نزاع قبلي يهدد تماسك «مجلس دير الزور العسكري»

تسوية أنهت تداعيات اعتقال قائد «تجمع شباب البكارة»

قائد تجمع شباب البكارة ياسر الدحلة.
قائد تجمع شباب البكارة ياسر الدحلة.
TT

نزاع قبلي يهدد تماسك «مجلس دير الزور العسكري»

قائد تجمع شباب البكارة ياسر الدحلة.
قائد تجمع شباب البكارة ياسر الدحلة.

طوّقت تسوية أخيرة في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، صراعات قبلية بين عشيرتي «البكارة» و«العكيدات» احتدمت قبل 5 أيام، على ضوء اعتقال قائد تجمع شباب البكارة ياسر الدحلة الذي اعتقلته مخابرات «قوات سوريا الديمقراطية» قبل أيام، وهدد النزاع مع عشيرة العكيدات بانهيار «مجلس دير الزور العسكري» الذي يقاتل «داعش» تحت راية «سوريا الديمقراطية».
وانقسم المقاتلون في المجلس العسكري على خلفية هذا الاعتقال، كون الدحلة ينتمي إلى عشيرة البكارة، بينما رئيس المجلس أحمد الخولة ينتمي إلى عشيرة العكيدات، وسط اتهامات للأخير بأنه لم يدافع عن الدحلة حين اعتقله جهاز الاستخبارات في «قوات سوريا الديمقراطية»، فيما اتهم المكون العربي «قوات حماية الشعب» الكردية النافذة في «قوات سوريا الديمقراطية» بالدفع لاعتقاله بهدف إضعاف المكون العربي في المنطقة وإفقاد ثقة «التحالف الدولي» به.
وأكد مدير شبكة «الخابور» الناشطة في دير الزور إبراهيم الحبش لـ«الشرق الأوسط» إطلاق سراح الدحلة، لافتاً إلى أن الضغط العسكري الذي تمثل في انسحاب عناصر الدحلة من 10 نقاط عسكرية في ريف دير الزور الشمال الشرقي، مطالبين بالكشف عن مصير قائدهم: «مثّل ضغطاً على القيادة لإطلاق سراحه». وقال إن مدنيين من وجهاء عشيرة البكارة اتخذوا قراراً بإبعاد القبيلة عن المناكفات والصراعات.
كما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الشرطة العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية أخلت سبيل الدحلة عقب 5 أيام من اعتقاله، بعدما أثار توقيفه توتراً في أوساط القوى المشاركة في عملية «عاصفة الجزيرة» التي انطلقت في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي بغية السيطرة على شرق الفرات وريف دير الزور الشمالي الغربي من جهة شرق نهر الفرات وريف الحسكة الجنوبي.
والدحلة انشق سابقاً عن «قوات النخبة السورية» وانضم إلى مجلس دير الزور العسكري المنضوي تحت راية «قوات سوريا الديمقراطية»، واعتقل على خلفية «تجاوزات عسكرية تتعلق بعدم المشاركة الفعلية في العمليات العسكرية الجارية في شرق الفرات وريف دير الزور الشمالي، وعدم الانضباط العسكري، وقلة المشاركين من قوات تجمع شباب البكارة في عملية عاصفة الجزيرة».
في المقابل، اتهم مقربون من التجمع «مجلس دير الزور العسكري» والشرطة العسكرية بـ«تلفيق تهم كيدية لياسر الدحلة والمعتقلين معه»، وسط تخوف من قبلهم بـ«نشوب فتنة قبلية بين مجلس دير الزور العسكري وتجمع شباب البكارة».
لكن الحبش نفى تلك الاتهامات، قائلا إن المنطقة لا تتضمن بيوتاً للمدنيين حتى تتم سرقتها، كما أن «تهمة التقصير سقطت لأن الدحلة، وقبل الإعلان عن المعركة، كان قد حرر ومقاتلوه تلة الحجيف واللواء 113»، متهماً الأكراد بأنهم اعتقلوه «بهدف خلق نزاع قبلي مع رئيس المجلس العسكري الذي ينتمي للعكيدات، وبهدف استغلال القيادات الكردية للصراعات القبلية للإيحاء بأنهم قادرون على ضبط تلك الصراعات، وبالتالي كسب ثقة الأميركيين، وإبعاد المكون العربي عن المنطقة»، علما بأن المنطقة لا يسكنها تقليدياً الأكراد، بل تسكنها عشائر عربية هي البكارة والعكيدات وجبور ومشاهدة».
وقال مسؤول المكتب الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي إن القيادي الدحلة «أوقف» فقط. وقال: «نحن في (قوات سوريا الديمقراطية) لدينا لائحة تنظيمات عسكرية ونظام داخلي، كائناً من كان المخالف للوائح يتعرض للمساءلة العسكرية وفق النظام الداخلي واللائحة الانضباطية، وهذه المساءلة تختلف باختلاف نوع المخالفة المرتكبة». وقال بالي لـ«الشرق الأوسط»: «نعتقد أن الدحلة ارتكب بعض المخالفات العسكرية. هو أوقف على خلفية تلك الارتكابات، وبمجرد حل الخلافات، سيعود إلى عمله ومتابعة مهامه العسكرية»، موضحاً أن الدحلة «لا يزال قياديا في (قوات سوريا الديمقراطية)، و(مجلس دير الزور العسكري)، وكل ما يشاع حول التفصيل المتعلق بالأكراد يجافي الواقع». وأضاف متسائلاً: «هل توقيف قيادي آخر، في وحدات حماية الشعب مثلاً لمخالفة انضباطية، سيثير هذه الزوبعة؟»، مضيفاً: «بالتأكيد لا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.