الحكومة التونسية تحشد دعم الأحزاب والنقابات لبرنامجها الاقتصادي

TT

الحكومة التونسية تحشد دعم الأحزاب والنقابات لبرنامجها الاقتصادي

تسعى حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد إلى رفع مستوى الدعم الذي تلقاه من الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية التونسية الموقعة على وثيقة قرطاج المشكلة للحكومة، ليبلغ الدعم مستوى التوافق الواسع حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات «المؤلمة» التي تعمل على تنفيذها خلال السنة المقبلة.
وتعول الحكومة على هذا الدعم المقدم خاصة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال في تونس) لتجاوز تخوفات فعلية من عودة الاحتجاجات الاجتماعية نتيجة إجراءات قد تمس القدرة الشرائية للتونسيين في ظل تلويح من الحكومة بإلغاء الانتدابات في القطاع العام خلال سنة 2018، والضغط على الأجور تلبية لتوصيات صندوق النقد الدولي بتخفيض الأجور في القطاع العام من 14 في المائة إلى 12 في المائة.
والتقى رئيس الحكومة يوسف الشاهد أول من أمس الخميس بالأحزاب والمنظمات التونسية الممضية على وثيقة قرطاج، وتمحور اللقاء حول مشروع قانون المالية لسنة 2018.
وتشمل قائمة الأطراف الموقعة على وثيقة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (اتحاد رجال الأعمال) واتحاد الفلاحين، إضافة إلى تسعة أحزاب، هي حركة «النهضة» وحركة «نداء تونس» وحزب «آفاق تونس» وحركة «مشروع تونس» وحركة «الشعب» وحزب «المبادرة الوطنية الدستورية» والحزب «الجمهوري» وحركة «المسار الديمقراطي الاجتماعي» وحزب «الاتحاد الوطني الحر».
وتم الاتفاق على أن تمد الحكومة الأحزاب والمنظمات بمختلف الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، على أن تتقدم هذه الأحزاب والمنظمات لاحقاً بمقترحات عملية لإصلاح الوضع الاقتصادي.
وإثر هذا الاجتماع، أعلن اتحاد الشغل رفضه الزيادة في نسبة الأداء على القيمة المضافة أو الترفيع في أسعار المحروقات من جديد، وهو ما يوحي بمواجهة جديدة بين الحكومة ونقابة العمال خلال الفترة المقبلة التي تعرف مناقشة قانون المالية للسنة المقبلة.
وعبّر نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، عن رفض الاتحاد تحميل الطبقة العاملة أعباء تدهور المالية العمومية، وقال في تصريح إعلامي إن إصلاح الوضع المالي في تونس يتطلب توسيع قاعدة أداء الضرائب ومحاربة التهرب الجبائي وعدم الاقتصار على الأجراء وأصحاب المداخيل المالية المعروفة. وبين الطبوبي أن إقرار الزيادة في الأداء على القيمة المضافة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، فيما سينجر عن الترفيع في المحروقات المس من القدرة الاستهلاكية للمواطنين، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، قال حمة الهمامي رئيس حزب «العمال» (حزب معارض)، إن الحكومة مطالبة بتقاسم أعباء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الأطراف وليس توجيه أعباء الإصلاح الاقتصادي على طرف اجتماعي وحيد. وأشار إلى ضرورة تجاوز توصيات صندوق النقد الدولي وألا تكون توصياته مؤثرة على حياة التونسيين ومقدرتهم الشرائية.
وضمن برنامجها الاقتصادي والاجتماعي، تعمل الحكومة التونسية على الحفاظ على العجز المالي في حدود مقبولة لا تتجاوز حدود 3 في المائة (نحو 6 في المائة حالياً)، وتحديد مستوى المديونية في حدود 70 في المائة، والحط من كتلة الأجور من 40 في المائة من ميزانية الدولة حالياً إلى 12.5 في المائة فقط، والرفع من مستوى النمو الاقتصادي من 3.5 في المائة إلى 5 في المائة بحلول سنة 2020، وذلك من خلال إصلاح الجباية ومعالجة وضعية الصناديق الاجتماعية وإصلاح منظومة الدعم وإصلاح الجهاز البنكي خاصة العمومي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.