مصدر أممي: الأمم المتحدة أخفت حقائق تدين الانقلابيين

TT

مصدر أممي: الأمم المتحدة أخفت حقائق تدين الانقلابيين

اختفى ملفٌ متكاملٌ يدين التمرد في اليمن بارتكاب «جرائم حرب»، داخل أروقة «الأمم المتحدة» منذ العام الماضي، في الوقت الذي يتم فيه تبني ملفات ملفقة لإدانة الحكومة الشرعية في اليمن وقوات التحالف العربي المناصرة للشرعية. ويواجه الملف اليمني الذي تم رفعه إلى دوائر الاختصاص في «الأمم المتحدة» مصيراً مجهولاً، رغم أنه يدين ويوثق الانتهاكات التي تورطت بها الميليشيات الحوثية بقيادة المتمرد عبد الملك الحوثي، والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
وكشف مصدر من داخل مقر «الأمم المتحدة» في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»، أن التقرير الذي يدين جرائم التمرد على الشرعية اختفى داخل أروقة المنظمة، ليتم التعتيم على جرائم الحوثي والمخلوع لأسباب مجهولة، لم يتم الكشف عنها حتى الآن.
وركز المصدر (فضل الكشف عن اسمه) على أن العديد من التقارير التي توثق انتهاكات القوات الموالية للمخلوع، وما تورطت به الميليشيات الحوثية من أعمال يمكن تصنيفها على أنها «جرائم حرب» يتم إخفاؤها بشكل متكرر، فيما تحل محلها تقارير معاكسة تحاول الإساءة إلى صورة قوات التحالف العربي الذي يقود عمليات لاستعادة الشرعية في اليمن.
في هذه الأثناء، أكد عبد الرقيب فتح وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية الشرعية لـ«الشرق الأوسط»، أن وجود «التحالف» جاء من خلال دعوة رسمية تقدم بها رئيس شرعي، ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية، التي منها القرار 142 الذي أيد مخرجات الحوار الوطني، وتعهد بأن المجتمع الدولي سيحمي هذه المخرجات، وسيعاقب من سيعمل على إعاقتها. وقال إن علي صالح والحوثيين انقلبوا على الحوار الوطني، وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس الشرعي والحكومة الوطنية، ما اضطر الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المغادرة إلى عدن، بعدها تم ضرب مقر الرئيس الشرعي في عدن ما اضطر الرئيس الشرعي إلى طلب تدخل الأشقاء في دول التحالف العربي.
وشدد على أن وجود التحالف العربي والجيش الوطني «وجود قانوني تحت مظلة الشرعية الوطنية باستجابة لطلب رئيس منتخب وشرعي»، مبيناً أن «الإشكالية تكمن في وجود مكاتب منظمات الأمم المتحدة تحت الإقامة الجبرية للميليشيات المسلحة، الذي يؤكد أن أداءها يصدر تحت هذا الإطار». ووصف أداء الأمم المتحدة بـ«المتخبط» الذي يحمل الكثير من الانهزامية.
وذهب إلى أن ما يحدث في تعز مأساة من عدة نواح، منها دينية وغذائية وصحية، مبيناً أن الأمم المتحدة لا يمكن لها أن تمارس دورها الحقيقي حتى تتحرر من الإقامة الجبرية المفروضة عليها من الميليشيات المسلحة. وتطرق إلى أن أي تعامل مع الميليشيات الانقلابية يؤكد وجود لجان شرعية خارج شرعيات القانون الدولي، مشدداً على أن من المفترض على الأمم المتحدة أن تقوم بدورها الحقيقي، وتساند الشرعية والقوانين الدولية، والعمل بسلطات شرعية خارج سلطة الميليشيات المسلحة، لا سيما أن ما حدث في اليمن ليس تسونامي أو بركاناً ولكن انقلاب سياسي.
وقال إن «أداء منظمة حقوق الإنسان اتضح في المؤتمر الأخير انحيازه الواضح لتقارير لا تستند بصورة رئيسية لتقارير ميدانية، فهناك آلاف من المخفيين لم يتم الإشارة إليهم، وتعاملات خارج القانون إلى جانب القتل المتعمد.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.