تركيا تعزّز قواتها قرب إدلب... وتلوّح مجدداً بتوغل في عفرين

TT

تركيا تعزّز قواتها قرب إدلب... وتلوّح مجدداً بتوغل في عفرين

واصلت تركيا إرسال تعزيزاتها العسكرية إلى مناطق الحدود مع سوريا بمواجهة محافظة إدلب، تمهيداً لنشر مراقبيها داخلها بموجب اتفاق منطقة خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه مع كل من روسيا وإيران خلال الجولة السابقة من محادثات أستانة.
ونشرت مواقع إخبارية تركية مقاطع فيديو لقوافل من الجنود والمعدات العسكرية في أثناء توجهها إلى محافظة هاطاي جنوب تركيا، تمهيداً لانتقالها فيما بعد إلى إدلب، لافتة إلى أن العديد من الصور لوداع جنود من القوات الخاصة التركية من لواء الكوماندوز في قيصري وسط البلاد، نُشرت على «تويتر».
وذكر موقع «خبرلار» التركي أنه بعد لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فيلاديمير بوتين في أنقرة الخميس قبل الماضي، والانتهاء من تحديد مناطق انتشار المراقبين العسكريين من الدول الثلاث (تركيا وروسيا وإيران)، بدأ إرسال الجنود الأتراك إلى إدلب في الفترة التي استمرت فيها المناورات العسكرية على الحدود مع العراق.
وأشار الموقع إلى أن الأسبوع الماضي شهد إرسال أعداد من الجنود من قيادة قوات الكوماندوز في قيصري وسط تركيا وعدد من مدن شرق البلاد إلى نقطة الحدود مع إدلب، كما تم نقل آليات وعربات ومدرعات عسكرية من غرب البلاد مرت بالعاصمة أنقرة ومنها إلى مناطق الحدود مع سوريا وسط حراسة مشددة.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن الأيام المقبلة ستشهد خطوات ملموسة في تطبيق اتفاقية خفض التصعيد في إدلب، بعد لقاءات أجراها الجانب التركي مع الجانبين الروسي والإيراني.
وأوضح كالين، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي، مساء أول من أمس، أن الأيام الأخيرة شهدت لقاءات مكثفة بين ممثلين عن وزارة الخارجية، والجيش، والمخابرات التركية، ونظرائهم الروس والإيرانيين حول مناطق خفض التصعيد في سوريا، حيث ستُتخذ خطوات فيما يتعلق بإدلب خلال الأيام المقبلة.
وزار رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، إيران، منذ أيام، والتقى نظيره الإيراني قبل زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لطهران الأربعاء الماضي، وقال إردوغان لدى عودته من طهران، مساء اليوم نفسه، إن الأيام المقبلة ستشهد خطوات جادة لتنفيذ اتفاق منطقة خفض التوتر في إدلب، وإن القوات التركية ستنتشر داخل إدلب بينما ستنتشر قوات من روسيا وإيران خارجها.
من جانبه، وفيما يتعلق بالتعزيزات العسكرية التركية على الحدود مع سوريا، وعما إذا كانت هذه التعزيزات بمثابة استعداد لشن عملية عسكرية موسعة على منطقة عفرين، قال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ في مقابلة تلفزيونية، أمس (الجمعة)، إن ما يجري في الأراضي السورية والعراقية يهدد بشكل مباشر الأمن القومي التركي.
وأكد أن تركيا تراقب جميع الأحداث في منطقة عفرين عن كثب، وأن هناك خطوات اتُّخذت في هذا الإطار خلال مباحثات أستانة ويتم العمل عليها حالياً.
وشدد المسؤول التركي على أن بلاده لن تسمح على الإطلاق بإنشاء «حزام إرهابي» في شمال سوريا من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
ولوّحت أنقرة، أول من أمس، باحتمال تنفيذ عملية عسكرية في مدينة عفرين شمالي سوريا الخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، إن بلاده ستواصل اتخاذ الخطوات كما فعلت في السابق لأنها تعطي الأولوية لمصالحها الوطنية.
ولفت إلى عملية «درع الفرات» التي أطلقها الجيش التركي في أغسطس (آب) 2016، لتطهير المناطق المتاخمة للحدود التركية في شمال سوريا من عناصر «داعش» والسيطرة على نحو ألفي كيلومتر مربع.
وأشار إلى أن محادثات إردوغان مع نظيره الإيراني حسن روحاني في طهران تضمنت آخر التطورات في العراق وسوريا ومفاوضات أستانة التي ترعاها أنقرة وطهران وموسكو، مؤكداً وجود بعض الخلافات مع إيران بشأن مستقبل الرئيس بشار الأسد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.