رفض سعودي لتقرير الأمم المتحدة حول أطفال اليمن

المعلمي يحمّل ميليشيات الحوثي مسؤولية الأرقام غير الدقيقة

جانب من الحفل الذي اقامه مركز الملك سلمان في محافظة مأرب اليمنية في ختام تأهيل اطفال جندتهم الميليشيات الحوثية (واس)
جانب من الحفل الذي اقامه مركز الملك سلمان في محافظة مأرب اليمنية في ختام تأهيل اطفال جندتهم الميليشيات الحوثية (واس)
TT

رفض سعودي لتقرير الأمم المتحدة حول أطفال اليمن

جانب من الحفل الذي اقامه مركز الملك سلمان في محافظة مأرب اليمنية في ختام تأهيل اطفال جندتهم الميليشيات الحوثية (واس)
جانب من الحفل الذي اقامه مركز الملك سلمان في محافظة مأرب اليمنية في ختام تأهيل اطفال جندتهم الميليشيات الحوثية (واس)

دحضت السعودية أمس، المعلومات والأرقام التي وردت في تقرير للأمم المتحدة يحمّل التحالف العسكري الذي تقوده المملكة مسؤولية مقتل وإصابة 683 طفلاً في اليمن، ووصفتها بأنها غير دقيقة ومضللة.
وقال عبد الله المعلمي، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، في بيان صدر في الأمم المتحدة، إن بلاده تتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر لتجنب إيذاء المدنيين.
وأشار المعلمي في مؤتمر صحافي إلى تحفظ بلاده على إدراج التحالف العربي في الفئة الثانية من التقرير الأممي عن وضع المدنيين والأطفال في اليمن، مرجعاً ذلك للمعلومات المغلوطة التي وردت فيه.
وأكد المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، أن وسائل جمع المعلومات في التقرير وتحصيلها كانت قاصرة، كونها من مصادر غير موثوقة وغير محايدة، وقد بالغ فيما نسب للتحالف بعدد الإصابات في مختلف المجالات.
وحمل المعلمي ميليشيات الحوثي مسؤولية الأرقام التي أظهرها التقرير الأممي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الأرقام التي وردت في التقرير غير صحيحة، حتى تلك التي أشارت إلى مسؤولية التحالف عنها، باعتبار أن مصدر المعلومات هم الحوثيون.
وأضاف: «أعتقد أن الأرقام التي يتحمل مسؤولياتها الحوثيون هي أيضاً غير ممثلة بشكل غير صحيح، وهذا ينطبق أيضاً على الأرقام التي أشارت إلى مسؤوليتنا، فأعمال الحوثيين والمعلومات عنها هي من المصادر نفسها التي أخذوا منها عن التحالف».
وذكر المعلمي أن «هناك حالات لتجنيد الأطفال، وغرر الانقلابيون بعدد كبير من الأطفال لساحات القتال ليحاربوا لصالح الحوثيين، فأعتقد إن كان هناك ضحايا، فالمسؤولية تقع على كاهل الحوثيين الذين عرضوهم لخطر القتال».
وأضاف: «المهم في نظري ضمان أن يتم التحقيق في أي حوادث، وتحميل المسؤولية وتحديد من هو المسؤول بغض النظر عن جنسية الطائرة أو الطيار، ولا نقلل من شأن التحقيق، بل علينا أن ننتظر نهايته».
إلى ذلك، أكدت مصادر مواكبة للأوضاع في اليمن، أن هناك أدلة وقرائن واردة من اللجنة اليمنية الوطنية للتحقيق تؤكد ضلوع ميليشيات الحوثي في تزوير شهادات الوفاة للأطفال على أنهم قتلى جراء القصف الجوي للتحالف، مشيراً إلى وجود أكثر من 100 شهادة وفاة مزورة، الأمر الذي يطعن في صحة الأرقام المعلن عنها، في تقرير الأمم المتحدة السنوي الأخير حول الأطفال والنزاعات المسلحة، منوهاً بعدم رجوع التقرير للسجلات والإحصاءات لدى الحكومة الشرعية عن الأرقام الصحيحة للقتلى من الأطفال في اليمن وأسباب الوفاة.
وشدد المصدر على أن الأمم المتحدة تعتمد في مصادرها على سجلات وزارة الصحة والمستشفيات المسيطر عليها من قبل ميليشيات الحوثي التي تتعمد تزوير السجلات وتزويد الأمم المتحدة بأرقام لا أساس لها من الصحة، إلى جانب اعتماد الأمم المتحدة في مصادرها على منظمات المجتمع المدني التابعة لميليشيات الحوثي - صالح التي تتعمد تضليل الرأي العام.
وأشار المصدر إلى تعمد الحوثي تجنيد الأطفال «بشهادة تقارير الأمم المتحدة» والزج بهم في جبهات القتال والإلقاء باللائمة على التحالف في مقتلهم لإخفاء الجريمة الأصلية، وهي تجنيدهم الأطفال، إلى جانب تزوير الحوثي دفاتر وسجلات وزارة ومراكز الصحة القابعة تحت سيطرة الانقلابيين التي يتم خلالها إحضار الأطفال الذين قتلوا في جبهات القتال وتسجيلهم على أنهم قتلى لأطفال مدنيين جراء القصف الجوي للتحالف.
كما أوضح المصدر تعمد ميليشيات الحوثي تضليل المجتمع الدولي من خلال المبالغة في الأرقام والإحصاءات للقضايا التي تثير الرأي العام الدولي كمقتل الأطفال وانتشار الأوبئة (الكوليرا) للضغط على قوات التحالف. «وقد ثبت للمجتمع الدولي في عدد من هذه القضايا عدم دقة تلك الأرقام، وخصوصاً إذا تمت مقارنتها بعضها بعضاً... إذ إن أرقام ضحايا القصف الجوي (على حد زعمهم) يستعان ببعضها في وفيات الكوليرا وهكذا».
وأرجع المصدر التقرير الأممي الصادر إلى أنه ناتج عن ضعف تمثيل المنظمات الدولية في المناطق المحررة وعدم وجود مكاتب لها هناك، ما يجعلها عرضة للتضليل لاعتمادها على مصادر غير موثوقة ومن طرف واحد، إلى جانب وجود المنظمات الدولية في صنعاء، الأمر الذي جعلها عرضة لإرهاب وتهديد سلطة الأمر الواقع (الحوثي - صالح)، والضغط عليها لقبول الإحصاءات والمعلومات المزورة من سلطة الانقلاب، وإلا سيتم وقف كل أعمالهم هناك وعدم التعاون معهم.
كما أكد المصدر تعمد المنظمة الدولية تجاهل التقرير للجهود التي يبذلها التحالف لإغاثة الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن، وإعادة تأهيل الأطفال المجندين، ومنها البرامج التي أطلقها مركز الملك سلمان، والتي أسهمت في التخفيف من معاناة الأطفال في اليمن.
من جهة أخرى، أكد محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيراً من منظمات حقوق الإنسان التي ترفع تقارير للمنظمات الدولية، لديها أجندة محددة وممولون من أطراف محددة، وهؤلاء الممولون يطالبون هذه المنظمات بالتركيز على موضوع ما، في دولة ما، وهناك دولة عربية لها باع في هذا النهج وتعمل بالتنسيق مع طهران لتحريك هذه المنظمات.
وأردف عسكر أن إيران لديها «لوبي» كبير يعمل منذ فترة طويلة تزيد على 30 عاماً في أوروبا لتحريك مثل هذه القضايا، كما نجحت في اختراق عدد من أجهزة الأمم المتحدة، لذلك يقومون بتوظيف هذه المقومات لتحقيق أهداف وأجندات سياسية لصالحهم بشكل مباشر.
وعجزت إيران على الأرض، كما يقول وزير حقوق الإنسان، وفشلت في تحقيق أهدافها وفشلت في تمكين الانقلاب على الجغرافيا اليمنية، لذلك توجهت للعب نحو «القوة الناعمة» من خلال حشد الرأي العام وتغيير الصورة في أوروبا والولايات المتحدة، وذلك بهدف تغيير المعادلة وتحويل القاتل إلى ضحية، وهو الهدف الذي تسعى إليه إيران ومن يسير في ركبها لتغيير المعادلة.
وأشار الوزير عسكر إلى أن التلويح بوضع التحالف على القائمة السوداء، الهدف منه إعلامي، فليس هناك أي التزامات حقوقية على دول التحالف العربي، ولا توجد آثار قانونية لهذا التلويح، هو مجرد نوع من التصنيف الإعلامي وتسجيل ضغط على بعض الدول في هذا الجانب.
ولمواجهة هذا الأمر، قال عسكر إن هناك 3 نقاط رئيسية يجب التحرك من خلالها، في مقدمتها مزيد من الشفافية وعرض الحقائق كما هي، إضافة إلى إطلاق حملة واسعة تقودها وزارة حقوق الإنسان اليمنية في أوروبا، وأميركا، لعرض تقارير «اللجنة الوطنية للتحقيق» و«وزارة الحقوق» عن الأطفال المجندين والألغام، ومثل هذا التحرك بالتنسيق مع التحالف العربي سوف تكون له نتائج كبيرة.
ورغم استغلال بعض الأرقام التي نعمل على تصحيحها من خلال تبيين الحقائق في كل المحافل على ما يقوم به الانقلابيون من انتهاكات مخالفة للأنظمة الدولية، ولعل من أبرزها تجنيد قرابة 20 ألف طفل والزج بهم في الحروب، كما أن الميليشيا نشرت نحو 500 ألف لغم في مواقع مختلفة، تأتي بعض المنظمات وبعد اطلاعها على الأرقام الحقيقية لما يقوم به الانقلابيون، وتركز على حالة أو أخرى، وتقول إن التحالف العربي يقتل الأطفال أو ينتهك الحقوق.
ويعد ملف حقوق الإنسان، والحديث لعسكر، من أخطر الملفات وأثقلها التي يجري التعامل معها بكل قوة، وتعمل الوزارة في كل اتجاه، وهذا الملف يعد الثغرة التي يراد منها الدخول في التحالف وتحركاته على الأرض في اليمن، ولا بد من سد هذه الجبهة بكل قوة.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.