الحمد الله في غزة: نجاح حكومتي مرهون بقدرتها على التنفيذ ميدانياً

رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية رافق رئيس الحكومة... ووفد أمني مصري ثان لمراقبة انتقال السلطة

TT

الحمد الله في غزة: نجاح حكومتي مرهون بقدرتها على التنفيذ ميدانياً

قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إن نجاح حكومته في قطاع غزة، سيكون مرهونا بـ«قدرتها التنفيذية على الأرض وفي الميدان، وبالقدر الذي تتمكن فيه من إحداث تغيير في حياة المواطنين»، في مؤشر مهم على إصرار الحكومة الفلسطينية على حكم قطاع غزة بالكامل.
وأعلن الحمد الله من غزة التي وصل إليها أمس، على رأس وفد حكومي كبير، أن حكومته ستبدأ فورا بتسلم مسؤولياتها ومهامها في القطاع، عبر لجان وزارية تتسلم المؤسسات والدوائر الحكومية ومهام الأمن، وشؤون المعابر والحدود «تحقيقا لوحدة النظام السياسي، ومعالجة القضايا الإدارية العالقة».
ووصل الحمد الله أمس إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون (إيرز) الذي تسيطر عليه إسرائيل، شاقاً، عبر موكب كبير، صفوف الآلاف من الجماهير المحتشدة التي حملت صور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الراحل ياسر عرفات، وهتفت للوحدة الفلسطينية.
وبعد تأخير قليل بسبب ترتيبات أمنية في المكان، ترجل الحمد الله وسلم على مستقبليه من قادة الفصائل الفلسطينية والشخصيات السياسية ووزراء الحكومة في غزة، وأعضاء الوفد الأمني المصري، ثم عقد مؤتمرا صحافيا.
وقال الحمد الله: «نعود مرة أخرى إلى قطاع غزة من أجل تحقيق المصالحة والوحدة، وكي نعيد البناء واللحمة الوطنية».
وتعهد رئيس الحكومة بعلاج مشكلات القطاع، بما في ذلك مشكلة موظفي حكومة حماس السابقة، وفق اتفاق القاهرة. وقال في أول زيارة له إلى قطاع غزة منذ عام 2014: «جئنا بتعليمات ومتابعة من فخامة الرئيس عباس لنعلن للعالم، من قلب غزة، أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تكون، ولا نقبل أن تكون، دون وحدة جغرافية وسياسية بين الضفة والقطاع... لنغلق معا هذا الانقسام وتبعاته».
وأثنى الحمد الله على قرار حماس حل اللجنة الإدارية، ووصف ذلك بالخطوة المهمة التي سيبنى عليها الكثير.
ومضى الحمد الله: «إن ما عاشته غزة في سنوات الانقسام لم يعد يحتمل إضاعة أي لحظة بالمماطلة والخلاف. الآن وقت العمل، لأن المستفيد الوحيد من إطالة الانقسام هو الاحتلال». وتابع: «نسعى للعمل مع كل الفصائل والقطاع الخاص والأهلي والمجتمع المدني، لتمكين حكومة الوفاق من أداء مهامها في القطاع، ومعالجة تداعيات الانقسام ورأب الصدع الذي أنهك كل فلسطيني وأحدث اختلالات كبيرة في بنية المجتمع ونظامه السياسي ككل. الحكومة ستعمل بالقدر الذي تعمل فيه، من أجل التأثير الإيجابي على حياة المواطنين».
وثمن الحمد الله جهود مصر، ودعا الجميع لرص الصفوف والوحدة والمصالحة؛ «ليكون الوفاق الوطني في أعلى صورة».
وشدد الحمد الله على أن العالم لن يلتفت لشعب ممزق، متعهدا بسلسة خطوات عملية لإجراء تغيير ملموس على الأرض، وتوفير حياة كريمة لتشغيل الشباب الذين تحملوا ويلات 3 حروب.
وأقر الحمد الله بصعوبة مهمة حكومته قائلا: «إننا ندرك تماماً أن الطريق لا يزال طويلاً وشاقاً، وأننا سنصطدم بالعقبات والتحديات». واستدرك: «لكن شعبنا الذي نهض من حطام النكبة ومأساة التشرد، قادر اليوم على النهوض من جديد، من بين الدمار والمعاناة من غزة، ليحمي وطنه ومستقبله والعيش بحرية وكرامة».
وأنهى الحمد الله بأن غزة «ستبقى دائماً حامية الهوية الوطنية الفلسطينية، ولن تكون دولة فلسطينية إلا وغزة في قلبها والقدس عاصمتها الأبدية».
وتضع زيارة رئيس حكومة التوافق الفلسطينية إلى قطاع غزة، قطار المصالحة الداخلية على الطريق الصحيح، باعتبار أن تسلم الحكومة غزة، أول خطوة عملية للاستمرار في التخلص من الانقسام.
ويفترض أن يترأس الحمد الله اليوم اجتماعا للحكومة الفلسطينية يعقد في منزل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحضور جميع أعضائها. وستحاول الحكومة إدارة قطاع غزة الذي ظلت حركة حماس تحكمه لأكثر من 10 سنوات.
ويأمل الفلسطينيون في أن يستطيع الحمد الله وحكومته إنهاء عقد من الخلافات، التي حولت الحياة إلى مستحيلة في قطاع غزة. لكن عمليا، أمام الحمد الله ملفات عدة معقدة، أهمها ملف الأمن الذي تسيطر عليه حماس بالكامل في قطاع غزة، وملف المعابر، وملف موظفي حكومة حماس السابقين.
ووصل مع الحمد الله إلى غزة، مسؤولون أمنيون، أبرزهم رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، الذي يعد أبرز شخصية أمنية في السلطة تزور القطاع منذ زيارته الأولى عام 2014.
ويفترض أن يكون لجهاز المخابرات الفلسطيني دور مهم ورئيسي في معالجة الملف الأكثر تعقيدا، وهو ملف الأمن.
وتسيطر حماس على وزارة الداخلية في قطاع غزة ولديها ما يشبه جيشا من المسلحين.
وأرسلت مصر، أمس، وفدا أمنيا ثانيا لينضم لوفدها السابق من أجل الإشراف على انتقال السلطة في القطاع إلى الحكومة الفلسطينية.
وشارك الوفد المصري الذي ضم مستشاري رئيس جهاز المخابرات، اللواء خالد فوزي، واللواء همام أبو زيد، واللواء سامح كامل، في اللقاءات التالية التي عقدها الحمد الله مع مضيفيه. والتقى الحمد الله برئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، في بيت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد حلس، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الذي استضاف الوفود والمسؤولين والضيوف على مأدبة غداء كبيرة.
وأراد الحمد الله بزيارة منزل حلس، إعطاء قوة إضافية للرجل المسؤول عن قطاع غزة في حركة فتح، سواء لدى حماس أو في مواجهة أي خصوم داخل وخارج الحركة.
ولوحظ وجود حشود كبيرة أمام منزل حلس للترحيب بالحمد الله، مما أدى إلى توتر أمني في المكان.
وعرقلت الحشود الكبيرة في غزة، زيارة كانت مرتقبة للحمد الله إلى منزل دمره الإسرائيليون في حي الشجاعية.
وكان يفترض أن يزور الحمد الله المنزل الذي سبقه إليه نيكولاي ميلادينوف منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، لكن الحشود الكبيرة، كما يبدو، أجبرت حراسه على تغيير الخطة.
لكن الحمدالله عاد لاحقاً، إلى حي الشجاعية وتفقد منزل مُفيد يوسف أبو الخير في منطقة القُبّة، شرق الحي الذي أُعيدَ بناؤه أخيراً، بعد تدميره في الحرب التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي صيف عام 2014. وهو آخر منزل تمّ بناؤه ضمن المنحة الكويتية لإعادة إعمار غزة، كما يعتبر أقرب منزل على الحدود الشرقية للمدينة. وكان يفترض أن يلتقي الحمد الله وماجد فرج بالوفد الأمني المصري في وقت متأخر أمس، على أن يلتحق بهم شخصيات من حماس للاتفاق على ترتيبات محددة متعلقة بعمل الحكومة. وكان الحمد الله أعلن قبل وصوله لقطاع غزة، أن حكومته لن تقبل بحكم مجتزأ.
ورحبت حماس بالحمد الله والوفد المصري، وقالت إنها لن تتراجع عن المصالحة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.