المجموعة العربية تؤجل قرارات ضد إسرائيل في اليونيسكو

لحسابات تتعلق بعملية السلام والدور الأميركي وأخرى بانتخابات المنظمة الدولية

TT

المجموعة العربية تؤجل قرارات ضد إسرائيل في اليونيسكو

جمدت المجموعة العربية في اليونيسكو مشروع قرار ضد إسرائيل، كان يفترض طرحه للتصويت عليه في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة اليونيسكو، الذي سيبدأ أعماله في باريس، اليوم.
وقال السفير الإسرائيلي في اليونيسكو، كرمل شاما هكوهين، إنه يرى في تأجيل التصويت على اثنين من القرارات الجاهزة، تطوراً هاماً وخطوةً إلى الأمام من أجل وقف مسلسل القرارات المعادية، مضيفاً: «الوقت سيحدد ما إذا كان ذلك تغيراً تكتيكياً أو تغييراً في النهج نحو تنظيف المنظمة من التحريض والتسييس ضدنا».
ويتعلق أحد التقريرين اللذين كانا معدين للتصويت بالوضع في مدينة القدس، بشكل خاص، والثاني بالإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وتنتقد المشاريع سياسة الحكومة الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. وأحد المشروعين شبيه إلى حد كبير بالقرار الذي تم تمريره في مايو (أيار) الماضي، ويقلل من أهمية ووجود روابط يهودية بمدينة القدس. ويرصد الآخر «انتهاكات للجيش الإسرائيلي ضد الجامعات والمدارس الفلسطينية»، ويركز على «الأنشطة الاستيطانية».
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن مجموعة الدول العربية قررت سحب مشروع القرار، بعد اتصالات دبلوماسية هادئة، بين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة اليونيسكو مايكل فورباس، والسفير الإسرائيلي شاما هكوهين، والسفير الأردني مكرم قيسي.
وبحسب المسؤول، فإن الولايات المتحدة كانت ضالعة بقوة في هذه الاتصالات إلى الحد الذي أجرى معه المبعوث الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، اتصالات مباشرة عدة حول الموضوع.
وبدلاً من التصويت في الجلسة 202 للمجلس التنفيذي لليونيسكو، اتفقت الأطراف على أن يقدم رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة لليونيسكو، مايكل ووربس، مشروعي قرارين لتأجيل التصويت على المقترحين المذكورين، لمدة 6 أشهر، في الجلسة المقبلة المقررة في أبريل (نيسان) 2018.
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه سيجري التصويت بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء الـ56 في اللجنة التنفيذية على التأجيل. وأكد أن تل أبيب لم تعد بتقديم أي شيء في المقابل.
وقال شاما هكوهين: «نتوقع أن يتم تمرير مشروعي القرارين بالإجماع، ما لم تخرق دولة التزامها في اللحظة الأخيرة». وأضاف: «لكن حتى أسمع مطرقة الرئيس يعلن تأجيل مشروعي القرارين المناهضين لإسرائيل لن أصدق أن ذلك يحدث... سأكتب خطابين للرد».
وإذا تم الأمر كما خطط له، ستكون هذه هي المرة الأولى منذ أبريل 2013، التي لا يجري فيها طرح مشروع قرار يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في مؤتمر لليونيسكو. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، جرى كل شهرين تقريباً، تصويت في اليونيسكو على قرارات مؤيدة للفلسطينيين، وتنتقد سياسة إسرائيل. ومنذ أبريل 2015، صادقت اليونيسكو على خمسة قرارات تتعلق بالقدس، أقر أغلبها بعدم بوجود علاقة لليهود بالمسجد الأقصى. ولم تعقب السلطة الفلسطينية فوراً على الإعلان الإسرائيلي، لكن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن نصائح عربية للسلطة تركزت على عدم اتخاذ أي إجراءات في المحافل الدولية، أياً كانت، لتجنب توتير الأجواء مع الولايات المتحدة تحديداً، وحسابات لها علاقات بالتوافق العربي، هي السبب. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت في أغسطس (آب) الماضي، عن قرار للرئيس الفلسطيني محمود عباس، استجابةً لنصائح عربية، بتأجيل أي تحركات فلسطينية في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤسسات أخرى ضد إسرائيل، حتى لا يُتهم بأنه عرقل السلام وأحبط المبادرة الأميركية قبل أن تبدأ.
وكان مبعوث الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، الذي زار عباس في الشهر نفسه، طلب منه إعطاءه فرصة لتقديم خطة سلام ودفع عملية جادة في المنطقة.
وأبلغ زعماء عرب، عباس، أن عليه التروي حتى يعطي الإدارة الأميركية، الحالية، فرصة أطول لتقديم خطة سلام، ولا يبدو كمن خرب المساعي الأميركية، وتظهر إسرائيل كطرف راغب في السلام بخلاف الفلسطينيين.
وجاء قرار تأجيل التصويت في اليونيسكو على خلفية انتخابات من المقرر أن تجريها اللجنة التنفيذية لليونيسكو خلال اجتماعها المقبل، لاختيار مدير عام جديد للمنظمة، ستكون إحدى مهامه الرئيسية استعادة التمويل الأميركي للمنظمة، الذي توقف مع منحها العضوية الكاملة لفلسطين في عام 2011.
ومن بين المرشحين الثمانية، يوجد ممثلون من مصر وقطر والعراق. ويسود التقدير في إسرائيل، بأن تأجيل التصويت يرتبط أيضاً بالرغبة في عدم تخريب فرص انتخاب أحد المرشحين العرب لمنصب المدير العام لليونيسكو.
ورصدت وسائل إعلام إسرائيلية كيف أن الامتناع عن التصويت ضد إسرائيل سيشكل تطوراً كبيراً لصالح تل أبيب.
وقال مسؤول إسرائيلي «إنه في اجتماع اللجنة التنفيذية لليونيسكو في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، كانت الولايات المتحدة هي الوحيدة التي أيدت إسرائيل وصوتت ضد القرارات المتعلقة بالقدس، ولكن خلال التصويت في مايو الماضي، وصل عدد المؤيدين لإسرائيل إلى رقم قياسي، لقد بلغ 10 دول». وأضاف: «المعارضة المتزايدة للدول الأعضاء في اليونيسكو للقرارات السياسية حول القدس، أقنعت الدول العربية الأخرى أنه من المفيد سحب مشاريع القرارات في المؤتمر المقبل». وقال: «الدول العربية تفهم أنه في كل تصويت يتقلص التأييد لها، وإنها ببساطة لا تريد التعرض للإهانة».
لكن مصدراً فلسطينياً نفى أن يكون هذا هو السبب، وقال إن الأمر يتعلق بتوجهات عربية وتفاهمات مع الأميركيين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم