اعتصام أمام مصرف لبنان المركزي رفضاً للضرائب

الاتحاد العمالي يحذّر من ربط زيادة الرواتب بالموازنة... والحريري ينوه بالتعايش

الحريري بين ناشطات في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري بين ناشطات في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

اعتصام أمام مصرف لبنان المركزي رفضاً للضرائب

الحريري بين ناشطات في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري بين ناشطات في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

نظّم الحراك المدني في لبنان، اعتصاماً مفاجئاً أمام المصرف المركزي في بيروت، حذّر عبره الحكومة من «فرض ضرائب على الطبقة الفقيرة». ودعا إلى حصر الضرائب بالمصارف، في وقت حذّر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، من «محاولة ربط سلسلة الرتب والرواتب (الزيادات التي أقرت لموظفي القطاع العام) بالموازنة العامة، ومن ثم الطعن بقانون الموازنة».
الاعتصام الذي قادته حملة «بدنا نحاسب» تحت عنوان «نعم للضرائب على المصارف... لا للضرائب على الفقراء»، أدى إلى إغلاق كافة مداخل المصرف المركزي، وسط إجراءات أمنية. وتحدث باسم المعتصمين المحامي واصف الحركة، الذي أكد أن الحراك «اختار التجمّع أمام المصرف المركزي، لأنه مصرف الدولة والوطن والمواطن، وعلى عاتقه تقع مسؤولية إدارة السياسة النقدية في لبنان، بما يساهم في مساعدة الاقتصاد الوطني على النمو».
وسأل الحركة: «ما هو الدور الذي لعبه المصرف المركزي لمصلحة المواطن فيما يتعلق بالضرائب؟ وهل كان فعلاً في صف المواطن والدولة، أم كان في المصارف التجارية؟»، لافتاً إلى أن «حاكم مصرف لبنان اختزل مؤسسة المصرف المركزي برمتها، ولعب دور الحامي لحماية مصالح المصارف والشركات المالية على حساب المواطن، وشجع المصارف وساعدها على تحقيق أرباح خيالية، متآمراً معها على التهرب من دفع الضرائب الحقيقية والجدية، وعاملاً على تحميل المواطن الفقير العبء الأكبر لتلك الضرائب». وأكد الحركة باسم المعتصمين أن «سلسلة الرتب والرواتب حق للقطاع العام والقطاع الخاص». ودعا إلى «وقف الهدر والفساد الذي جعل اللبناني مديوناً لعشرات السنوات، والتوقف عن الرضوخ لتهديدات المصارف، المستفيد الأكبر مالياً على حساب المواطن».
ويأتي هذا الاعتصام، عشية الجلسة التشريعية التي يعقدها البرلمان اللبناني، غداً الاثنين، لإقرار الضرائب التي ستموّل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، المتوقع أن تنطلق على وقع إضرابات للاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية.
ويتخوّف المجتمع اللبناني، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود، من سلّة ضرائب جديدة تطال الطبقات الفقيرة، وهو ما أشار إليه المحامي واصف الحركة الذي أضاف: «لا للضرائب على الفقراء، لا لزيادة الضريبة على القيمة المضافة التي اكتوى المواطن بنارها حتى قبل نفاذها، نعم للضرائب على المصارف والمؤسسات والشركات المالية والعقارية»، رافضاً في الوقت نفسه «حرمان الدولة من 150 مليون دولار سنوياً كحد أدنى، جراء التهرب الضريبي المقنن للمصارف».
أما رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، فاعتبر أن «الضرائب يجب أن تكون معدلة وفقاً لما صدر عن المجلس الدستوري، أي أن تأتي قانونية، ومن المفترض أن تشمل الفئات التي يمكن أن تتحملها المؤسسات المالية والشركات الكبرى والمصارف والأملاك البحرية».
وقال الأسمر: «نبقى متوجسين وخائفين من أمور تطرأ بآخر لحظة، خصوصاً أن أهل السلطة في صراع سياسي دائم، يعقد بعض الأمور ويسهل بعضها الآخر»، منوهاً إلى أن «سلسلة الرتب والرواتب أصبحت حقاً لمستحقيها، وتشمل ثلث الشعب اللبناني، لننطلق بعدها إلى تصحيح الأجور». وكشف عن «تقديم مذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري حول اقتراحات بضرائب محددة، ومن بينها الضريبة التصاعدية، وأن تكون الضرائب على الفرق بين الصادرات والواردات»، موضحاً أن «هناك سلعاً وإلكترونيات تُستورد من آسيا يجب زيادة الضرائب المفروضة عليها. بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق»، مشدداً على «أننا بحاجة ملحّة للإصلاح ومكافحة الفساد».
وبيّن رئيس الاتحاد المالي العام، أن «الضرائب تؤذي 90 في المائة من الشعب، ولا يمكننا أن نتخذ موقف المتفرج أمام الموازنة، بل يجب أن نراجعها ونبدي رأينا بها»، مركزاً على «أننا نخاف من الربط بين القانون الضريبي والسلسلة، وهناك خوف أيضاً من ربط الموازنة بالسلسلة، ويُصار بعدها إلى الطعن بالموازنة»، مؤكداً أن «الواقع الاقتصادي ليس سهلاً، ونظرتنا متفهمة لهذا الواقع».
الحريري: لبنان بلد تعايش
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن لبنان «بلد تعايش وثقافة وتاريخ وجمال، وإن كان قد يشهد في بعض الأحيان مراحل من الفوضى والمعاناة والصعوبات»، وتوجه إلى المشاركات في حملة للسلام شاركت 120 امرأة من 16 بلدا أجنبيا وعربيا، يتجولن على الدراجات الهوائية في مختلف المناطق اللبنانية قائلا: «لقد رأيتن لبنان، وفي السابق سمعتن عن هذا البلد عبر وسائل الإعلام، إنها صورة مختلفة تماما». وأضاف: «حين تتجولن في لبنان فإنكن تتمكّنّ من رؤية المدن الجميلة والطرقات والزوايا على حقيقتها، ولا بد أنكن رأيتن أنه رغم هذا التنوع الموجود في البلد، 18 طائفة مختلفة، نعيش جميعنا سويا وكأننا شخص واحد، وإن فرقتنا السياسة أحيانا».
وحض الحريري المشاركات في الحملة على العودة إلى لبنان مع عائلاتهن وأصدقائهن، معربا عن أمله في أن «يصبح لبنان دولة صديقة أكثر مع الدراجات الهوائية، فهذا أمر يحتاجه بالفعل».
وألقت الناشطة البريطانية ديتا ريغان كلمة أثنت فيها على تنوع لبنان، وقالت: «رأينا جمال لبنان وتنوعه، وأعتقد أن جميعنا يرغب بالعودة إليه. فكثير من دولنا مر بتجربة الاعتداءات الإرهابية في الأشهر القليلة الماضية، ولكننا في لبنان شعرنا بالأمان والسعادة». وأضافت: «لقد كانت فرصة بالنسبة إلينا أن نختبر هذه التجربة، فجميعنا يؤمن بالسلام وكل هؤلاء النسوة يظهرن تضامنهن مع لبنان، وحين نعود إلى دولنا سننقل هذه التجربة إلى محيطنا، فنحن هنا من أجل السلام».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.