بوتفليقة يكذب إشاعات تدهور صحته بظهوره في مجلس الوزراء

تخفيض ميزانية الدفاع لأول مرة لمواجهة عجز خزينة الدولة

TT

بوتفليقة يكذب إشاعات تدهور صحته بظهوره في مجلس الوزراء

ظهر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الليلة ما قبل الماضية، بعد فترة من الغياب أثارت جدلا كبيرا في الأوساط السياسية، ليفند بذلك ما أشيع عن «عدم قدرته على الاستمرار في الحكم».
وترأس بوتفليقة اجتماعا لمجلس الوزراء، هو الثاني منذ بداية العام، تناول فيه مع أعضاء طاقمه الوزاري تدابير استعجالية لمواجهة أزمة مالية خانقة. وبث التلفزيون الحكومي صورا عن الاجتماع، دامت أقل من دقيقتين، شوهد فيها بوتفليقة وهو يمسك بين يديه ملفا ويخاطب من حين لآخر وزراءه، لكن من دون أن يسمع صوته. كما لوحظ استعانة بعض الوزراء بسماعات لالتقاط كلام الرئيس، الذي يبدو أن صوته كان خافتا.
واللافت أنه من عادة رئاسة الجمهورية التصرف بهذه الطريقة لنفي الإشاعات عن «تدهور صحة الرئيس». فكلما ازداد الجدل حول هذا الموضوع يتم تنظيم إطلالة للرئيس، وفي غالب الأحيان يكون ظهوره مع مسؤول أجنبي يزور الجزائر. وقد أعلنت الرئاسة الأسبوع الماضي أن بوتفليقة دعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى زيارة الجزائر. وكانت المستشارة تستعد للقاء بوتفليقة في فبراير (شباط) الماضي، لكن السلطات الجزائرية ألغت في آخر لحظة اللقاء بسبب «نزلة برد أصابت الرئيس».
وصادق مجلس الوزراء في اجتماعه على قانون المالية لسنة 2018 الذي تضمن ضرائب جديدة على أصحاب الثروة. وصنَفت الحكومة ثلاث فئات من الأغنياء المعنيين بالضريبة على مداخيلهم السنوية. وتتمثل الفئة الأولى في الأشخاص الذين تتراوح مداخيلهم بين 500 ألف دولار ومليون دولار، وهؤلاء مطالبون بدفع واحد في المائة من ثروتهم. والفئة الثانية تتكون ممن تتراوح مداخيلهم السنوية بين مليون ومليوني دولار (ضريبة بـ1.5 في المائة). فيما تم تحديد نسبة اثنين في المائة ضريبة على المداخيل ما بين مليوني و3 ملايين دولار. ومن يكون دخله ما بين 3 ملايين و4 ملايين دولار مطالباً بدفع 2.5 في المائة ضريبة، ترتفع إلى 3.5 في المائة بخصوص المدخول الذي يفوق 4 ملايين دولار.
وبهذا الخصوص، ذكر بيان لمجلس الوزراء أنه في حالة عدم تناسب نمط الحياة مع الدخل الرسمي للمكلف بالضريبة، فتنص المادة «98» من قانون المالية على تحديد الوعاء الضريبي للضريبة على الدخل الإجمالي، وذلك بتطبيق بعض عناصر نمط الحياة. وتتمثل العناصر التي ستدخل في حساب الضريبة على الدخل الإجمالي، حسب مشروع قانون المالية الجديد، في محل الإقامة الرئيسية باستثناء المحلات ذات الطابع المهني، التي تعادل قيمتها خمس مرات القيمة الإيجارية الحالية، ومحلات الإقامة الثانوية التي تعادل قيمتها 6 مرات القيمة الإيجارية الحالية.
وتطبق الضريبة أيضا، بحسب قانون المالية، على الدخل الإجمالي، من يشغل خدما في منزله بأجر يعادل 500 دولار (بالعملة الوطنية الدينار). أما بخصوص السيارات بكل أنواعها، فتحسب في الضريبة على الدخل الإجمالي، من يملك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة السيارة الجديدة بعد خصم 20 في المائة، بعد عام واحد من الاستخدام، و10 في المائة إضافية سنويا على مدى السنوات الأربع المقبلة. وستدخل الدراجات النارية الجديدة في الضريبة على الدخل، مع تخفيض 50 في المائة بعد ثلاث سنوات من الاستعمال. كما تم فرض ضرائب أيضا على مالكي سفن النزهة والطائرات السياحية وخيول السباق وخيول السرج.
ولأول مرة تم تخفيض ميزانية وزارة الدفاع، إذ تراجعت إلى 10 مليار دولار بعدما كانت 15 مليار دولار (قانون المالية 2017). وتعالت أصوات المعارضة في البرلمان لتقليص الاعتمادات المالية لصالح قطاع الدفاع والشؤون العسكرية، واحتج برلمانيون على رفض مسؤولي الجيش النزول إليهم لمناقشتهم بخصوص الإنفاق العسكري الكبير. فيما أبقت الحكومة في قانون المالية الجديد على دعم أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، وبخاصة بودرة الحليب والخبز.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم