«داعش» يبحث عن «منجزات إرهابية» لإثبات الوجود

«وكالة أعماق» لم تتوقف عن تبني الاعتداءات الوهمية

TT

«داعش» يبحث عن «منجزات إرهابية» لإثبات الوجود

بات تنظيم داعش الإرهابي يبحث عن «منجزات إرهابية» تُسهم في تفادي خسائره، وترفع معنويات مقاتليه وتشعرهم بأنهم ليسوا بمفردهم في القتال ويساندهم الكثير من «الذئاب المنفردة» في دول العالم. وقال خبراء مصريون: إن «داعش» لجأ أخيرا إلى تبني معظم العمليات التي تتم عبر أفراد بشكل لا مركزي دون الرجوع إلى التنظيم الأم، لإثبات أنه ما زال موجودا على الأرض.
يأتي هذا وسط تحذيرات من إقامته «خلافة افتراضية» في الفضاء للتنظيم يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره، وبخاصة أن «وكالة أعماق» لم تتوقف عن تبني الاعتداءات الوهمية، والحث عن القيام بعمليات جديدة.
وعرف عن «داعش» لفترة طويلة أنه لم يكن يتبنى؛ إلا الاعتداءات التي يكون قد خطط لها أو أوحى بها بالفعل؛ إلا أن مصداقيته في هذا الصدد تراجعت كثيرا خلال الأشهر الأخيرة، بالتزامن مع توالي هزائمه العسكرية.
ويشار إلى أنه عندما تبنى التنظيم قبل أيام مسؤولية اعتداء «لاس فيغاس» الأخير، سارع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) للتأكيد على عدم العثور على «أي رابط بين مُنفذ الاعتداء وأي مجموعة إرهابية».
وقال مراقبون: إن «بوادر التشكيك في ادعاءات التنظيم برزت بعد اعتداء نيس في يوليو (تموز) عام 2016 الذي أوقع 86 قتيلا عندما دهس تونسي بشاحنته حشدا كبيرا، ورغم مسارعة التنظيم إلى تبني الهجوم الذي كان وقعه مدويا، لم يتم العثور على أي عناصر تؤكد ارتباط السائق بـ(داعش)».
من جهته، قال الدكتور إبراهيم نجم، مدير مرصد دار الإفتاء في مصر: إن «الدلالة الأهم لادعاءات التنظيم مسؤوليته عن عمليات لا تحمل شبهة إرهابية، هي فقدان التنظيم الكثير من قدراته وعناصره القادرة على القيام بالأعمال الإرهابية، إضافة إلى خسائره الفادحة في كل من سوريا والعراق، والمحاصرة الدولية لموارده المالية وتجفيف منابعه». مضيفا: أن كل ذلك أدى إلى تراجع عملياته بالخارج بشكل ملحوظ؛ ما يدفعه إلى الادعاء بمسؤوليته عن الأعمال الإجرامية ذات الأثر الكبير ليوصل رسالة إلى العالم مفادها، أنه لا يزال قادرا على تهديد أمن الدول والشعوب، وأن دعايته ما زالت تحقق الجذب للكثير من الأفراد في الداخل والخارج.
ويشار إلى أنه عقب كل عملية إرهابية في العالم تتجه الأنظار إلى وكالة «أعماق» الناطق الرسمي باسم التنظيم... التي غالبا ما تجد رابطا ما يصل التنظيم المتطرف بمنفذي العملية الإرهابية وتعلن أنه المسؤول عنه.
ويرى مراقبون أن «داعش» خلال أسبوع واحد أصدر سبعة إعلانات، وتبنى هجمات في جميع أنحاء العالم، بدءا من مانشستر إلى ملبورن مرورا بالصومال وإندونيسيا، وصولا إلى مصر ومانيلا ولندن، نظمها أو وجهها أو أوحى بها من خلال وكالة «أعماق».
وقال صلاح الدين حسن، الخبير في شؤون التنظيمات المسلحة بمصر: إن «الإعلان عن العمليات بشكل لا مركزي من قبل (داعش) لتأكيد بقائه، وبخاصة أنها عمليات فردية وقعت في دول تشارك في التحالف الدولي، وتبني التنظيم لها نوعاً من الثأر من هذه الدول التي من وجهة نظره (شاركت في إنهاء حلم الخلافة)». مضيفا: أن «مضاعفة عمليات التبني من قبل (داعش) في الأيام الأخيرة تتماشى مع تكثيف وتيرة الهجمات من قبل المتعاطفين معه».
في غضون ذلك، حذر خبراء من أن «داعش» سوف يسعى لإقامة «خلافة افتراضية له» في الفضاء الإلكتروني يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره وتجنيد الناشطين... وسبق أن حذر الجنرال الأميركي جوزف فوتل، قائد القيادة الأميركية الوسطى، من أن «القضاء على (داعش) على أرض المعركة لن يكون كافيا».
ويقول خبراء: إن «اندحار التنظيم من القسم الأكبر من الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا أثر على قدرته على التواصل عبر الإنترنت؛ إذ تراجعت كمية ونوعية المضمون الذي ينشره بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة، من دون أن يختفي».
جدير بالذكر، أن وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم لم تتوقف عن البث وتبني الاعتداءات والحث على تنفيذ هجمات... كما لا يزال من الممكن الاطلاع بسهولة على نشرات التنظيم المتوفرة في لغات عدة، وهي تدعو مؤيدي «الخلافة المزعومة» أيا كانوا وأكثر من أي وقت مضى، إلى التحرك وتمدهم بنصائح وشروحات لتنفيذ اعتداءات قاتلة.
وفي دراسة نشرها مركز الأبحاث البريطاني «كويليام» المتخصص في مكافحة التطرف أكتوبر (تشرين أول) عام 2015. أكدت أن المواد التي نشرها «داعش» خلال شهري يوليو وأغسطس (آب) بلغت 1146 مادة بثت بشكل أساسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزعت بين صور وتسجيلات فيديو وأخرى صوتية ومقالات؛ ما يعني أن التنظيم بث ما معدله 38 مادة يوميا.
وأوضحت الدراسة، أن مشاهد العنف المفرط موجودة باستمرار فيما يبثه التنظيم، والهدف منها «ترهيب عناصره لوأد أي نزعة للتمرد أو الانشقاق»... وخلصت الدراسة إلى أن الفرق الإعلامية لدى «داعش» تصدر نحو 900 تقرير منفصل وقوانين ومقاطع فيديو وبرامج إذاعية في شهر واحد.
في السياق ذاته، قال صلاح الدين حسن: إن «داعش» يلجأ إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر، وفيسبوك، وإنستغرام» لتدبير الهجمات الإرهابية وتنسيق الأعمال والمهام لكل عنصر إرهابي بلغة مفهومة لهم، وغالبا تكون عبارة عن رموز لها دلالات معينة، مضيفا: أن عناصره يلجأون إلى حصول المعلومات للمنشآت التي يسعون إلى استهدافها من خلال شبكة الإنترنت، حيث إن 80 في المائة من مخزونهم المعلوماتي معتمد في الأساس على مواقع إلكترونية متاحة للكل دون خرق لأي قوانين أو بروتوكولات الشبكة.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قامت منصات رقمية عدة بشن حملة تطهير ضد الحسابات المتطرفة فيها، كان من آخرها إغلاق «تويتر» 300 ألف حساب تم تصنيفها على أنها إرهابية؛ وذلك بعد تفعيل أدوات الذكاء الصناعي وتطورها وقدرتها على تصنيف أعداد ضخمة من الحسابات بسرعات عالية. وقال مراقبون: إن «هذه الحملات أدت إلى فرار (داعش) إلى منصة (إنستغرام) بعد انتهاء (فيسبوك) و(يوتيوب) و(تويتر) من تطهير منصاتها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.