منفذ هجوم كندا الإرهابي لاجئ معروف للاستخبارات الأميركية

ظهرت عليه مظاهر وأمارات التطرف قبل عامين مما أدى إلى فتح تحقيق في الأمر

الصومالي عبد الهادي حسن شريف (نيويورك تايمز)
الصومالي عبد الهادي حسن شريف (نيويورك تايمز)
TT

منفذ هجوم كندا الإرهابي لاجئ معروف للاستخبارات الأميركية

الصومالي عبد الهادي حسن شريف (نيويورك تايمز)
الصومالي عبد الهادي حسن شريف (نيويورك تايمز)

كان الرجل الصومالي المشتبه في تنفيذه لما تم وصفه بالهجوم الإرهابي في مقاطعة ألبرتا خلال نهاية الأسبوع الماضي، قد وصل إلى كندا، وتم منحه حق اللجوء بعد مغادرته للولايات المتحدة الأميركية بناء على أوامر السلطات منذ عدة أعوام بحسب ما صرح مسؤولين يوم الأربعاء.
وذكرت مصادر كندية بأن الشخص يدعى عبد الهادي حسن شريف (30 عاما)، وكان معروفا لدى أجهزة الاستخبارات.
تم اتهام شريف، البالغ من العمر 30 عاماً، بدهس ضابط شرطة بسيارة، وطعنه أمام استاد كرة قدم في مدينة إدمونتون، في ألبرتا يوم الأحد، وباستخدام شاحنة مستأجرة لاحقاً لدهس أربعة أشخاص في مكان آخر بالمدينة. وهناك اعتقاد بأنه قد انخرط في خمس حوادث شروع في القتل، وعمليات خطيرة باستخدام سيارة، والهروب الجنائي مسبباً ضرراً بدنياً، وحيازة سلاح.
وصرحت شرطة الخيالة الملكية الكندية بأنه قد بدت على شريف مظاهر وأمارات التطرف منذ عامين مما أدى إلى فتح تحقيق في الأمر، وإن لم يتم توجيه أي اتهامات بحقه. كذلك صرحت دائرة الهجرة والجمارك الأميركية بأنه قد تم اعتقال شريف في يوليو (تموز) 2011 في كاليفورنيا بعدما تم العثور عليه بالقرب من الحدود المكسيكية دون وثائق، وبأن أحد القضاة في سبتمبر (أيلول) من ذلك العام قد أمره بالعودة إلى الصومال. وتم إطلاق سراحه بعد شهرين من مركز اعتقال بسبب «عدم وجود احتمال لنقله في المستقبل القريب».
ورفض مسؤولون في الدائرة الإفصاح عن سبب أمر شريف بمغادرة البلاد، لكنهم أكدوا أنه لم يكن قيد اتهام أو تحقيق جنائي. وحين توجه مسؤولون أميركيون للعثور على شريف في نهاية يناير (كانون الثاني) 2012 بعد تخلفه عن الذهاب إلى سلطات الهجرة، كان قد اختفى تماماً.
على الجانب الآخر قال سكوت باردسلي، متحدث باسم رالف غوديل، وزير الأمن العام الكندي، إن شريف قد تقدم بطلب لجوء عند معبر على الحدود الكندية عام 2012، وتمت الموافقة على الطلب في العام نفسه. وعادة ما يتم إعادة الأشخاص، الذين يطلبون اللجوء بعد دخولهم إلى كندا، قادمين من الولايات المتحدة الأميركية طبقاً لاتفاق مبرم بين الدولتين. مع ذلك هناك بند في الاتفاق يسمح للأشخاص بتقديم طلبات لجوء في حال دخولهم إلى البلاد من معبر مصرح له. وأدى ذلك إلى تدفق طالبي اللجوء بشكل غير قانوني من نيويورك إلى الكيبك عبر طريق مهجور خلال الصيف الحالي رغم تراجع هذا التدفق بشكل كبير خلال الشهر الماضي. وأكد باردسلي منح شريف استثناء طبقاً للاتفاق دون أن يوضح الأمر. وأضاف أن الأمر الصادر بمغادرة الولايات المتحدة لا يمنع بالضرورة الأشخاص من دخول كندا، مؤكداً على «عدم وجود أي معلومات آنذاك تثير أي مخاوف أو قلق من دخوله البلاد».
وقال مساعد مفوض شرطة الخيالة الملكية الكندية، مارلين دوغران، إن المشتبه به صومالي كان تقدم بطلب للحصول على وضع لاجئ، وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «يمكننا التأكيد أن شكوى كانت قد قُدّمت في عام 2015» ضد هذا الرجل. ولم يؤكد دوغران اسم المشتبه به، لكنه أوضح أن أجهزة الاستخبارات كانت قد استمعت إلى إفادته في 2015 بإطار تحقيق بشأن خطر اعتداءات يقف وراءها أشخاص متطرفون يتبنون أفكارا متشددة من جهته، قال جاستين ترودو، رئيس الوزراء الكندي، الذي كثّف جهود كندا الرامية إلى السماح بدخول اللاجئين منذ توليه المنصب، إن الحكومة سوف تراجع إجراءاتها. وصرح لصحافيين في أوتاوا قائلا: «نحن نفحص النظام بأكمله، وسوف نرى ما إذا كنا بحاجة إلى إدارة الأمور بشكل مختلف عما حدث في 2012 أم لا، لكن الأولوية تكون دائماً للحرص على دفاعنا عن قيم وحقوق الكنديين مع الحفاظ على سلامة وأمن المجتمع».
كذلك صرح أحمد حسين، وزير الهجرة الكندي، لصحافيين في برامبتون بمقاطعة أونتاريو، بأن مجلس الهجرة واللاجئين الكندي، وهو هيئة شبه قضائية تعمل بشكل منفصل عن الحكومة، هو من اتخذ قرار منح شريف حق اللجوء.
«خدمة «نيويورك تايمز»



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».