«طالبان» تتوعد «التكنولوجيا» الأميركية بقتال آيديولوجي

كابل بعد تسلمها مروحيات «بلاك هوك» من واشنطن تتحدث عن تفوق قواتها على المتمردين

الرئيس الأفغاني أشرف غني خلال عملية تسلم طائرة «بلاك هوك» الأميركية في قاعدة قندهار العسكرية أول من أمس (رويترز)
الرئيس الأفغاني أشرف غني خلال عملية تسلم طائرة «بلاك هوك» الأميركية في قاعدة قندهار العسكرية أول من أمس (رويترز)
TT

«طالبان» تتوعد «التكنولوجيا» الأميركية بقتال آيديولوجي

الرئيس الأفغاني أشرف غني خلال عملية تسلم طائرة «بلاك هوك» الأميركية في قاعدة قندهار العسكرية أول من أمس (رويترز)
الرئيس الأفغاني أشرف غني خلال عملية تسلم طائرة «بلاك هوك» الأميركية في قاعدة قندهار العسكرية أول من أمس (رويترز)

شهدت ولاية قندهار عاصمة الجنوب الأفغاني التي تعتبر المعقل السابق لحركة طالبان وعاصمتها الروحية (بحكم أن زعيم الجماعة الراحل الملا عمر كان يعيش فيها إلى خروجه منها مطارداً إلى مناطق القبائل الباكستانية عقب الهجوم الأميركي على نظام طالبان نهاية عام 2001)، أمس، وصول أول دفعة لمروحيات «بلاك هوك» الأميركية الشهيرة التي وعدت البنتاغون الجيش الأفغاني بتزويده بالعشرات منها في قتاله ضد طالبان وتنظيم داعش. ولطالما كانت الحكومة الأفغانية تشتكي من افتقار قواتها الجوية لسلاح الجو الفتاك في مواجهة مقاتلي طالبان، والجماعات المسلحة الأخرى، التي تقاتل القوات الحكومية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وكان المطلب الرئيس للحكومة الأفغانية خلال اجتماعات المانحين بأنها تبحث عن تعزيز قواتها الجوية في حربها ضد الإرهاب، وأخيراً تستجيب لها الولايات المتحدة الأميركية التي سلمت مروحيتين من طراز «بلاك هوك».
لكن ردّ جماعة طالبان الطرف المعني، من وراء تعزيز الجيش الأفغاني بالمروحيات المتطورة، لم يتأخر كثيراً، حيث ردت الحركة على تسليم أول دفعة من مروحيات «بلاك هوك» الحديثة طراز «يو إتش 60»، لقوات الأمن الأفغانية، حيث قال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد في بيان إن «القائد الأميركي الجنرال نيكلسون وأشرف غني الرئيس الأفغاني يجب أن يتذكرا أن قتالنا لا يعتمد على التكنولوجيا، لكنه قتال بدافع آيديولوجي»، وذلك في بيان صحافي أرسله المتحدث باسم طالبان إلى الوكالات والصحافيين في العاصمة كابل.
وأضاف مجاهد أنه «عندما سقطت الحكومة السوفياتية والشيوعية، تركوا مائة من الطائرات في القواعد الجوية. وكذلك اختبرت أميركا أيضاً مئات من مختلف الطائرات هنا منذ 16 عاماً».
ومضى في القول: «تعلموا من التاريخ. طائراتكم ستقوينا وستعمل من أجل مصالحنا وأهدافنا، تماماً مثل شاحناتكم (هومفي) و(فورد رانجر)».
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني قد حضر أول من أمس مراسم تسليم الدفعة الأولى من الطائرات المروحية من طراز «بلاك هوك» التي يجري التزويد بها من قبل الحكومة الأميركية، وذلك خلال حفل أُقيم في المطار العسكري بقندهار الواقع جنوب البلاد.
وحضر مراسم الحفل أيضاً الجنرال جون نيكلسون قائد القوات الأميركية وبعثة الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في أفغانستان. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية دولت وزيري إن الولايات المتحدة تخطط لتزويد سلاح الجو الأفغاني بـ159 طائرة من طراز «بلاك هوك» حتى عام 2020. وأضاف وزيري أن الرئيس غني تسلم اثنتين من الطائرات الأربع التي كان من المقرر تسلُّمها، مشيراً إلى أن السبب وراء تأخر وصول الطائرتين الأخريين هو عدم جاهزيتهما للتسليم في الوقت الحالي. وتابع وزيري أن الطائرتين الأخريين سيجري تسليمهما قريباً. ووصلت الطائرات المروحية الأميركية إلى أفغانستان في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. واستطرد وزيري قائلاً إن الطائرات المروحية التي تصنعها الولايات المتحدة ستساعد القوات الأفغانية على التغلب على التحديات القائمة في الحرب ضد الإرهاب.
وفي 3 سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن الرئيس الأفغاني خلال زيارة له إلى إقليم ننجارهار الذي يقع شرق البلاد أنه سيتم إنفاق ستة مليارات دولار على سلاح الجو الأفغاني خلال الأعوام الأربعة المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن سلاح الجو الأفغاني لديه أسطول من الطائرات المروحية الروسية من طراز مي 35 ومي 17، ولكن التحديات القانونية والعقوبات ضد روسيا أحدثت صعوبات فيما يتعلق بشراء قطع الغيار وصيانة الأسطول. ويعتبر تقديم الأسلحة المتطورة للجيش الأفغاني سلاحاً ذا حدين، حسب وصف البعض، يقول جمرود خان وهو محلل عسكري أفغاني إن عمليات الفساد المنتشرة في الجيش الأفغاني تؤخر تزويده من قبل الحلفاء بالعتاد والذخيرة، لا سيما أن تقارير أشارت إلى وجود ثغرات خطيرة في منظومة الجيش والمؤسسة العسكرية برمتها حيث سجلت حالات بيع السلاح والذخيرة من قبل الجنود الأفغان لمقاتلي طالبان».
وقد تفاقمت ظاهرة بيع سلاح وعتاد الجيش الأفغاني، وفقاً لما كشفه المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، الذي حذّر أخيراً من أن الجيش الأفغاني ينخره الفساد، إذ يبيع مجندون فيه أسلحتهم وذخائرهم إلى طالبان. وتصل أسلحة الجيش والأمن المبيعة في السوق السوداء، إلى مقاتلي طالبان أيضاً، بحسب مسؤول محلي في الحكومة بولاية ننجرهار شرق البلاد. وكشف مراقبون عملية بيع سبع بنادق «كلاشنيكوف»، من قبل جنود منسحبين من قاعدة عسكرية إلى تجار، باعوها بدورهم إلى مقاتلي طالبان.
ويؤكد المحلل العسكري وحيد الله خوكياني عملية تزويد الجيش الأفغاني بمروحيات متطورة ضمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخيراً، والتي تركز في الأساس على تعزيز قدرات الجيش الأفغاني ليتمكن من التصدي لنفوذ طالبان المتزايد. وكان قد ترمب قد أعلن ما وصفه بـ«الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان وجنوب آسيا».
ورغم أنه لم يقدم تفاصيل كثيرة عن استراتيجيته الجديدة فإنّه قرر إرسال نحو 4000 جندي أميركي لينضموا إلى 8400 جندي أعلن أوباما في نهاية رئاسته أنهم سيبقون هناك، بعد أن صرّح في مطلعها بأن التورط الأميركي في أفغانستان سينتهي في نهاية رئاسته الثانية.



الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
TT

الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)

من المتوقع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى سيول مع تفاقم الأزمة والسيناريوهات المحتملة للدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يلقي خطاباً بالمكتب الرئاسي في سيول (رويترز)

فقد علّق المحقّقون في كوريا الجنوبية تنفيذ مذكرة توقيف أصدرها القضاء بحقّ الرئيس المعزول يون سوك يول لاستجوابه بشأن محاولته الفاشلة قبل شهر فرض الأحكام العرفية في البلاد، بعدما منعهم من ذلك الأمن الرئاسي.

وقال «مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين»، في بيان، إنّه «فيما يتعلّق بتنفيذ مذكرة التوقيف اليوم، فقد تقرّر أنّ تنفيذها كان مستحيلاً على أرض الواقع بسبب المواجهة المستمرة. إنّ القلق على سلامة الموظفين في الموقع أدّى إلى اتخاذ قرار بوقف التنفيذ».

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)

وصباح الجمعة، أعلن المكتب أنّ «تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقّ الرئيس يون سوك يول بدأ». لكن سرعان ما أفادت وكالة «يونهاب» للأنباء أنّ المحقّقين الذين دخلوا مقرّ الإقامة الرئاسي لم يتمكّنوا في الحال من توقيف الرئيس المعزول لأنّ وحدة عسكرية في الداخل تصدّت لهم.

وفي هذا السياق المتوتر، من المنتظر وصول أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كوريا الجنوبية، الدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى واشنطن في المنطقة التي تواجه فيها تحديات من الصين وكوريا الشمالية.

رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)

ووفق سيول، فإنّ التركيز سيكون على كوريا الشمالية التي التزمت حتى الآن الصمت بشأن الأزمة السياسية التي تواجهها جارتها، لكنّ وسائلها الإعلامية تحدّثت، الجمعة، عن حالة «فوضى اجتماعية وسياسية».

وفيما يأتي عرض للسيناريوهات المحتملة في القضية، والأزمة السياسية المتواصلة منذ شهر إثر محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية، قبل انقضاء مهلة مذكرة التوقيف، الاثنين:

محاولة أخرى

يمكن لـ«مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين» أن يسعى لتنفيذ مذكرة التوقيف مرة أخرى قبل انقضاء مهلتها. وقال المكتب، بعد تعليق محاولة الجمعة، إنه «سيتخذ القرار بشأن الخطوات المستقبلية بعد مراجعة إضافية».

وفي حال توقيف يون قبل الاثنين، ستكون أمام المكتب 48 ساعة لطلب إصدار مذكرة جديدة لتوقيفه رسمياً، أو الإفراج عنه.

وكرّر محامو يون التأكيد أن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه «غير قانونية»، متعهدين «اتّخاذ إجراءات قانونية فيما يتعلق بتنفيذ التفويض خلافاً للقانون».

إلى ذلك، اعتبر جهاز الأمن الرئاسي أن عناصر مكتب التحقيق «تطفلوا بشكل غير قانوني» على حرم مقر إقامة يون، مشيراً إلى أنه سيقوم بتحميلهم المسؤولية القانونية عن هذا الأمر.

ورفض اثنان من كبار المسؤولين في الحماية الرئاسية طلب الشرطة الحضور للاستجواب، السبت، وبرّرا ذلك بـ«الطبيعة الجدية» لمهمة حماية يون، حسب بيان اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية».

حتى في حال لم يتمكن مكتب التحقيق من توقيف يون قبل السادس من يناير (كانون الثاني) يناير، يمكن أن يطلب إصدار مذكرة جديدة صالحة لسبعة أيام. كما يمكن لها أن تكون أشدّ، وتتيح إبقاء الرئيس موقوفاً أكثر من 48 ساعة.

مذكرة جديدة

ويرجح خبراء أن يوافق القضاء الكوري الجنوبي على إصدار مذكرة جديدة أكثر صرامة من سابقتها، نظراً لأن الرئيس المعزول رفض تلبية المذكرة القائمة، وسبق له أن رفض 3 مرات التجاوب مع مذكرات استدعاء لكي يتمّ استجوابه.

وقال المحلل السياسي بارك-سانغ بيونغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المذكرات الأشد صرامة تصدر عادة «عندما يرفض مشتبه به التعاون مع التحقيق». ولفت إلى أن يون «حرّض أيضاً وشجّع مناصريه (اليمينيين) المتطرفين، فيما قد تعتبره المحكمة من وجهة نظرها، إقراراً عملياً بالتهم الجنائية».

لكن تنفيذ مذكرة جديدة قد يلاقي المصير ذاته في حال امتنع يون عن مغادرة مقر إقامته، وبقي بعهدة جهاز حمايته الذي يضم وحدة عسكرية.

الرئيس بالوكالة

كما دفعت الأزمة المتواصلة من شهر والمواجهة التي وقعت، الجمعة، بين المحققين وجهاز الحماية الرئاسي، بمكتب التحقيق والحزب الديمقراطي المعارض إلى الطلب من تشوي سانغ-موك، رئيس الجمهورية بالوكالة، إصدار أمر لجهاز الحماية بالتعاون في القضية.

متظاهر يحمل لافتة ضمن تجمع للمطالبة باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول في سيول (أ.ب)

وقال مسؤول في مكتب التحقيق، الجمعة، إن 20 محققاً بمؤازرة 80 شرطياً شاركوا في العملية، لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي شكلوا جداراً بشرياً لمنعهم من المرور.

وأكد مكتب التحقيق أنه «يستحيل عملياً تنفيذ مذكرة التوقيف ما دام المسؤولون في جهاز الأمن الرئاسي يواصلون توفير الحماية» ليون.

ولم يدل تشوي، وهو أيضاً نائب لرئيس الوزراء ووزير للمالية ينتمي إلى حزب يون «قوة الشعب»، بأي تعليق بعد.

ويرجح خبراء أن طلب تشوي من جهاز الأمن التعاون مع التحقيق، سيزيد من فرص تنفيذ مذكرة التوقيف قبل الاثنين.

إلا أن تشوي يواجه انتقادات من حزبه بسبب تعيينه قاضيين لشغل اثنين من المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية التي تنظر في قرار البرلمان عزل يون. وبهذا التعيين، زادت حظوظ مصادقة المحكمة على العزل؛ إذ بات ذلك يحتاج إلى موافقة 6 قضاة فقط من أصل 8.

وقبل تعيين القاضيين، كان يمكن لصوت واحد ضد المصادقة على العزل، أن يؤدي إلى عدم رفض المحكمة لقرار البرلمان، وتالياً عودة يون إلى مزاولة مهامه.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميونغجي شين يول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بالنظر إلى السياق الراهن «من غير المرجح أن يتعاون تشوي مع طلب مكتب التحقيق» بشأن تعاون الأمن الرئاسي.

أعضاء اتحاد النقابات العمالية الكوري يتواجهون مع الشرطة أثناء مظاهرة ضد الرئيس المعزول بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (إ.ب.أ)

انتظار المحكمة

وبعد إقصاء يون، عزل البرلمان كذلك أول رئيس بالوكالة، وهو هان داك-سو، على خلفية امتناعه عن ملء المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية. وكانت المعارضة ترى في التعيين خطوة تعزّز حظوظ مصادقة القضاء على عزل الرئيس.

وأمام المحكمة الدستورية 180 يوماً للمصادقة على العزل أو ردّه. وإلى حين البتّ بذلك، يبقى يون رسمياً رئيساً للجمهورية، لكنه لا يؤدي صلاحياته.

ويرى الخبراء أن نزع صفة الرئيس عن يون كان سيجعل مهمة المحققين أسهل في ملاحقته أو توقيفه رسمياً.

عشرات الآلاف من المحتجين يطالبون باستقالة الرئيس يون سوك يول في سيول (د.ب.أ)

ويمكن لطول المهلة المتاحة أمام المحكمة للبتّ بالقضية أن تؤخر الإجراءات، علماً بأن المحكمة تعهّدت بالنظر فيها بسرعة نظراً لأهميتها.

لكنّ محامي الدفاع عن يون يشددون على ضرورة أن تستنفد المحكمة كامل المهلة القانونية لكي تدرس «الظروف التي أدت إلى إعلان فرض الأحكام العرفية».