تسجيل معبد «منشا» اليهودي بالإسكندرية ضمن الآثار المصرية

عمره يزيد على 150 عاماً

صورة لمعبد {منشا} من الداخل
صورة لمعبد {منشا} من الداخل
TT

تسجيل معبد «منشا» اليهودي بالإسكندرية ضمن الآثار المصرية

صورة لمعبد {منشا} من الداخل
صورة لمعبد {منشا} من الداخل

بالتزامن مع رأس السنة العبرية، التي احتفل بها يهود مصر في معبد عدلي بالقاهرة، أعلن المجلس الأعلى للآثار، مساء الثلاثاء، تسجيل معبد «يعقوب دي منشا»، الكائن بميدان المنشية بمدينة الإسكندرية، في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية. وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر قليلة من قرار وزارة الآثار المصرية ترميم أقدم المعابد اليهودية وأكبرها في الشرق الأوسط «إلياهو حنابي»، أو النبي دانيال، بالإسكندرية.
«هذا القرار يؤكد اهتمام الدولة، وحرص وزارة الآثار، بتسجيل جميع الآثار المصرية التي على أرضها، دون النظر إلى حقبتها الزمنية أو انتمائها العقائدي، سواء كانت مصرية أو قبطية أو يهودية أو إسلامية»، هكذا صرح د. محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار لشؤون الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، موضحاً أن «تسجيل تلك المعابد اليهودية والمقابر اليهودية يجعلها خاضعة لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، وتعديلاته الصادرة في 2010، بالشكل الذي يضمن إشراف الوزارة عليها وحمايتها ومتابعتها من قبل مفتشي الآثار بالوزارة، وتأكيداً على القيمة التاريخية والأثرية للأثر، وما يحمله من تاريخ وحضارة مصر».
كما أشار عبد اللطيف إلى أنه تم اتخاذ القرار فور اطلاع اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية على التقارير العلمية الخاصة بالمعبد، المقدمة من قبل منطقة آثار الإسكندرية، وعرض خريطة المساحة المعتمدة من الإدارة العامة للمساحة والأملاك، وإفادة قطاع المشروعات بالحالة المعمارية والإنشائية الجيدة للمعبد.
من جانبه، اعتبر يوسف بن جاوون، رئيس الطائفة اليهودية بالإسكندرية، أن تسجيل المعابد اليهودية الباقية في الإسكندرية خطوة هامة، حفاظاً عليها من الهدم والتخريب، كما هو حال كثير من المباني التاريخية بها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان هناك 20 معبداً في الإسكندرية تنتمي إلى مجموعات ومجتمعات متباينة، ما بين يهود مغاربة وأتراك وإيطاليين وإسبان وفرنسيين ويهود مستعربين. وكان رجال الأعمال، كما هو حال جميع الجاليات في الإسكندرية آنذاك، يقومون ببناء دور العبادة والمدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية»، مضيفاً: «خطوة تسجيل المعبد خطوة جيدة لأنه كان في حالة يرثى لها، ومغلق أمام الزيارة منذ سنوات طويلة، وهو دليل على اندماج اليهود في المجتمع المصري».
وقد تهدم عدد كبير من المعابد اليهودية التي كانت بالإسكندرية، ولم يبقَ منها سوى 8 معابد، ما بين معبد أو كنيس صغير، منها معبد «زاراديل» الذي أنشأته عائلة زاراديل عام 1391، ومقره في شارع عمرام بحارة اليهود في سوق السمك القديمة، والذي كان يحتفظ بمخطوطتين نادرتين للتوراة بالخط الآشوري. ومعبد «إلياهو حزان»، بشارع فاطمة اليوسف بحي سبورتنغ، الذي أنشئ عام 1928، ومعبد «جرين» الذي شيدته عائلة جرين، بحي محرم بك عام 1901.
ومن جانبه، قال محمد متولي، مدير عام آثار الإسكندرية: «إن المعبد عبارة عن مبنى مستطيل الشكل، يحيط به سور حجري له شريط مقسم إلى مربعات. والواجهة الرئيسية للمعبد هي الواجهة الغربية، التي يوجد بها صفان من النوافذ المعقودة بعقد نصف دائري، بكل صف 3 نوافذ يغلق عليها ضلفتان من الخشب بشراعات زجاجية مغشاة بمشبكات معدنية. أما المعبد من الداخل، فهو مقسم إلى قسمين: الأول مستطيل يتوصل إليه من خلال دركاة عن طريق فتحة باب واسعة معقودة بعقد نصف دائري عند قمته، تم عمل سندرة خشبية حديثة. وأرضيات المعبد معبدة بالبلاط، أما السقف فهو مزين بمجموعة من الأقبية المتقاطعة والبرميلية بقاعة الطقوس الدينية وأسقف مسطحة بالغرف الموجودة بداخل المعبد، بالإضافة إلى قاعة الطقوس المقسمة إلى 3 أروقة عمودية، ويتصدر المذبح الضلع الشمالي لقاعة الطقوس الدينية الذي يتكون من منصة رخامية».
ويقع المعبد في قلب ميدان المنشية، بالقرب من مقر القنصلية الفرنسية القديم، وقد شيده البارون يعقوب دي منسى Menasce 1807) – 1887)، وتنطق في مصر «منشا»، وهو من أصول إسبانية تنتمي لليهود السفارديين. وكان من كبار رجال الصرافة والبورصة، ومقرباً من الخديوي إسماعيل، وقد شارك في تأسيس البنك العثماني المصري، الذي لا يزال مقره موجوداً بالمنشية أيضاً، بجوار محكمة الحقانية، وارتبط نشاطه التجاري الكبير في مصر وأوروبا بكثير من شركات ومشاريع عائلات قطاوي وسوارس.
ومنح يعقوب دي منَسَّى الحماية النمساوية. وفي سنه 1875، حصل على لقب البارونية والجنسية النمساوية المجرية، تقديراً للخدمات التي قدمها للتجارة النمساوية المجرية، وترأس الطائفة اليهودية في القاهرة سنه 1869، وبعدها انتقل سنه 1871 للإسكندرية، فأسس المعبد الذي تم تسجيله أخيراً، فضلاً عن عدة مدارس ومقابر. وكان له دور في تأسيس «فيكتوريا كوليدج»، مع أعضاء الجالية اليهودية والإنجليزية بالإسكندرية. وترأس ابنه ديفيد ليفي دي منَسَّى (1830 - 1885) الطائفة اليهودية في الإسكندرية، ومن بعده ابنه جاك (1850 - 1916)، الذي احتفظ بهذا المنصب حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
وكانت عائلة دي منشا من أكبر العائلات بالإسكندرية، ويوجد شارع شهير باسمها في حي محرم بك، يضم قصر «البارون فليكس دي منشا»، صاحب الأرض المهداة لبلدية الإسكندرية عام 1936، التي أقيم عليها متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، الذي كان من أكبر رجال الأعمال في مصر، وتوفى عام 1943، وحالياً تحول القصر إلى مبنى مهمل يضم «مدرسة شدوان» ومدرسة «المشير أحمد بدوي».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.