خطابات جبران ومائدة زها حديد ضمن مزاد «سوذبيز» الأول في دبي

«بلا حدود» يجمع بين الفن المعاصر والإسلامي والاستشراقي والكتب

لوحة «في تلك الأثناء» لعلي بني صدر
لوحة «في تلك الأثناء» لعلي بني صدر
TT

خطابات جبران ومائدة زها حديد ضمن مزاد «سوذبيز» الأول في دبي

لوحة «في تلك الأثناء» لعلي بني صدر
لوحة «في تلك الأثناء» لعلي بني صدر

في مزادها الأول في دبي (13 نوفمبر/تشرين الثاني) تعد «سوذبيز» أكثر من مفاجأة لجمهورها في المنطقة، معلنة أنها قادمة بقوة للسوق العربية محملة بمجموعة أعمال تجمع فيما بينها أسماء وأزمنة وتيارات، ولعل هذا هو السبب في اختيار عنوان للمزاد يعبر عن التنوع في الأعمال وهو «بلا حدود: دبي». مبدئيا، وبنظرة على بعض الأعمال التي ستقدم من خلال المزاد يمكننا القول: إنها ستكون جاذبة لأجيال مختلفة من المقتنين ومحبي الفنون.
«بلا حدود: دبي» ينطلق من الشرق الأوسط ويعود له، ليس فقط بالأعمال التي تنبع من المنطقة، لكن ما يعبر عنها أيضا من إبداعات عالمية. المزاد قام بتنسيقه خبير «سوذبيز» أشكان باغستاني ويحاول من خلاله، حسب ما يذكر لنا، أنه يهدف لتقديم ديالوغ ما بين المقتنين المتمرسين والجدد.
يجمع المزاد ما بين الفن الإسلامي والاستشراقي والكتب والفن المعاصر، والمنسوجات وغيرها، أجدني أقول لأشكان: «يبدو أنكم قررتم أن تفاجئوا الجمهور بهذه المجموعة»، ويرد قائلا: «بالفعل، نقدم 100 قطعة من مختلف الفئات تتنوع ما بين الصور الفوتوغرافية والفن العربي والهندي والإسلامي والكتب، وغيرها». يضيف: «منذ أن دشنا مكتبنا في دبي في شهر مارس (آذار) الماضي كنا منشغلين بتقديم العروض والمحاضرات والمعارض المتجولة، ونرى أننا نجمع كل تلك النشاطات بشكل ما في هذا المزاد. نريد أن نقدم شيئا مختلفا، أكثر من مجرد مزاد له هوية محددة، فسنقدم فئات متنوعة وأسعارا متفاوتة. نجمع ما بين الفنانين من الشرق الأوسط والفنانين من أنحاء العالم، من المعاصرين لأولئك الذين سبقوهم زمنيا، وعبر خلق حوار بصري بين كل أولئك».
أسأله، إن كانت الحلة الجديدة للمزاد جاءت من خلال مقترحات أو مناقشات مع عملاء الدار، يجيب: «مع عملائنا ومع أصدقائنا ومع المهتمين بالفنون في المنطقة ليس بالضرورة أن نسأل، لكننا يمكننا رؤية أن الذائقة الفنية بالمنطقة تتغير، نحاول الوصول لنبض الجمهور». أسأله: «هل تعتقد أن طريقة الاقتناء تغيرت عن 10 أعوام؟»، يقول: «السوق تغيرت كثيرا ودبي أصبحت مركزا عالميا وكل عميل عملنا معه منذ البداية تغيرت ذائقته، وهو تطور طبيعي، ومع افتتاح صالات فنون جديدة ومراكز فنية في المنطقة مثل بيروت ودبي التي تميزت بصالات الفنون وأبوظبي التي تتميز بالمؤسسات الفنية، كل ذلك يشير إلى تغيير كبير حدث خلال الأعوام العشرة الأخيرة».
يتدخل في الحوار إدوارد غيبز، رئيس مجلس إدارة قسم الشرق الأوسط بالدار، مضيفا: «الذائقة في الاقتناء أكثر انتقائية. في العادة يبدأ المقتني من منطقة يشعر بأنها قريبة له مثل الساعات أو المجوهرات أو يمكن أن تكون في الفن الإسلامي، لكن بمضي الوقت يبدأ في الاستكشاف، وهذا ما تثبته الإحصاءات الحديثة التي تشير إلى أن أكثر من 30 في المائة من عملائنا بالشرق الأوسط يجمعون أعمالا فنية عالمية، وليس فقط الفنون المحلية والإقليمية».
يشير غيبز أيضا إلى دخول شرائح عمرية جديدة: «إذا نظرنا للأذواق المتغيرة وتيارات الاقتناء الجديدة في السوق فسنجد إشارات لازدياد نسبة المقتنين الشباب، وهذا ما قمنا بدعمه عبر منصاتنا الإلكترونية لتقريب الدار من الأجيال الشابة. وعموما تشير الإحصاءات إلى اانتعاش في السوق مع دخول الفئات الأصغر عمرا».
أما عن فكرة المزاد يقول: «هي فكرة بدأناها في هونغ كونغ 2012 وتعني تجاوز الحدود، وهنا في دبي تعني أن العالم يصل للإمارات والإمارات تنظر للعالم، المزاد يتجاوز الحدود والأنواع الفنية والجغرافيات والأزمنة».
- خطابات جبران خليل جبران
من أهم الأعمال في المزاد، مجموعة خطابات للكاتب اللبناني جبران خليل جبران كتبها لصديقته ماري خوري. يقول أشكان: «أعمال خليل جبران هي أكثر القطع ندرة، هناك 33 رسالة من 1909 إلى 1920 كتبها خليل جبران لماري خوري، وهي آخر تلك الرسائل الموجودة في مجموعة خاصة. وهناك أيضا ثلاثة رسومات على الورق تعود لأوائل العقد الأول من القرن العشرين في حالة جيدة، وبتسلسل ملكية محكم، ونتوقع أن تفوق التوقعات لدى بيعها». خوري كانت مهاجرة من أصول سوريا - لبنانية تحولت لأيقونة اجتماعية في مجتمع نيويورك. وتفصح الخطابات عن تفكير الأديب الكبير في محطات فاصلة من حياته كما تصور قربه الشديد من خوري. وخلال معرضها في لندن الذي سيقام من خلال أسبوع الفن الإسلامي والهندي في 6 - 12 أكتوبر (تشرين الأول)، ستعرض الدار بعض القطع المهمة من المزاد، منها بعض خطابات جبران، كما ستنظم محاضرة حول جبران وحياته بصفته أديبا وفنانا، تلقيها ماي رياني من جامعة ماريلاند.
- لوحات بني صدر وطاولة زها حديد
يضم المزاد أيضا عددا من الأعمال، التي يصفها أشكان بأنها «مدهشة»... هناك أعمال لمجموعة من الفنانين العالميين، مثل الفنان قادر عطية، ايثل برادة وعلي بني صدر الذي يضم المزاد لوحتين من أعماله. اللوحة الأولى تحمل بصمة بني صدر في «انفجار» الألوان المتنوعة، فالناظر يجد نفسه داخل «معمعة» الألوان من دون وجود نقطة محورية. تشي اللوحة بتأثير المنمنمات الفارسية على الفنان والتي يمكننا تبينها فيما يشبه الأشخاص المكتسية باللون الذهبي أو الوردي.
هناك أيضا طاولة من تصميم المعمارية الراحلة زها حديد، وهي من مجموعتها المعنونة «المياه» ولوحة من أعمال الفنان إدريس خان من سلسلة الأختام الشهيرة، التي قدم إحداها في معرض «الحج» الذي أقامه المتحف البريطاني منذ أعوام قليلة.



شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين، وتُمثل هذه الشراكة علامة فارقة في العلاقات السعودية - الصينية، إذ تجمع بين خبرات أكاديمية «دونهوانغ» التي تمتد لأكثر من 8 عقود في أبحاث التراث والحفاظ الثقافي، والتزام الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني للعلا ومشاركته مع العالم.

وتتولى أكاديمية «دونهوانغ» إدارة كهوف «موغاو»، وهي مجمع يضم 735 كهفاً بوذياً في مقاطعة «قانسو»، تم تصنيفه موقعاً للتراث العالمي للـ«يونيسكو» في عام 1987، وتشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم.

وبوصفها بوابة مهمة إلى الغرب، كانت «دونهوانغ» مركزاً رئيسياً للتجارة على طريق الحرير، في حين شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة؛ حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية، وأسهمت في تبادل المعرفة والتجارة عبر العصور.

وتُشكل المنطقتان مركزاً حيوياً للتجارة والمعرفة والتبادل الثقافي، ما يجعل هذه الشراكة متماشية مع الإرث التاريخي المشترك.

وتهدف الشراكة إلى توحيد الجهود بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» للحفاظ على تراث وتقاليد المحافظة، وقد نالت الأكاديمية إشادة دولية من قبل «اليونيسكو» والبنك الدولي والحكومة الصينية؛ تقديراً لجهودها في الحفاظ على كهوف «موغاو».

تشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم (الشرق الأوسط)

وستسهم الشراكة في تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية في غرب الصين والعلا، إضافة إلى تنظيم معارض أكاديمية وبرامج تبادل للموظفين والعلماء.

وقالت سيلفيا باربون، نائب رئيس الشراكات الاستراتيجية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «لطالما جمعت بين السعودية والصين علاقة تاريخية عميقة، تجاوزت المسافات واختلاف الفترات الزمنية، لتربط بين الشعوب والأماكن، واليوم نواصل تعزيز هذه الروابط من خلال تعاوننا المثمر مع المؤسسات الرائدة والوجهات الحاضنة لأبرز المعالم التاريخية في العالم».

وأضافت: «بصفتنا حماة لبعض من أهم المواقع الثقافية في العالم وروّاداً لتراثنا الإنساني المشترك، تنضم أكاديمية (دونهوانغ) إلى الهيئة في طموحنا لجعل العلا مركزاً للبحث والاكتشاف في مجالات الثقافة والتراث والسياحة، في حين نواصل التجديد الشامل للعلا».

وتأتي هذه الشراكة عقب انطلاق معرض السفر السعودي، الذي نظمته الهيئة السعودية للسياحة؛ حيث تميّزت العلا بمشاركة لافتة من خلال جناح مميز في حديقة «تيان تان» بالعاصمة الصينية بكين، والذي سلّط الضوء على التراث الطبيعي والثقافي الغني للعلا.

وتزامنت هذه المشاركة مع توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين وزارتي الثقافة السعودية والثقافة والسياحة الصينية لإطلاق العام الثقافي السعودي الصيني 2025.

من جانبه، قال الدكتور سو بوه مين، مدير أكاديمية «دونهوانغ»: «نحن فخورون بالدخول في هذه الشراكة مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتُمثل هذه الشراكة خطوة مهمة نحو ربط تاريخنا الثقافي الغني وتعزيز جهود الحفاظ على التراث».

وأضاف: «من خلال مشاركة خبراتنا ومواردنا، نسعى إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتعميق الفهم المتبادل، وابتكار برامج جديدة تُفيد المجتمع في الصين والسعودية، ونتطلع إلى تعاون مثمر يلهم ويثقف الأجيال القادمة».

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، استضافت المدينة المحرّمة -موقع التراث العالمي للـ(يونيسكو) في بكين- معرض العلا: «واحة العجائب في الجزيرة العربية»، الذي تضمن عرضاً لمقتنيات أثرية من مجموعة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وذلك لأول مرة، واستقطب المعرض أكثر من 220 ألف زائر، والذي اتبعه توقيع اتفاقية شراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وإدارة التراث الثقافي في مدينة خنان الصينية.

وتدعم هذه الشراكة تطوير العلا و«دونهوانغ» بوصفها مراكز سياحية عالمية، كما تسهم في تفعيل برامج الحفاظ المشتركة والمبادرات الثقافية، وتعزيز مشاركة المجتمعات لدعم الازدهار، بما يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق الصينية و«رؤية السعودية 2030».