المعارضة التونسية تتمسك بشروطها للعودة إلى الحوار

تخوف من تداعي الأوضاع الليبية على الداخل التونسي

المعارضة التونسية تتمسك بشروطها للعودة إلى الحوار
TT

المعارضة التونسية تتمسك بشروطها للعودة إلى الحوار

المعارضة التونسية تتمسك بشروطها للعودة إلى الحوار

واصلت المعارضة التونسية مطالبتها باستقالة حكومة علي العريض والتراجع عن التعيينات في الإدارة، وتمسكت بهذه الشروط وعدتها أساسية قبل العودة إلى الحوار.
واستفادت حركة النهضة، حسب التحاليل السياسية، من أخطاء المعارضة في إدارتها للحوار والاستفادة من الوضع المتأزم. ولم تستفد قيادات المعارضة من حالات الضعف التي شهدتها حركة النهضة، خاصة بعد حادثة اغتيال شكري بلعيد في فبراير (شباط) الماضي، كأول اغتيال سياسي في تونس وتكرار الأمر مع النائب البرلماني محمد البراهمي يوم 25 يوليو (تموز) من السنة الحالية.
وفي هذا الشأن قال محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي (حزب يساري تأسس بعد الثورة) في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن فشل المعارضة في تحقيق مطالبها وراءه غياب استراتيجية واضحة في التعامل مع الحكومة. وقال إن من بين الأخطاء القاتلة على حد تعبيره التي ارتكبتها المعارضة، مطالبتها في نفس الوقت بحل المجلس التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة والتكفل بمهام إنقاذ البلاد. وأشار الكيلاني إلى السقف العالي للمطالب التي وضعتها أحزاب المعارضة ولم تتمكن من تحقيقها، وقال إن المعارضة تصرفت على أساس أن البلاد تمر «بوضع ثوري» والحقيقة أن تونس في ظرف انتقالي يتطلب عملية إصلاح بدلا من المواجهة والنزول إلى الشارع، والمطالبة بحل المؤسسة الدستورية الوحيدة التي انتخبها التونسيون.
ونفى رئيس الحزب الاشتراكي أن تكون المعارضة قد استفادت من أخطائها الماضية وقال إنها «لم تنتبه بعد إلى أخطائها»، وهي بذلك لم تقدر على إدارة التفاوض والبقاء في موقع القوة. وأشار إلى حالة الاستنزاف التي عاشتها الجماهير التونسية بنزولها في أكثر من مناسبة إلى الشارع للاحتجاج دون تحقيق مطالب ملموسة لفائدة التونسيين. وقال إن هذا الأمر «جعل حركة النهضة تحكم قبضتها على البلاد»، على حد قوله.
وبشأن مستقبل العلاقة بين الحكومة والمعارضة، قال الكيلاني إن حل الأزمة اليوم بات بين أيدي حركة النهضة التي استفادت من مسلسل الهجمات عليها وأدارت الأزمات السياسية المتتالية بحنكة ودهاء، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، كشف حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف الجبهة الشعبية المعارض، عن جملة من الشروط الواجب توافرها لإعادة قاطرة الحوار إلى سكتها. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن التراجع عن التعديلات التي أدخلت على المجلس التأسيسي، والاتفاق المسبق على شخصية رئيس الحكومة وضمان التزام كل من المجلس التأسيسي (البرلمان) ورئاسة الجمهورية بنتائج الحوار هي الشروط الأساسية لاستئناف الحوار من جديد بعد تعليقه من قبل الرباعي الراعي للحوار يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
ودعا الهمامي قيادات الرباعي الراعي للحوار إلى «صرامة أكبر في التعامل مع من يخرق وثيقة خارطة الطريق أو ينتهك بنودها». وتوقع الرباعي الراعي للحوار استئناف جلسات الحوار الرسمي بداية الأسبوع المقبل بعد الاتفاق المسبق حول المرشح لرئاسة الحكومة.
وحافظت المعارضة التونسية على تمسكها بـ«حزمة» الشروط تلك لاستئناف الحوار السياسي المعلق منذ أكثر من أسبوعين مع الحكومة وقالت إنها «لن تعود إلى الحوار» إلا بعد الاستجابة لتلك الشروط. وأعادت الجبهة الشعبية وهي من مكونات جبهة الإنقاذ المعارضة، اتهام حكومة «الترويكا» المشكلة من حركة النهضة وحزبي المؤتمر والتكتل، بالمناورة والتمسك بالحكم والابتعاد عن فكرة إنهاء الأزمة السياسية التي تفاقمت بعد اغتيال محمد البراهمي النائب في المجلس التأسيسي (البرلمان) في 25 يوليو المنقضي.
في غضون ذلك، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته الجمعية التونسية «استشراف وتنمية» أن 76 في المائة من التونسيين عبروا عن عدم رضاهم الكلي على أداء الحكومة، وترتفع النسبة إلى 89 في المائة في ولايات (محافظات) الكاف وسليانة وجندوبة وباجة وزغوان، وهي المناطق الأكثر فقرا في تونس. ولم تسلم المعارضة من «سخط» التونسيين، فقد عبرت نسبة 73 في المائة منهم عن عدم رضاها عن أداء أحزاب المعارضة.
ولم تتجاوز نسبة الراضين عن الأوضاع الأمنية في تونس نسبة 44.5 في المائة، وعبرت نسبة 87.5 في المائة عن عدم رضاها عن الأوضاع الاقتصادية، وعبرت نسبة 81.5 في المائة من جانبها عن عدم رضاها عن الأوضاع الاجتماعية.
في غضون ذلك، تبدي تونس تخوفات جدية من انزلاق الوضع الأمني في ليبيا وتأثيره على الداخل التونسي. وتتابع القيادات الأمنية والعسكرية بأعين حذرة، المنحى الدراماتيكي الذي أضحى عليه النزاع المسلح بين الجماعات المتناحرة في ظل غياب شبه كلي لمؤسسات الدولة الليبية.
وحسب تقارير أمنية، فإن تونس تتخوف من إمكانية انتقال جزء من الأزمة من الأراضي الليبية إلى الداخل التونسي بعد فتح أبوابها لأكثر من مليون ليبي للاستقرار في تونس بعد الإطاحة بالنظام الليبي، وتوزع الليبيين أنفسهم بين موالين للنظام السابق ومساندين للثورة، وهو ما قد يكون سببا لاندلاع مواجهات بين الطرفين. كما تبدي تونس تخوفات من وجود امتدادات قبلية بين سكان المدن الصحراوية في كلا البلدين وإمكانية انزلاق الصراع المسلح بين الجماعات المتطرفة والجماعات القبلية هناك إلى تونس.
وفي هذا السياق، قال عبد الحميد الشابي، الخبير الأمني التونسي في مجال الإرهاب لـ«الشرق الأوسط»، إن خيطا رهيفا يمنع تدهور الأوضاع الأمنية بين تونس وليبيا وإن تاريخ العلاقات المميزة بين الطرفين وفتح الأبواب أمام الليبيين الفارين من جحيم المعارك أثناء الإطاحة بنظام العقيد، من بين الأسباب التي منعت انزلاق العلاقة بين البلدين إلى حدود التصادم.
وأشار الشابي إلى حاجة التنظيمات الجهادية في المغرب الإسلامي إلى الأموال وانتباهها إلى أهمية ثروة النفط الليبي في تمويل عملياتها الجهادية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن التضييقات المتكررة التي تعرفها تلك التنظيمات ومحاصرتها بتكوين «منطقة عسكرية عازلة» في الجنوب الشرقي التونسي وتضييق الخناق على عمليات التهريب، قد تكون من بين أسباب النزاع في المستقبل بين أكثر من طرف سياسي. وأفاد الشابي بأن ارتباط بعض التنظيمات الجهادية التونسية بمقاتلين في الجزائر ومالي والنيجر وليبيا، قد تكون محل قلق جماعي على الاستقرار الأمني في منطقة المغرب العربي برمتها.
وتلعب التهديدات التي أطلقها «أبو عياض» زعيم تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي المحظور بمهاجمة الجنوب التونسي، دورا حاسما في تنامي تلك المخاوف. ولم تعد القيادات الأمنية والعسكرية التونسية تأمن لمقولة إن تونس «أرض عبور» للجماعات الجهادية بعد استيطان مجموعات مسلحة في جبال الشعانبي وسط غربي تونس واستهداف قوات الأمن والجيش عبر زرع الألغام المضادة للأشخاص والعربات وتنفيذ هجمات مسلحة قاتلة.
ونبه محمد الصالح الحدري العقيد العسكري المتقاعد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة تحليل كل الأحداث الأمنية والسياسية التي تحدث في الجارة الشرقية. ويرى أنه من السذاجة تبسيط الأمور وعدم الانتباه إلى الترابط التاريخي في المصالح بين البلدين. وأشار إلى احتضان ليبيا لأكثر من 80 ألف عامل تونسي قبل الثورة وعودة الآلاف منهم إلى ليبيا، وفتح تونس أبوابها أمام قرابة المليون ليبي، وهذا ما يجعل أبواب التأثير والتأثر مفتوحة على مصراعيها، على حد تقديره.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.