من أم «الفحم» إلى أم «النور»..!

مسيرة طويلة من العمل والكفاح تقابلها إسرائيل بمخطط ترحيل

من أم «الفحم» إلى أم «النور»..!
TT

من أم «الفحم» إلى أم «النور»..!

من أم «الفحم» إلى أم «النور»..!

تقدم قائد الجيش الإسرائيلي نحو مختار الإغبارية عام 1948، وطلب منه أن يجتمع معه في بيته مع وجهاء بلدة أم الفحم، بشمال غربي فلسطين، ثم وقف وقال: «لقد حكمتْ إسرائيل هذه البلاد قبل 2.000 سنة، وها هي قد عادت وحكمتها، وما لكم إلا التعاون معنا، فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، لكم حقٌ وعليكم واجب. شالوم». وهكذا أصبحت «أم الفحم» تحت السيطرة الإسرائيلية، جزءاً مما يعرف بـ«فلسطينيي 48». إلا أن القيادة الإسرائيلية غيرت اليوم رأيها، وهي تريد التخلص منهم.
لا توجد بلدة في إسرائيل «تحظى» بالعناوين المثيرة مثل مدينة أم الفحم. ساسة اليمين الحاكم يذكرونها باستمرار وكأنها «لعنة»... ووسائل الإعلام تنجرف وراءهم.
يستخدمونها «غذاءً» لمشاريعهم السياسية وسلماً للشهرة والكسب السياسي.
بدأ ذلك الحاخام اليميني الفاشي مئير كهانا، الذي أسس حزباً جديداً له عام 1984 يدعو إلى طرد الفلسطينيين مواطني إسرائيل إلى الخارج، حتى يخفف من الخطر العربي الديمغرافي، فقرر زيارتها، لكي يقترح على سكانها «الرحيل السلمي» مقابل المال.
يومها قال كهانا: «أريد أن ألتقي بهم وأقترح عليهم أن يغادروا من خاطرهم، ونحن نوفر لهم الأموال الكافية لإقامة موطن لهم في أي دولة يختارونها». وحضر فعلاً يوم 29 أغسطس (آب) 1984، ولكن تصدى له الألوف من المواطنين من البلدة وغيرها، ومنعوا دخوله. ووقعت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية، التي حضرت لحمايته بوصفه عضواً في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، نتج عنها العديد من الإصابات في صفوف الطرفين.
ومضت السنون وقتل كهانا خلال اجتماع سياسي له في الولايات المتحدة عام 1990. واحتل مكانه زعيم آخر في اليمين المتطرف، اسمه باروخ مارزل، فسار على طريق سلفه. واختار مارزل استفزاز أم الفحم من جديد لكسب الشهرة، فقرر هو الآخر زيارتها. ويوم 24 مارس (آذار) من عام 2009، جاء مارزل إلى أم الفحم برفقة العشرات من مؤيديه، تحت العنوان نفسه «إقناع أهاليها بالرحيل مقابل المال». وأضاف نصيحة لهم مضمونها تهديدي هو «إن لم ترحلوا بخاطركم فسنضطر إلى ترحيلكم آجلاً أم عاجلاً». وبالمقابل خرج المئات من سكان أم الفحم والمنطقة لمواجهتهم. وكالعادة تولت الشرطة الإسرائيلية حماية التظاهرة الاستفزازية، وألقت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع على أهالي أم الفحم، ورشت عليهم المياه العادمة لتفريقهم.
وراقت هذه الفكرة لأوساط أخرى في اليمين الإسرائيلي، فقام أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع في الحكومة الحالية بتطويرها. وليبرمان هو ابن حزب الليكود، وشغل ذات مرة منصب الأمين العام فيه، ثم صار مديراً عاماً لديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عام 1996، ثم أسس حزباً جديداً عام 1999 سماه «إسرائيل بيتنا»، وأصبح لاحقاً وزير خارجية في حكومة بنيامين نتنياهو الثانية عام 2009. وفكر ليبرمان ببساطة تتلخص في التخلص ليس من أم الفحم وحدها، بل من كل بلدات منطقة المثلث، عبر ما يسميه «تبادل السكان». ووفق هذه الخطة تضم إسرائيل غالبية المستوطنات اليهودية في القدس والضفة الغربية إلى تخومها، وبالمقابل يجري تعديل الحدود لتصبح هذه المنطقة، من أم الفحم شمالاً وحتى كفر قاسم جنوباً، جزءاً من الدولة الفلسطينية العتيدة.
واللافت أن حتى رئيس الوزراء نتنياهو أعرب عن تبنيه هذه الخطة في الشهور الأخيرة. ونتنياهو فنان في استخدام قضية العداء للعرب لكسب الأصوات اليمينية. فما هو مرد هذا العداء لأم الفحم؟
ولماذا يجعلها اليمين عنواناً لسياسته العدائية للعرب؟
ما هي هذه المدينة؟ وما الذي يميزها؟

نبذة تاريخية
تعتبر أم الفحم واحدة من أقدم البلدات في فلسطين. فحسب المكتشفات الأثرية التي عثر عليها في تخوم البلدة وضواحيها؛ يتضح أنها قائمة منذ آلاف السنين. منذ العصر الكنعاني مروراً بالعصور اليونانية والرومانية والبيزنطية إلى العصر العربي الإسلامي. إذ اكتشفت مقابر تعود إلى العصر الكنعاني في منطقتي خربة الغطسة وعين الشعرة (أو الشعرا). ويدل هذا على أن تاريخها يعود إلى ما يقارب 5.000 سنة. كما اكتشفت آثار لخانٍ قديم ونقود عربية يعود تاريخهما إلى العصر الأموي. ووفقاً لهذه المكتشفات، فإن الاستيطان البشري الكنعاني في أم الفحم وضواحيها بدأ حوالي العام 3000 ق.م، وورد اسمها لأول مرة عام 1265م أثناء حكم المماليك بوثيقة توزيع الممتلكات التي أجراها السلطان الظاهر بيبرس بين جنوده، وكانت أم الفحم من نصيب الأمير جمال الدين آقوش النجيبي نائب السلطنة.
أما في العهد العثماني، فكانت أم الفحم واللجون وجنين ضمن نفوذ الأمير أحمد بن علي الحارثي، وقد عرفت بـ«البلاد الحارثية» التي امتدت من صفد في أعالي الجليل عبر منطقتي اللجون وجنين وحتى أبواب يافا.
وبعد سقوط الإمبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى؛ احتلت القوات البريطانية بلاد الشام عام 1917م، فَارِضَة عليها الحكم العسكري. ويوم 9 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه دخلت مدينة القدس بقيادة الجنرال إدموند أللنبي. وبقيت فلسطين تحت الحكم العسكري حتى نهاية شهر يونيو (حزيران) عام 1920م، ثم حولتها بعد ذلك إلى الحكم المدني، وعينت السير هربرت صمويل مندوباً سامياً لها على فلسطين حتى عام 1925م، ولقد تبعه ستة مندوبين آخرين، حتى العام 1948م.

فترة الانتداب
وفقاً للتقسيم الإداري لفلسطين بين عامي 1920م و1948م، تبعت أم الفحم قضاء جنين، وكانت تعد من أكبر قراه. وشارك أهالي أم الفحم في الثورات التي حدثت إبان فترة الانتداب، وأبرز هؤلاء الثوار يوسف الحمدان وأحمد الفارس وعلي الفارس الذين قاتلوا مع قائد المنطقة يوسف أبو درة. وقدم أهالي أم الفحم الكثير من أبنائهم، الذين استشهدوا عند مقاومتهم للاحتلال البريطاني. وشاركوا في الاحتجاجات والاضطرابات في أواخر 1922م. وفي العام 1935م فوجئ أهالي أم الفحم بمقتل الشيخ عز الدين القسام على مقربة من بلدهم في جبال يعبد، ورأوا لأول مرة طائرة تحلق فوق أم الفحم، فخرج شيوخها وشبابها وأطفالها ليشاهدوها، ولم يعلموا أنها كانت تحلق لإعطاء الإشارة للجنود للتقدم نحو مكان الشيخ عز الدين القسام بهدف اغتياله.
وفي أبريل (نيسان) 1936م أُعلن الإضراب العام في فلسطين، فعاد قسمٌ كبيرٌ من أهالي أم الفحم من حيفا التي كانوا يعملون فيها. وشارك أهالي البلدة بنشاط في الإضراب والمظاهرات التي تخللته، وفي العمليات المسلحة التي أعقبتها. وأصبحوا يطلبون السلاح، فكان الفلاح في أم الفحم يبيع فرسه أو بقرته ليشتري بندقية، وكانت أكثر البنادق المتوافرة إذ ذاك قديمة الطراز، إما كانت ألمانية أو «عصملية» (عثمانية)، والقليلٌ من البنادق «الإنجليزية».
وفي أوائل شهر أغسطس (آب) 1936م وقعت إحدى أكبر المعارك في جبال أم الفحم الممتدة من عرعرة، ثم خلة الحمارة فالعرائش إلى عراق الشباب. واستحكم آخرون في جبال الروحة من البيار حتى عَين إبراهيم، واستنجد الجيش بالطائرات فأخذت تقصف أطراف أم الفحم، وتحديداً عند حي عين خالد، واستشهد في هذه المعركة العشرات من أهالي عرعرة واليامون وسيلة الحارثية ورمانة.
وعندما تأجج لهيب الثورة قدم إلى أم الفحم القائد فوزي القاوقجي، ليقوم بدوره بمساعدة الثوار الفلسطينيين في جبال نابلس. وعرض عليهم القاوقجي الوحدة تحت قيادة واحدة، فعينوا اجتماعاً لذلك وكان في منطقة أم الفحم، وتحديداً في المعلقة، بما أنها قريبة من الشارع العام المار بوادي عارة ليتسنى لهم مراقبة الجيش عن كثب.
ووقعت معارك عديدة بعدها بين ثوار أم الفحم ومنطقتها وبين القوات البريطانية. واضطر الجيش البريطاني إلى بناء معسكر له على قمة جبل إسكندر، أعلى نقطة في البلدة. واشتهرت في تلك الفترة من عام 1938 حادثة، حيث أقدم الثوار على قتل جنديين. فانتقم البريطانيون بإطلاق النار عشوائياً على بيوت البلدة فقتلوا وجرحوا بعض الأهالي، ثم جمعوا رجال أم الفحم في ساحة الميدان، وقدم قائد المعسكر وأمر جنوده بإهانة الرجال. كما أخذوا 40 رجلاً منهم إلى مكان حادثة القتل قرب عين النبي، وأمروهم بالدوس على ألواح الصبر الشائكة، وهم حفاة، فسالت دماؤهم في الشارع، وبعد ذلك قصفت القوات البريطانية بعض بيوت البلدة، وباشرت جولات من الاعتقالات. ولم تتوقف أعمال الانتقام هذه إلا بانتهاء فترة الانتداب البريطاني في أواسط مارس (آذار) عام 1948م، عندما غادر مركز شرطة اللجون آخر شرطي بريطاني.

نهاية الانتداب البريطاني
بعد رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين تُركت البلاد في فوضى؛ إذ لا قانون ولا سلطة، فأصبحت العائلية و«الحارتية» (نسبة إلى الحارة) هي البديل المؤقت. وبهذا اجتمع زعماء أم الفحم وقراها لانتخاب لجنة قومية، فطالبوا الهيئات المشرفة على القيادة في فلسطين بإقامة لجنة قومية خاصة بأم الفحم ومنطقتها معترفٌ بها وبكل ما يصدر عنها فلبي الطلب، وقد أصدرت بطاقات هويات شخصية لأهالي أم الفحم ومنطقتها؛ فأصبح الفحماويون يستطيعون السفر بها إلى شرقي الأردن، سوريا ولبنان.
واستمر عمل هذه اللجنة حتى وقوع النكبة الفلسطينية. يومها داهمت القوات الإسرائيلية المنطقة ودمرت عدداً من القرى المجاورة لأم الفحم، مثل اللجون وقرى الروحة ولد العرب، والمنسي، والغبيات (الفوقي والتحتي)، والكفرين، والبطيمات، وخبيزة، وقنير، وأم الشوف، والسنديانة، وصبارين، أم الزينات وغيرها، وجرى تهجير أهلها منها ودمرت تماماً. وبالتالي، لجأ أهلها إلى أم الفحم في ضوء صلات القرابة والعلاقات التجارية، واستقبلهم أهالي أم الفحم، وأمنوا لهم المأوى.

الاحتلال الإسرائيلي
وبقيت أم الفحم وبقية قرى المثلث ضمن السيادة الأردنية. ولكن في منتصف مايو (أيار) عام 1948م دخل الجيش العراقي البلدة، وبدأ بتجنيد متطوعين لفوجٍ فلسطيني، فأقبل العديد من شبان أم الفحم ووادي عارة بالتطوع في هذا الجيش، وأخذ المدربون العراقيون يدربونهم على الوسائل القتالية المختلفة. لكنهم لم يفلحوا في صد الاحتلال الجديد. ويوم 20 مايو (أيار) 1949م، دخلت القوات الإسرائيلية أم الفحم، حيث تقدمت دبابة وما إن وصلت على مقربة من حي البير، نادى أحد الجنود: «يا أهالي أم الفحم، لقد قدم جيش إسرائيل لتسلم أم الفحم، فنرجو أن تلزموا بيوتكم، إلى حين إشعارٍ آخر، وننذر كل من تسول له نفسه بالتصدي للجيش أو بعملٍ ما يخل بالنظام». فلزم الأهالي بيوتهم. ثم دعا الجنود مخاتير أم الفحم أن يحضروا إلى الميدان حيث أمروا بتسليم السلاح. وتقدم قائد الجيش الإسرائيلي نحو مختار الإغبارية، وطلب منه أن يجتمع معه في بيته مع وجهاء القرية، ثم وقف وقال: «لقد حكمتْ إسرائيل هذه البلاد قبل 2.000 سنة، وها هي قد عادت وحكمتها، وما لكم إلا التعاون معنا، فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، لكم حقٌ وعليكم واجب. شالوم». وبهذا أصبحت أم الفحم تحت السيطرة الإسرائيلية، جزءاً مما يعرف بـ«فلسطينيي 48».
وكما فعلت مع بقية البلدات العربية، فرضت إسرائيل الحكم العسكري. ومنعت أهلها من مغادرة قراهم إلا بتصاريح من الحاكم العسكري. واستمر هذا الحكم لغاية عام 1966. وكان عدد سكان أم الفحم في عام 1949 نحو 5500 نسمة، وهو يبلغ وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي 52.314 نسمة، حسب إحصائيات 2015. وبذلك تكون أم الفحم ثالث أكبر مدينة عربية في إسرائيل، بعد الناصرة (90 ألفاً) ورهط (65 ألفاً).
وبالنسبة للأراضي، كان بحوزة أهالي البلدة 77 ألف دونم من الأراضي، غير أن السلطات الإسرائيلية صادرت معظمها، ولم يبقَ لهم سوى 24 ألف دونم. كذلك مُورست عليهم سياسة تمييز عنصري انعكست في جميع مناحي الحياة. فعلى سبيل المثال، تعد أم الفحم في العشر قبل الأخير في السلم الاقتصادي الاجتماعي، بسبب نسبة الفقر العالية بين السكان (تضاهي 55 في المائة). ونسبة النجاح في امتحان التوجيهي الثانوي لا تزيد عن 54 في المائة. ومعدل الأجور في المدينة 5078 شيكلاً (الدولار يساوي 3.5 شيكل)، مع العلم أن معدل الأجور في إسرائيل يصل إلى نحو 8700 شيكل. هذه السياسة كانت سبباً في تذمر دائم للسكان، تنامى إلى غضب شعبي ونضال سياسي وطني طيلة 70 سنة. فأم الفحم، كانت طليعية في النضال ضد التمييز ومن أجل المساواة. في «يوم الأرض» عام 1976، وهو الإضراب الشامل الذي أعلنه فلسطينيو 48 احتجاجاً على سياسة نهب الأرض والتمييز العنصري، لعبت أم الفحم دوراً طليعياً. وكانت مساهمتها عالية في تشكيل «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» عام 1977، التي جاءت لتبلور إطاراً وحدوياً للقوى الوطنية في صفوف المواطنين العرب سوية مع قوى ديمقراطية يهودية تؤمن بالسلام والمساواة في إسرائيل.

«انتفاضة الأقصى»
وفي عام 2000، عندما هبت الجماهير العربية ضد الزيارة الاستفزازية للمسجد الأقصى، التي قام بها أريئيل شارون - زعيم المعارضة في حينه - وأدت إلى نشوب «انتفاضة الأقصى»، كانت أم الفحم في المقدمة. وفقدت ثلاثة من شبانها، الذين سقطوا شهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية (يومذاك قتل 13 شاباً عربياً من فلسطينيي 48 برصاص الشرطة) وأصيب المئات بجروح.
ومع اشتداد القمع الإسرائيلي، كان يرتفع باستمرار المزاج السياسي الوطني، وتزداد حدة التوتر، وفيما بعد تزداد حدة التشدد أيضاً. في البداية كان يقود القرية شخصيات سياسية مقربة من الحكومة. وفي أواسط السبعينات، انتخب محمد مصطفى محاميد، وهو من الشخصيات الوطنية، التي قادت نضالات يوم الأرض. وانتخب بعده هاشم محاميد، رئيساً للبلدية، وهو عضو كنيست عن «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» (يسار) وأصبح رئيساً للجبهة. ثم منذ 1989 انتخب لرئاستها الشيخ رائد صلاح، الذي انشق عن الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ عبد الله نمر درويش، وأسس ما يعرف باسم «الحركة الإسلامية – الشق الشمالي». وتميز صلاح بالنشاط الجماهيري الواسع والمثابر لمواجهة الخطط الإسرائيلية، الفردية أو الحكومية، للمساس بالحرم القدسي الشريف. وراح ينظم في كل سنة مهرجاناً تحت عنوان «الأقصى في خطر»، ليضم عشرات ألوف المناصرين.
وللانشقاق عدة أسباب سياسية وشخصية، لكن من أهمها أن حركة رائد صلاح لا تعترف بالدولة العبرية، ولا تشارك في انتخاباتها البرلمانية (بعكس الحركة الإسلامية الأصلية الممثلة بأربعة نواب في الكنيست). وأقام صلاح علاقات علنية مع تنظيم حركة الإخوان المسلمين في العالم. وهكذا، استغلت حكومات إسرائيل الخطاب السياسي لحركة رائد صلاح، ذريعة للبطش بالعرب، وسن المزيد من القوانين العنصرية. وأصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمراً بحظر هذه الحركة وإخراجها عن القانون هي وجميع مؤسساتها، وأغلق صحيفتها، كما تم اعتقال الشيخ صلاح وعدد آخر من قادة الحركة، بينهم رئيس بلدية آخر سابق هو الدكتور سليمان إغبارية. ولم يعد يمر شهر من دون تحريض على هذه المدينة. وأخيراً، بعدما نفذ ثلاثة شبان من أم الفحم عملية مسلحة على باب الأسباط بالقدس، قتلوا خلالها ثلاثة عناصر من الشرطة الإسرائيلية (اثنان منهم عرب)، وهربوا إلى المسجد الأقصى (قتلتهم الشرطة لاحقاً)، دارت عملية تحريض دموية ضد الحركة الإسلامية وضد أم الفحم. وعندما اكتشف ثلاثة شبان آخرون منها كأعضاء في خلية داعشية خططوا لتنفيذ عملية أخرى في الحرم القدسي، عاد ليبرمان وأمثاله إلى مشروع الترحيل من جديد. وحتى عندما ازدهرت في أم الفحم أعمال وجرائم عنف داخلي بين السكان أنفسهم، على خلفيات الشجارات الشخصية والعائلية وغيرها من أسباب التخلف عن الحضارة، كانوا يحولون أم الفحم إلى «كيس خبطات». وبدلاً من معالجة القضايا العينية - إذ العنف منتشر في معظم البلدات الإسرائيلية، العربية منها واليهودية، والشرطة ليست بريئة من هذه الأعمال إذ إنها تبدي إهمالاً فظيعاً لهذه الظواهر - تجدهم يضعون علامة على أم الفحم بالذات، وكأنها رمز للعنف.

بين المطرقة والسندان
بالطبع، أهالي أم الفحم من جهتهم يشعرون أنهم بين المطرقة والسندان. فهم يرفضون التطرف والعنف مثلما يرفضون السياسة العنصرية للحكومة. ورغم سياسة التمييز العنصري، يتمكنون من تحقيق نجاحات باهرة على كل الأصعدة. ففي البلدة واحدة من أنجح المدارس الثانوية، وهي مدرسة خاصة بإدارة الحركة الإسلامية. والحزب الشيوعي تمكن من إرسال نحو 350 شاباً، تعلموا في الدول الاشتراكية سابقاً، وتحولوا إلى أهم وأنجح الأطباء والعلماء والمهندسين في إسرائيل. كذلك فيها عدد من أبرز الشخصيات الوطنية، الذين أصبحوا في طليعة القيادات السياسية الوطنية، مثل المناضلين محمود إغبارية ومحمد شريدي، والنواب البرلمانيين هاشم محاميد والدكتور عفو إغبارية والدكتور يوسف جبارين والشيخ هاشم عبد الرحمن، رئيس البلدية الأسبق، والشيخ خالد حمدان، رئيس البلدية الحالي. وأيضا مثل رجا إغبارية، رئيس «حركة أبناء البلد» التي تمثل التيار القومي، الذي رغم محدوديته الجماهيرية ظل مثابراً على مواقفه منذ تأسيس حركة الأرض في الخمسينات من القرن الماضي وحتى اليوم، والفنان سعيد أبو شقرا، صاحب أول غاليري فنون عربي في إسرائيل، ويجري فيها راهناً بناء مستشفى.
أخيراً ـ في الخطاب المحلي لأم الفحم هناك مسعى لتغيير اسمها من أم الفحم (الذي أطلق عليها بسبب كثرة المفاحم التي عمل فيها الأهالي) إلى «أم النور»، في إشارة إلى دورها الطليعي في العلم وفي الكفاح.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.