ليبيريا تستعد لانتخابات رئاسية «تاريخية» وسط آمال بتحقيق انتعاش اقتصادي

TT

ليبيريا تستعد لانتخابات رئاسية «تاريخية» وسط آمال بتحقيق انتعاش اقتصادي

تستعد ليبيريا لإجراء انتخابات رئاسية وعامة، يُنظر إليها باعتبارها نقطة تحول بارزة في مسار العمل السياسي فيها، حيث إنه من المتوقع أن تسفر عن قيام أول رئيس ينتخب ديمقراطياً في البلاد، خلال 73 عاماً، بتسليم السلطة بشكل سلمي إلى خليفة له يختاره المواطنون، كما جاء في تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية» من مونروفيا.
وعلّقت الرئيسة الليبيرية إلن جونسون سيرليف، قبيل الاقتراع المقرر إجراؤه غداً الثلاثاء، قائلة: «إن هذه الانتخابات ستكون مؤشراً على المنهاج الذي لا يمكن إعادته إلى الوراء، والذي شرعت ليبيريا في تنفيذه لدعم عملية السلام فيها وتعزيز ديمقراطيتها الشابة».
وكانت جونسون سيرليف، وهي أول امرأة تصبح رئيساً للجمهورية في هذه الدولة، قد حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، بالمشاركة مع كل من زميلتها الليبيرية ليما جبووي واليمنية توكل كرمان.
وتعتزم جونسون سيرليف، التي تبلغ من العمر 72 عاماً، وتلقّب بـ«المرأة الحديدية»، أن تعتزل العمل السياسي، بعدما أمضت في منصبها الرئاسي فترتين كل منهما ست سنوات، تاركة السباق على مقعد الرئيس لعشرين مرشحاً، من بينهم امرأة واحدة، كما أشارت «الوكالة الألمانية».
ووصفت ماريا أرينا، رئيسة بعثة المراقبين للانتخابات، التابعة للمفوضية الأوروبية، الاقتراع الليبيري، بأنه اختبار على درجة كبيرة من الأهمية ونموذج يحتذى به في المنطقة. ويوجد في أفريقيا عدد من أكثر الرؤساء الذين يحكمون بلادهم لفترات طويلة من الزمن، ومن بينهم رئيس زيمبابوي روبرت موغابي ورئيس أوغندا يوري موسيفيني اللذان يتمسكان بالسلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود. وفي رواندا أجري استفتاء أسفر عن صدور تعديل دستوري يسمح للرئيس بول كاغامي بالترشح لفترة رئاسة ثالثة، وقد فاز فيها هذا العام. أما في بوروندي فقد أدى قرار الرئيس بيير نكرونزيزا بالسعي إلى الترشح لفترة جديدة في منصبه، على الرغم من النص الدستوري الذي يضع حداً أقصى للترشح يبلغ فترتين فقط، إلى نشوب أزمة سياسية أسفرت عن سقوط مئات القتلى.
وعلى الرغم من العدد الكبير من المرشحين في الانتخابات الليبيرية، إلا أن «الوكالة الألمانية» قالت إنه يوجد ثلاثة منهم فقط لديهم فرصة حقيقية في الفوز، بحسب ما يقول محللون. وهم نائب الرئيسة جوزيف بواكاي من حزب الوحدة الحاكم، ونجم كرة القدم الدولي السابق جورج ويا الذي يتزعم ائتلاف المعارضة الرئيسي المسمى «الائتلاف من أجل التغيير الديمقراطي»، وتشارلز برومسكاين رئيس «حزب الحرية».
وتبرز في برامج المرشحين في الحملات الانتخابية، قضايا مثل دفع عجلة الاقتصاد، وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد.
ولا تزال ليبيريا تعد واحدة من أكثر الدول فقراً في العالم، كما أنها تواصل نضالها للتخلص من تداعيات أزمة فيروس إيبولا (2013 - 2015) الذي أدى إلى مقتل أكثر من أربعة آلاف شخص في أنحاء البلاد، إلى جانب تداعيات الحرب الأهلية الوحشية التي استمرت 14 عاماً (1989 - 2003)، والتي سقط خلالها أكثر من ربع مليون قتيل، ونتج عنها تشريد نحو مليون شخص.
وتسبب تراجع أسعار خام الحديد مؤخراً، الذي يعد أحد الصادرات الرئيسية للبلاد إلى تدهور الأداء الاقتصادي عام 2016، بعدما بلغ معدل النمو صفراً خلال ثلاثة أعوام، وذلك وفق تقرير البنك الدولي.
وتعهد المرشح جوزيف بواكاي (71 عاماً) وهو وزير زراعة سابق ومستشار سابق في البنك الدولي، بإعطاء تطوير البنية التحتية الأولوية في برنامجه الانتخابي، مع التركيز على شق الطرق، وفتح أبواب ليبيريا أمام التجارة الإقليمية والدولية. ومن المتوقع أن يحصل بواكاي على كثير من الأصوات، نظراً إلى خبرته لمدة 12 عاماً نائباً للرئيسة، إلى جانب عمله في العديد من القطاعات الاقتصادية. ومنافسه الرئيسي هو جورج ويا المهاجم المتقاعد في ملاعب كرة القدم، الذي تعهد بإحداث انتعاش اقتصادي عن طريق مكافحة الفساد المنتشر في البلاد. ولفت وكالة الأنباء الألمانية إلى أنه عادة ما يوصف المرشح ويا (51 عاماً)، وهو عضو حالياً بمجلس الشيوخ، بأنه حبيب الجماهير، ويُنظر إليه باحترام بالغ بسبب نهجه البسيط والمباشر الذي يخلو من التظاهر. وولد نجم كرة القدم المعتزل في أحد الأحياء الفقيرة على مشارف العاصمة مونروفيا، وعمل فنياً في مجال لوحات المفاتيح الإلكترونية بشركة الاتصالات الوطنية قبل أن يحظى بالشهرة في الملاعب.
أما المرشح الرئيسي الثالث برومسكاين، فقد أكد في برنامجه الانتخابي على ضرورة مجانية التعليم، وكذلك تمكين الشباب للمساعدة على حدوث انتعاش اقتصادي في البلاد، حيث تبلغ نسبة الشباب في ليبيريا 63.5 في المائة من إجمالي السكان، بينما يقفز عدد العاطلين على نحو سريع من بين الشرائح الشبابية، وفق تقرير للأمم المتحدة. وتقدم برومسكاين، وهو محام يبلغ من العمر 66 عاماً وحاصل على درجة علمية في الاقتصاد، بترشيحه لمنصب الرئيس للمرة الثالثة، بعدما خسر في انتخابات 2005 و2011.
ويتردد أن المرشحة النسائية الوحيدة ماكديلا كوبر لا تتمتع بفرص كبيرة في الفوز. وكانت كوبر صديقة سابقة للمرشح جورج ويا وأنجبت منه طفلاً، وكانت تعمل عارضة في السابق، كما أنها ناشطة في المجالات الإنسانية، حيث دشّنت مؤسسة لمساعدة النساء والأطفال المعدمين في ليبيريا. وتعهدت كوبر التي تبلغ من العمر 40 عاماً بدفع الاقتصاد عن طريق التركيز على قطاعات الزراعة والسياحة البيئية ومصائد الأسماك.
وذكرت «الوكالة الألمانية» أن من المقرر أن يدلي الناخبون، البالغ عددهم نحو 2.2 مليون ناخب مسجل، بأصواتهم أيضاً لانتخاب 73 عضواً في مجلس النواب من بين 1028 مرشحاً يمثلون 26 حزباً سياسياً. ويمكن للناخبين أن يدلوا بأصواتهم في أحد مراكز الاقتراع، البالغ عددها 5390 مركزاً، اعتباراً من الساعة السادسة صباحاً إلى السادسة مساء بتوقيت غرينتش. ومن المتوقع صدور النتائج الأولية خلال 24 ساعة.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.