«هنلي أون تيمز» مشهورة بقوارب السباقات وروعة طبيعتها

تبعد بلدة «هنلي أون تيمز» نحو 40 ميلا من العاصمة البريطانية لندن من ناحية الغرب، ونحو 25 ميلا من مطار هيثرو. وتعد «هنلي أون تيمز» مدينة تجارية رائعة حيث تحتضنها تلال صغيرة على امتداد نهر تيمز.
تشتهر البلدة بسباقات قوارب التجديف التي تقام بصفة سنوية على امتداد النهر ويعود تاريخ أول سباق أقيم فيها إلى عام 1839 وباتت منذ ذلك الحين تقام نهاية شهر يونيو (حزيران) من كل عام.
ولأن رياضة التجديف إحدى الرياضات الأولمبية القديمة، فقد أقيم لها متحف حديث على ضفاف نهر تيمز بالقرب من محطة السكك الحديدية وسمي «متحف النهر والتجديف» ليسرد تاريخ السباقات التي تقام على امتداد النهر وتحوي بعض الأمثلة للسباقات التي أقيمت في القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى عرض لبعض نماذج قوارب التجديف الحديثة. بالمتحف كثير من الأقسام التي تغطي اتجاهات جذابة مختلفة، من ضمنها معرض خصص لسرد أكثر قصص الأطفال تشويقا وإثارة في القرن العشرين والتي حملت اسم «ذا ويند إن ذا ويلوز»، أو الريح في الصفصاف، والتي كتبها كينيث غراهام الذي عاش ببلدة كوكهام التي تبعد عن المتحف مسافة 10 أميال. كتب غراهام مجموعة قصص كان قد اعتاد قراءتها لابنه عندما كان صغيرا قبل خلوده للنوم. كان كينيث غراهام مسؤولا كبيرا في «بنك أوف إنغلاند»، أو بنك إنجلترا، قبل أن يتقاعد مبكرا في سن 49. كان ذلك سببا لأن يضع غراهام مجموعاته القصصية في كتاب حمل اسم «ذا ويند إن ذا ويلوز» الذي استمر يحظى بشعبية كبيرة كقصص للأطفال لما بعد ذلك بمائة عام. وتتناول المجموعة القصصية الصداقة بين أربعة حيوانات هي ضفدع الطين، والغرير، والخُلد، وفولي الماء. أعطى غراهام الحيوانات في تلك القصة الحيوانات بعدا وأحاسيس إنسانية، لكن القصة تركز على الشخصية المغرورة لضفدع الطين وحبه للسيارات التي تسير بمحرك، ومحاولات أصدقائه الدءوبة لإنقاذه من المشكلات التي يقع فيها بسبب ذلك. تحولت القصة إلى أفلام ومسرحيات، فيما يعرض المتحف صورا للمشاهد المهمة في القصة. ولكي تستمع بأحداثها صوتا وصورة، فكل زائر للمعرض يتسلم سماعة أذن ليسمع أحداث القصة ليستمتع بها خلال مشاهدته لكل صورة من صورها.
في الطابق العلوي من المتحف ستشاهد عرضا لقوارب تجديف بأعمار ومقاسات مختلفة. ويوضح المتحف الدور المهم الذي كانت تؤديه تلك القوارب على امتداد ضفة النهر لمائة عام كاملة. ففي كثير من المرافئ كانت القوارب تتسابق للوصول إلى السفن القادمة واستقبالها وكان هناك ملاح على ظهر القارب مهمته الصعود إلى على ظهر السفينة القادمة مقابل أجر محدد وإرشادها إلى خط السير لتحاشي المخاطر التي قد تعترضها للوصول إلى المرفأ. وعندما تتعرض سفينة لخطر ما، كان هناك الكثير من الرجال في قوارب التجديف مهمتهم الإسراع إلى السفن الجانحة بفعل الريح واصطحابها لإنقاذ ركابها وكذلك أطقمها. وكان هذا العمل سببا في المنافسة بين أبناء المدن وفي إقامة سباقات محلية بين أطقم تلك القوارب ببلدة هنلي.
وهناك قسمان آخران جديران بالاكتشاف عند زيارتك للمتحف. يعرض القسم الأول مجموعة صغيرة من اللوحات التي أبدعها رسام القرن العشرين جون بيبر الذي عاش بتلك البلدة. فعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، كُلف بيبر برسم المباني المهدمة وتسجيل المباني المتوقع تغيير ملامحها. ورغم بساطة لوحاته فإنها تعكس قدرا من الدرامية التي تجعل المكان يستحق الزيارة. والمعرض الأخير مرتبط بتاريخ المدينة نفسها وتطورها. بالنسبة لي، فإن أكثر المعروضات جاذبية هي القارب الطويل الأنيق الذي يعمل بمحرك بخاري وكان يستخدم في حمل المسؤولين خلال أيام السباق. الشيء الثاني الذي جذب انتباهي ضمن المعروضات هو لوحة زيتية تعود للقرن السابع عشر رسمها الفنان الهولندي جيان سيبرشتس المعروف بشغفه بالمناظر الطبيعية صور من خلالها بلدة هنلي في تلك الفترة. وتعكس اللوحة ملامح البلدة في نهاية القرن السابع عشر حيث تظهر نوعية المحاصيل التي كانت تزرع هناك آنذاك وتبين كيف كانت تسير عملية الحصاد، واتجاهات سير الطرق في تلك الفترة، وكيف كانت الحدود الفاصلة بين الحقول. وبالإضافة إلى اللوحات، فقد أوجد المتحف فرصة لشرح التفاصيل الصغيرة التي يستطيع المشاهد استخلاصها من خلال اللوحات، مما يجعل المشاهد يقف أمام كل لوحة على حدة ليتأمل ويدرس ويفهم ما تقوله.
في الأيام الدافئة، تعج ضفة النهر، وبالقرب من محطة القطارات المعروفة باسم «ميل ميدوس»، يمكن الجلوس فوق العشب الأخضر على ضفة النهر تحت ظلال الأشجار المورقة في رحلة خلوية مع الأصدقاء للاستمتاع بمشهد القوارب العابرة فوق صفحة النهر.
لا تبعد بلدة هنلي كثيراً عن الطريق السريع «إم 4» الذي يؤدي في نهايته إلى غرب لندن وإلى مطار هيثرو. ويمكنك أن تستقل القطار من محطة بادنغتون إلى هنلي.