شراكة «الإسكان» مع القطاع الخاص تدعم المعروض بالسوق العقارية السعودية

تأكيدات على أهمية تمويل البنوك والاستفادة من أراضي القطاع الخاص

محمد الدحيم المستشار  في الشؤون العقارية والمالية («الشرق الأوسط») - 30 % من برامج ومنتجات الوزارة التي تم الإعلان عنها هي منتجات ستقام على أراضي القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
محمد الدحيم المستشار في الشؤون العقارية والمالية («الشرق الأوسط») - 30 % من برامج ومنتجات الوزارة التي تم الإعلان عنها هي منتجات ستقام على أراضي القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
TT

شراكة «الإسكان» مع القطاع الخاص تدعم المعروض بالسوق العقارية السعودية

محمد الدحيم المستشار  في الشؤون العقارية والمالية («الشرق الأوسط») - 30 % من برامج ومنتجات الوزارة التي تم الإعلان عنها هي منتجات ستقام على أراضي القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)
محمد الدحيم المستشار في الشؤون العقارية والمالية («الشرق الأوسط») - 30 % من برامج ومنتجات الوزارة التي تم الإعلان عنها هي منتجات ستقام على أراضي القطاع الخاص («الشرق الأوسط»)

دخل قطاع العقارات السعودي مرحلة جديدة من العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص، جاء ذلك حينما بدأت وزارة الإسكان السعودية في عقد اتفاقات شراكة جديدة مع عدد من شركات التطوير العقاري في البلاد، بهدف الاستفادة المثلى من إمكانات هذه الشركات، وتوظيفها بالشكل المناسب.
وفي هذا الشأن، عقدت وزارة الإسكان السعودية مساء أول من أمس، ورشة عمل تعد هي الأولى من نوعها لبحث أوجه الشراكة بين الوزارة والقطاع الخاص، وهي الورشة التي شهدت حضورا نوعيا أسهم في إثراء جدول الأعمال، وسط تأكيدات مسؤولي الوزارة على أن الشراكة مع القطاع الخاص أصبحت اليوم واقعا ملموسا.
وبيّن مسؤولو الوزارة خلال نقاشهم مع عدد من المطورين العقاريين والمهتمين بسوق الإسكان، أن 30 في المائة من برامج ومنتجات الوزارة التي تم الإعلان عنها هي منتجات ستقام على أراضي القطاع الخاص، يأتي ذلك وسط توجه نحو تشجيع القطاع الخاص على تطوير الأراضي المملوكة له، وتشييد منتجات سكنية، ومشروعات جديدة، تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وتطرق بعض المطورين العقاريين الذين حضروا ورشة العمل هذه إلى عدة ملفات تعنى بقطاع الإسكان في البلاد، منوهين في الوقت ذاته بأهمية أن تقوم البنوك التجارية بدورها في عملية التمويل، والمساهمة بالتالي في دعم منظومة الإسكان في البلاد.
ولم يغب ملف تضخم أسعار الأراضي وبلوغها مستويات مرتفعة عن النقاشات الدائرة خلال ورشة العمل المنعقدة، فيما أشار المشاركون إلى أن تضخم أسعار الأراضي جاء نتيجة اكتنازها وعدم تطويرها، وسط مؤشرات حالية تؤكد أن رسوم الأراضي البيضاء وبرامج الشراكة التي تنفذها وزارة الإسكان ستساهم في تطوير عدد كبير من الأراضي البيضاء، مما يساهم بالتالي في زيادة حجم المعروض في السوق العقارية.
وأمام هذه المعلومات، أكد المهندس محمد الدحيم، المستشار في الشؤون العقارية والمالية، أن شراكة وزارة الإسكان مع القطاع الخاص، أداة مهمة لتطوير منظومة الإسكان في المملكة، مضيفاً: «الشراكة أمر مهم ومطلوب، خصوصا أن لدينا شركات وطنية رائدة تستطيع تنفيذ كبرى المشاريع».
وأشار المهندس الدحيم إلى أهمية أن تشارك جميع الجهات بدعم هذه الشراكة وتحفيزها، وقال: «على البنوك التجارية أن تقوم بدورها الحيوي في عملية التمويل، كما أنه من المهم أن تراعي شركات التطوير العقاري مستويات الأسعار، بحيث أن تكون هذه الأسعار في متناول الباحثين عن السكن».
ولفت المهندس الدحيم، خلال حديثة، إلى أن جهود وزارة الإسكان ودعمها ملف الشراكة مع القطاع الخاص، ستسهم في زيادة حجم المعروض، وخفض مستويات الأسعار. وأضاف: «ونحن نتحدث عن الشراكة مع القطاع الخاص، من المهم الإشارة أيضا إلى أن صناديق الاستثمار العقارية (صناديق الريت) أصبحت اليوم واجهة جديدة للاستثمار، ومن هنا تزداد أهمية أن تستند هذه الصناديق إلى مقيمين مهنيين يستطيعون ربط الأسعار الحالية بالمتغيرات الاقتصادية التي تحيط بالقطاع العقاري، وهي المتغيرات التي تلعب بلا شك دورا في ربحية هذه الصناديق مستقبلاً».
وتأتي هذه التطورات الجديدة، في الوقت الذي أكد فيه وزير الإسكان السعودي ماجد الحقيل في وقت سابق، أن هيئة تقييم العقار ستلعب دورا كبيرا في دعم القطاع، عبر الحلول التمويلية المطروحة، مشددا على أهمية أن تكون هنالك «عدالة في التقييم العقاري».
وأضاف الحقيل، خلال حديث له في وقت سابق: «إن إقامة مؤتمر (واقع ومستقبل مهنة التقييم العقاري) في المملكة الذي تنظمه الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، تتيح لنا مناقشة مجموعة من المحاور التي تُعنى بهذا القطاع المهم، خصوصا أنه مؤثر في جميع القطاعات، ومنها الصناعات المالية والاستثمارية، والمنتجات العقارية، وأيضا المجتمع».
وأشار وزير الإسكان إلى أن «نجاح هيئة التقييم سيساعد في الحد من الممارسات الفردية الخاطئة التي شهدناها في السوق السعودية، وتأثر كثيرا بها القطاع العقاري، وعدد كبير من الصناعات»، لافتا إلى أن نجاح هيئة التقييم سيكون من خلال عمل محترف يساعد في كسب الثقة للقطاع العقاري، ويساعد في تأسيس قاعدة بيانات حول أسعار الماضي والتضخم، بهدف التخطيط المستقبلي.
وقال الحقيل: «نعمل في وزارة الإسكان مع الهيئات المختلفة لتحقيق الآمال الوطنية، والهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين تعد من الجهات التي نجد منها تعاوناً فاعلاً، خصوصا في برنامج الرسوم على الأراضي البيضاء»، مشيرا إلى أن هيئة التقييم تمثل شريكا استراتيجيا مهما لوزارته.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.