بوتين: مسار آستانة يهيئ الظروف لحوار مباشر بين الحكومة والمعارضة في سوريا

وزارة الدفاع الروسية قالت إنها قتلت «مئات الإرهابيين» في دير الزور ونفت أسر اثنين من جنودها نشر «داعش» صورهما

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لموقع يفترض أنه تابع لـ«داعش» تعرض للقصف في مكان غير محدد في سوريا (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لموقع يفترض أنه تابع لـ«داعش» تعرض للقصف في مكان غير محدد في سوريا (رويترز)
TT

بوتين: مسار آستانة يهيئ الظروف لحوار مباشر بين الحكومة والمعارضة في سوريا

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لموقع يفترض أنه تابع لـ«داعش» تعرض للقصف في مكان غير محدد في سوريا (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لموقع يفترض أنه تابع لـ«داعش» تعرض للقصف في مكان غير محدد في سوريا (رويترز)

توقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، عند تطورات الوضع في سوريا، مشددا على أن مسار آستانة الخاص بمناطق خفض التصعيد في سوريا يفتح المجال أمام تقدم في مسار الحل السياسي «على أساس الحوار المباشر بين الحكومة والمعارضة».
وقال بوتين، خلال مراسم تسلمه في الكرملين أوراق اعتماد عدد من السفراء الأجانب، إن «المهمة العاجلة التي يجب القيام بها اليوم هي زيادة حجم المساعدات الإنسانية ونزع الألغام في المناطق المحررة» في سوريا. وشدد على ضرورة أن تشارك في هذه العمليات، بقيادة الأمم المتحدة ودون شروط مسبقة «جميع الدول التي تريد السلام لسوريا وشعبها، وتتمنى بصدق عودة اللاجئين إلى بيوتهم».
وقال إن «عملية آستانة بحد ذاتها من شأنها أن تخلق ظروفا مواتية للتسوية السياسية للأزمة السورية عبر مفاوضات جنيف»، وعبّر عن اقتناعه بأن الاتفاق خلال مفاوضات آستانة على إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا «يهيئ الظروف للمضي نحو تنفيذ القرار الدولي (2254) على أساس الحوار المباشر بين الحكومة والمعارضة، ولتوحيد الجهود لمصلحة القضاء العاجل على البؤر الإرهابية، وإحلال السلام، والحفاظ على وحدة سوريا». وأكد أن روسيا ستواصل تقديم مساهمة كبيرة في جهود التسوية السورية.
إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية أسر أي من الجنود الروس في سوريا. وكان موقع على الإنترنت مرتبط بتنظيم داعش نشر أمس مقطع فيديو يظهر فيه شخصان يتحدث أحدهما ويقول إنه جندي روسي أسره مقاتلو التنظيم في منطقة الشولا في محافظة دير الزور. إلا أن وزارة الدفاع الروسية أكدت في بيان رسمي أمس عدم وقوع أي حوادث أسر عسكريين روس في دير الزور والمحافظات السورية الأخرى، وقالت: «كل العسكريين من القوات الروسية المسلحة الموجودين في سوريا يقومون بتنفيذ مهامهم كما هي محددة». وكان «داعش» أعلن يوم 28 سبتمبر (أيلول) الماضي أسر جنديين روسيين في منطقة الشولا في دير الزور، وحينها نفت وزارة الدفاع الروسية تلك المعلومات.
وذكرت «رويترز» أمس، أن وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» نشرت شريط فيديو مدته 42 ثانية ظهر فيه رجلان يرتدي كل منهما جلبابا رماديا وكان أحدهما، وهو ملتح، مكبل اليدين بينما بدت على وجه الثاني كدمات. وتحدث الملتحي بالروسية بينما ظل الآخر صامتاً. وصاحبت الفيديو ترجمة مكتوبة بالعربية. وحمل الفيديو تاريخ الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) رغم أنه لا يوجد دليل آخر على موعد تصوير الفيديو. وذكر الملتحي اسمه وتاريخ مولده ومسقط رأسه في جنوب روسيا ثم قال: «وقعت في الأسر خلال هجوم مضاد» لـ«داعش». وأضاف أنه وقع في الأسر مع رجل ثان كشف أيضا عن اسمه وتاريخ مولده ومسقط رأسه.
وفي شأن متصل، قالت وزارة الدفاع الروسية أمس، إن الغارات الجوية التي نفذتها المقاتلات الروسية على مواقع شرق نهر الفرات أدت إلى مقتل 304 مقاتلين من تنظيم داعش خلال يومين من الضربات. وأكد إيغر كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، مقتل سبعة قياديين في التنظيم من مختلف المستويات «بما في ذلك الكازخي أبو إسلام الكازاكي، المسؤول عن تنسيق هجمات التنظيم في مناطق شرق الفرات»، وأضاف كوناشينكوف أن القصف أدى كذلك إلى تدمير معسكر «للمرتزقة الأجانب المتطوعين في (داعش)»، وبينهم نحو 40 مقاتلا من شمال القوقاز في روسيا، فضلا عن القضاء على مجموعة من القناصين «الجوالين».
كما أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إلى أن القصف الجوي الروسي أدى إلى تدمير مواقع قيادة، ومواقع إسناد، ومستودعات للذخيرة وثماني دبابات ومدافع، و17 سيارة رباعية الدفع محمولة برشاشات ثقيلة. وأكد أنه بفضل كفاءة القوات الجوية الروسية تواصل قوات النظام السوري تقدمها شرق الفرات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.