هيمن استفتاء الاستقلال، الذي أجراه إقليم كردستان العراق، الشهر الماضي، على زيارة قصيرة لطهران أجراها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، والتقى خلالها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ونظيره حسن روحاني.
وأبدى خامنئي تخوُّفَه من مواقف الدول الغربية الرافضة للاستفتاء، معتبراً أن «مواقف أميركا والقوى الأجنبية لا يمكن الوثوق بها... هم يسعون وراء إسرائيل جديدة في المنطقة، وخلق وسيلة جديدة للخلافات والصراع». واعتبر الاستفتاء «خيانة للمنطقة وتهديداً لمستقبلها»، محذراً من «تبعات طويلة المدى على الجيران». ورأى أن «على إيران وتركيا الإقدام على أي خطوة ممكنة لمواجهة هذا الحدث، ويجب أن تتخذ حكومة العراق قراراً جاداً في هذا الشأن». وأشار إلى أن «صدور قرارات موحدة وصارمة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي من قبل تركيا وإيران أمر بالغ الأهمية».
وأبدى المرشد الإيراني ترحبيه بـ«تعاون البلدين قبل إقامة اجتماع آستانة ومسار الأزمة السورية على أثر هذا التعاون»، وفق ما نقل موقعه الرسمي الذي أشار إلى أن إردوغان أبلغه بـ«التوصل إلى إجماع حول العراق وسوريا» خلال محادثاته مع روحاني. وأضاف الرئيس التركي، بحسب الموقع، أن «بارزاني باتخاذه خطوة تنفيذ الاستفتاء ارتكب خطأً لا يُغتَفَر... وجيران العراق لا يمكنهم القبول بهذا القرار».
وفور وصول إردوغان على رأس وفد حكومي رفيع، أجرى محادثات مغلقة مع نظيره الإيراني تصدرها الموقف من استفتاء كردستان، قبل أن يخرجا في مؤتمر صحافي لتوضيح ما بعض ما جرى من مباحثات «مفصلة»، على حد تعبير روحاني. وطالب روحاني خلال المؤتمر، قادة إقليم كردستان، بـ«تعويض القرارات الخاطئة». وشدد على أن الثلاثي التركي - العراقي - الإيراني «مجبَر على اتخاذ إجراءات ضرورية وجدية لبلوغ أهدافه الاستراتيجية في المنطقة». لكنه أضاف: «نحن لا نريد أن نمارس ضغطاً على الشعب في إقليم كردستان العراق».
ووصف روحاني إيران وتركيا بأنهما «مرساة الثبات» في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف أنه ناقش مع إردوغان التعاون بين إيران وتركيا وروسيا في سوريا، إضافة إلى التعاون الثلاثي بين بلديهما والعراق في قضية إقليم كردستان.
وشدد على رفض أنقرة وطهران «تعميق الخلافات القومية والدينية من قبل من المتآمرين والأجانب في المنطقة». وأضاف أن «قضية الانفصال في المنطقة لا يمكننا القبول بها... سوريا والعراق بلدان موحدان ونحن لا نقبل تغيير الحدود الجغرافية بأي شكل من الأشكال».
وبلغة مشابهة، هاجم إردوغان استفتاء إقليم كردستان، مشدداً على أنه لا يقبل «قراراً اتخذه الموساد». وأشار إلى «آليات ثلاثية للحيلولة من دون المشكلات». واتهم قادة كردستان باتخاذ «قرارات غير واضحة». وقال إن «إيران وتركيا اتخذتا موقفاً حازماً، وهو أن الحكومة المركزية في العراق مشروعة والاستفتاء غير مشروع».
وعن موقف البلدين من الأزمة السورية، قال إردوغان إن آلية ثلاثية تشكلت مع روسيا بحضور إيران وتركيا، واتخذ القرار حولها في آستانة. وأضاف أن مشاورات الجانبين تعطي الأولوية لمناطق خفض التوتر، «وقتالنا المشترك في سوريا ضد (داعش) والنصرة دعماً للشعب المظلوم في تلك المناطق».
ووصل إردوغان إلى طهران بدعوة رسمية من روحاني لبحث ملفات عدة مشتركة، فيما أبدى الجانبان رغبة في استثمار المواقف الموحدة في بعض القضايا، وفي مقدمتها الموقف من استفتاء كردستان لتقليل الخلافات في سوريا. وكانت آخر زيارة لإردوغان إلى إيران في يناير (كانون الثاني) 2015.
وجاءت الزيارة بعد أيام من محادثات جرت بين رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي آكار وكبار المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم روحاني ورئيس الأركان الإيراني محمد باقري، والأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني.
وفي موازاة القضايا السياسية، أشار روحاني إلى مباحثات اقتصادية بين الجانبين. وقال إن البلدين اتخذا قرارات مهمة في الاجتماع المشترك للتعاون الاستراتيجي بينهما، بهدف تنمية العلاقات التجارية، بما فيها التوسع في العلاقات المصرفية بين البلدين، والتجارة بالعملتين المحليتين. وأضاف أن إيران أعربت عن استعدادها لتقديم التسهيلات المطلوبة لتركيا في مجالات السياحة والبتروكيماويات والبنى التحتية، كما «دخلت اتفاقيات التعامل البنكي والجمارك مراحلها النهائية هذا الأسبوع».
وذكر روحاني أن تركيا طالبت بالحصول على المزيد من الغاز الإيراني، معرباً عن استعداد بلاده لفتح الأبواب أمام الشركات التركية للاستثمار في هذا المجال، فيما قال إردوغان إن هدف البلدين بلوغ التبادل التجاري نحو 30 مليار دولار.
وفي أنقرة، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على ضرورة تجميد نتائج استفتاء كردستان، لافتاً إلى أنه اقترح على رئيس الإقليم مسعود بارزاني قبل الاستفتاء الذهاب إلى بغداد وأربيل للتوسط بينهما «في محاولة لحماية حقوق شمال العراق، لكن بارزاني لم يستمع إلى تركيا».
وأضاف جاويش أوغلو في تصريحات لصحيفة «حرييت» التركية: «قلت لبارزاني: إذا قمت بإجراء الاستفتاء فستدمر نفسك، وحذرناه من التساهل مع حزب العمال الكردستاني، وقلنا إن أقل ضرر عليه قد يأتي منا لكن بارزاني قام بحسابات خاطئة». وعما إذا كان يرى احتمالاً للتراجع عن نتائج الاستفتاء، قال: «يجب أن توجد هذه الاحتمالات».
وقال الكاتب في الصحيفة القريب من دوائر صنع القرار في أنقرة عبد القادر سيلفي في مقال له، إن زيارة إردوغان لإيران وقبلها زيارة رئيس الأركان «استهدفت التحضير لترتيبات عسكرية في شمال العراق». ونقل عن مصادر مطلعة أن تداعيات الاستفتاء «دخلت مرحلة جديدة ستحل فيها السياسات العملية محل الدبلوماسية التي بقيت في المقدمة حتى يوم إجراء الاستفتاء».
وأضافت المصادر أنه «مع إجراء الاستفتاء أصبحت الخيارات العسكرية في المقدمة، وفيما يتعلق بالشرعية الدولية، يجري الإعداد لخطط عسكرية مع الجيش العراقي، لكن إيران وتركيا تتحركان بنشاط في كل مرحلة من مراحل الإعداد لهذه العمليات».
خامنئي وإردوغان يتوعدان الأكراد
روحاني يؤكد «وحدة الموقف» في العراق وسوريا... ومعلومات عن مناقشة تحرك عسكري
خامنئي وإردوغان يتوعدان الأكراد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة