«حماس» تقول إنها ستشارك في الحكومة المقبلة لكنها لن تناقش سلاحها

الحركة قد ترشّح شخصيات مقربة منها لشغل حقائب وزارية لتفادي إشكالية «الاعتراف بإسرائيل»

رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله يصافح رجال أمن من حركة حماس قبل مغادرته قطاع غزة يوم الخميس الماضي عائداً إلى الضفة الغربية (أ.ب)
رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله يصافح رجال أمن من حركة حماس قبل مغادرته قطاع غزة يوم الخميس الماضي عائداً إلى الضفة الغربية (أ.ب)
TT

«حماس» تقول إنها ستشارك في الحكومة المقبلة لكنها لن تناقش سلاحها

رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله يصافح رجال أمن من حركة حماس قبل مغادرته قطاع غزة يوم الخميس الماضي عائداً إلى الضفة الغربية (أ.ب)
رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله يصافح رجال أمن من حركة حماس قبل مغادرته قطاع غزة يوم الخميس الماضي عائداً إلى الضفة الغربية (أ.ب)

قالت حركة حماس، إنها ستشارك في حكومة «الوحدة الوطنية» التي يفترض أن يتم تشكيلها لاحقاً ضمن تفاهمات المصالحة، تمهيداً لإجراء انتخابات عامة. وسيناقش وفد من الحركة مع وفد آخر من «فتح» تفاصيل هذه الحكومة في لقاءات مرتقبة في القاهرة تبدأ الثلاثاء.
وقال مسؤول ملف العلاقات الوطنية في «حماس» حسام بدران، الذي سيشارك في هذه اللقاءات، «إن حكومة وحدة وطنية تعني مشاركة حقيقية لكل الفصائل الفلسطينية الفاعلة، و(حماس) في مقدمتها». وأضاف: «هذا حق للجميع، بل هو واجب المرحلة أيضاً، وشعبنا يستحق أن يختار من يقوده على طريق الخلاص من الاحتلال».
وتابع أن «المرحلة الحالية تتطلب مشاركة كل الفلسطينيين في تحمل المسؤوليات عن الشعب الفلسطيني، وتحديد آليات مقاومة الاحتلال ومواجهته».
ولم يتضح بعد ما إذا كانت «حماس» ستشارك بشكل مباشر، أم ستختار من يمثلها من المستقلين. وتمثل مشاركة «حماس» بأسماء معروفة إحدى العقد التي يمكن أن تستعصي أمام المصالحة، بسبب طلب إسرائيلي - أميركي من أي حكومة قادمة الاعتراف بإسرائيل.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه قد يُصار إلى اختيار شخصيات غير معروفة بانتمائها المباشر لـ«حماس» والفصائل الأخرى، لشغل حقائب وزارية، وذلك حتى يتسنى للحكومة الالتزام ببرنامج «منظمة التحرير»، وتفادي اضطرار «حماس» إلى «الاعتراف بإسرائيل».
ومثّل برنامج الحكومة في وقت سابق مشكلة لم تستطع الحركتان حلها، إذ أصرت «فتح» على أن برنامج الحكومة هو برنامج «منظمة التحرير»، وقالت «حماس» إنه يجب تعديله، لكن «حماس» تقول اليوم إنها لن تضع عقبات في طريق المصالحة.
وقال خليل الحية، عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، إنه لا يوجد شيء يمكن أن يقف أمام المصالحة إذا ما توافرت قناعة الشراكة والعمل الموحد. وأضاف أن الحركة «ذاهبة للمصالحة الفلسطينية بعقل مفتوح ومرونة من شأنها أن تُنجح لقاء القاهرة المنتظر». وتابع الحية في كلمة في مؤتمر نظمه «مركز مسارات»: «حماس معنية بنجاح المصالحة». وأردف: «هناك فرصة حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، الحالة نضجت عند الجميع». وشدد على أنه «من الخطأ أن نضع ألغاماً في الطريق قبل بدء الحوار».
ورسم الحية الخطوط العريضة للطريقة التي تفكّر فيها «حماس» بشأن المصالحة. وقال إن حركته تؤمن بوجود رئاسة وسلطة وحكومة ومجلس تشريعي واحد يمثّل الكل الفلسطيني، ويدير شؤون حياة الفلسطينيين على قاعدة «خدمة المواطن ودعمه وليس على حساب مستقبل القضية».
وتحدث الحية عن حكومة واحدة تحكم الضفة وقطاع غزة، بما في ذلك قوى الأمن، لكنه تعهد بأن يبقى «سلاح المقاومة» خارج النقاش. وقال: «سلاح المقاومة ليس قابلاً للنقاش... هناك اتفاق سابق حول ذلك». وتطرق الحية إلى ملف ثالث، وهو ملف «منظمة التحرير»، وقال إن المنظمة يجب أن تحتضن الجميع ولا تبقى «أسيرة للتفرد».
والملفات التي تحدث عنها بدران والحية تشكل أهم الملفات التي سيبحثها وفدا «حماس» و«فتح»، ويضاف إليها ملف موظفي حكومة «حماس» السابقة. ويفترض، بحسب اتفاق المصالحة، أن تجتمع حركتا «فتح» و«حماس» في القاهرة، الثلاثاء، من أجل مباحثات تتعلق بتمكين «حكومة الوفاق» في غزة، عبر حلول لملفات الأمن والمعابر والحدود، وأخرى تتعلق بتفاهمات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات عامة.
ويضم وفد «فتح» عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد الذي سيرأس الوفد، إلى جانب حسين الشيخ، وأبو ماهر حلس، وروحي فتوح، وهم أعضاء في «مركزية فتح»، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ونائب أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» فايز أبو عيطة. أما وفد «حماس» فيضم صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي سيرأس الوفد، وسيضم أعضاء المكتب السياسي موسى أبو مرزوق وحسام بدران وخليل الحية وعزت الرشق وروحي مشتهى، وقد ينضم إليهم قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار.
وقال مشتهى إن «لقاءات القاهرة ستناقش تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 من الألف إلى الياء». وأضاف مشتهى، الذي يعد ممثّل «حماس» في القاهرة ويقيم هناك، «أن القضية الأهم المطروحة على الطاولة قضية دمج الموظفين الحكوميين». وترفض الحكومة الفلسطينية دمج موظفي «حماس» دفعة واحدة. وتريد «حماس» تفريغ نحو 43 ألف موظف مدني وعسكري فوراً في حكومة رامي الحمد الله عندما تتسلم قطاع غزة، لكن حركة «فتح» رفضت ذلك في جلسات سابقة، وقالت إنه لا يمكن للحكومة استيعابهم دفعة واحدة. وتم التوافق سابقاً على تشكيل لجنة إدارية لمعالجة هذا الملف.
واقترح الحمد الله على «حماس» في وقت سابق أن تسمح لموظفي السلطة بالعودة إلى أعمالهم، ثم يتم بعد ذلك حصر الشواغر في كل الوزارات، على أن تكون الأولوية في التوظيف لموظفي الحركة، ويتم صرف مكافآت للباقين، لكن «حماس» رفضت.
وأكد الحمد الله، الأسبوع الماضي من غزة، أن اللجنة الإدارية القانونية ستبقى هي المكلفة ببحث شؤون موظفي غزة، وقال: «إن موضوع الموظفين بغزة ليس سهلاً، لكن يمكن معالجته ضمن اللجنة المختصة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.