزي الرسمي على الرغم من دوي الانفجارات والقصف الذي ما زال يسمع في الجانب الآخر.
وخلال فترة حكم «داعش»، اضطر مدير مدرسة زبيدة في الجزء الشرقي من المدينة البقاء في منزله. ويقول محمد إسماعيل لوكالة الصحافة الفرنسية: «في هذا الحي بقيت مدرسة واحدة مفتوحة تحت إشراف (داعش)». وأضاف «البعض اضطر للعمل معهم وكان الطلاب جميعهم أطفال المتشددين من الفرنسيين والروس والشيشانيين».
وبينما يمرح الأطفال في ملعب مدرسة الزيتون، ينتظر يوسف رضوان بفخر كتاب القراءة الأول. وقال هذا الصبي الذي يبلغ من العمر ست سنوات ويرتدي زيه الأبيض: «اللعب في المنزل أمر مزعج وأنا أفضل أن أكون هنا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.