السودان يوطد علاقاته التجارية مع دول الجوار

الخرطوم تستضيف اللجنة الاقتصادية المشتركة مع إثيوبيا

TT

السودان يوطد علاقاته التجارية مع دول الجوار

في وقت يستعد فيه السودان لصدور القرار الأميركي الخاص بالرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه منذ نحو 20 عاما، وهو القرار المرتقب بنهاية الأسبوع المقبل، كثفت مختلف وزارات القطاع الاقتصادي في الحكومة السودانية من تحركاتها نحو توطيد العلاقات التجارية الدولية، واستئناف المعطل منها، خاصة مع دول الجوار في الجهات الأربع، مصر ودولة جنوب السودان وإثيوبيا وتشاد.
وتم الاتفاق خلال اليومين الماضيين بين وزير التجارة السوداني حاتم السر والسفير المصري بالخرطوم أسامة شلتوت، على المضي قدما في تنفيذ بنود وثيقة الشراكة الاستراتيجية التي وقعت بين رئيسي البلدين العام الماضي. كذلك تم الاتفاق على استئناف عمل اللجنة التجارية المشتركة، وبحث المعوقات التي اعترضت عملها منذ التوقيع عليها العام الماضي.
وقدم السفير شلتوت دعوة لوزير التجارة، من وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي بمصر، لحضور المنتدى الأفريقي الثاني والذي سيعقد في شرم الشيخ بمصر خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبل تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وشهدت العلاقات التجارية بين السودان ومصر توترا كبيرا منذ منتصف العام الماضي، حين منعت السودان دخول الفواكه والصادرات المصرية الصناعية، قابلتها مصر بمنع دخول العديد من السلع التي كانت تدخل أسواقها من دون تصريح، حيث كانت العلاقات بين البلدين تسير لسنين عديدة في صالح انسياب وتبادل التجارة والسلع والخدمات والسياح بين البلدين. وبالتزامن مع إشارات تحسن العلاقات مع الجارة الشمالية، استقبلت الخرطوم وفدا من جنوب السودان برئاسة توت قلواك مستشار رئيس دولة الجنوب، والذي أجرى مباحثات اقتصادية مع مسؤولين في الخرطوم تناولت ملفات التجارة والنفط والاقتصاد.
وتضمن الاتفاق مع وفد دولة الجنوب تفعيل الاتفاقيات السابقة بين البلدين، والموقعة منذ العام 2012 عقب انفصال الجنوب، والعمل المشترك لزيادة إنتاج النفط في حقول الوحدة والحقول الوسطى.
كما نصت الاتفاقية التي وقعت بين وزارتي التجارة في البلدين، على تداول 54 سلعة في إطار التجارة بين الحدود والترانزيت لدولة جنوب السودان عبر ميناء بورتسودان، وللسودان عبر دول شرق أفريقيا، وتفعيل ثلاثة معابر أهمها معبر نهر النيل.
ووفقا لمحضر الاتفاق الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، سيتم إعطاء القطاع الخاص فرصة كبيرة في زيادة حجم التجارة بين البلدين، وتعويض الشركات السودانية والتجار الذين تعرضوا لأضرار بالغة خلال الانفلات الأمني الذي حدث بدولة الجنوب مؤخرا، إضافة إلى استئناف تجارة الترانزيت والتجار الحرة، وفتح المعابر النهرية، وتأمين الحدود بين البلدين. وتضمنت الاتفاقية، التي وقع عليها كبار المسؤولين في البلدين، بعد مباحثات استمرت ثلاثة أيام بمشاركة نحو 40 خبيرا، الاتفاق الكامل على محاربة تهريب السلع من الخرطوم لجوبا، والذي أحدث ضررا بالغا باقتصاد السودان، وذلك بإيجاد السبل الكفيلة وإيجاد منافذ رسمية مؤمنة بين البلدين. وتم في هذا الصدد الاتفاق على قائمة السلع التي ستصدر لجنوب السودان، والمصارف التي ستقود العمليات التجارية.
إلى ذلك، كانت التحضيرات على قدم وساق في الخرطوم لاجتماعات اللجنة الفنية العليا الاقتصادية المشتركة السودانية الإثيوبية في دورتها الخامسة التي انطلقت أمس وتستمر حتى 17 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وأعد الجانب السوداني ملفات التفاوض التي تشمل فتح مكتب مشترك لتنفيذ مشاريع الأسواق الحرة، والبحث عن تمويل دراسات الجدوى لإنشاء المناطق الحرة المشتركة بين البلدين.
كما ستتناول المباحثات الإثيوبية، رفع التبادل التجاري بين البلدين ودراسة استخدام عملتي البلدين وتسهيل التجارة عبر تقليل الجمارك والرسوم في تجارة الحدود.
وعلى ذات الصعيد، ومن جهة تنشيط التبادل التجاري مع دول الجوار السوداني، منحت حكومة الخرطوم أكثر من 150 ألف متر مربع كمنطقة عبور للبضائع التشادية وإنشاء منطقة حرة ما بين منطقتي الجنينة في غرب السودان وأدري التشادية.
وتم الاتفاق بين الجانبين خلال مباحثات تجارية اختتمت أخيرا في الخرطوم، على توصيل خط السكك الحديدية من بورتسودان إلى أنجمينا، وربط الطرق البرية بين البلدين. كما يتم حاليا التحضير لانعقاد اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، والتي حدد لها أن تنعقد كل عام لتطوير آفاق التعاون التجاري بين البلدين، والذي قطع خطوات متقدمة خاصة في منطقة العبور التي منحتها الخرطوم لأنجمينا، والتي ستسهم في تنظيم وتطوير التجارة بين البلدين، خاصة أن تشاد خلال المرحلة القادمة ستحتاج لميناء بورتسودان، كمنفذ لعبور بضائعها للحد من عمليات التهريب الواسعة بين البلدين، وتحديدا السلع الاستراتيجية مثل الوقود والدقيق والصمغ العربي.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».