نصر الله يتحدث عن مواجهة مع إسرائيل... ومحللون يعتبرونها «حرباً نفسية»

نصر الله يتحدث عن مواجهة مع إسرائيل... ومحللون يعتبرونها «حرباً نفسية»
TT

نصر الله يتحدث عن مواجهة مع إسرائيل... ومحللون يعتبرونها «حرباً نفسية»

نصر الله يتحدث عن مواجهة مع إسرائيل... ومحللون يعتبرونها «حرباً نفسية»

حذر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله من دفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنطقة إلى حرب في سوريا ولبنان وقطاع غزة، ودعا اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل إلى مغادرتها لأنّه «لن يكون لديهم وقت حتى للمغادرة ولن يكون لهم أي مكان آمن في فلسطين المحتلة».
ورفعت مواقف نصر الله من احتمالات اندلاع حرب إسرائيلية يرجح خبراء أن لا تطال «حزب الله» وحده، بل أن تبدأ من سوريا لتطال لبنان ككل.
وخصص نصر الله جزءا كبيرا من الخطاب الذي ألقاه أمس في ذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت للحديث عن احتمال شن إسرائيل حربا على حزبه، وقال: «نتنياهو وحكومته وقيادته العسكرية لا يملكون تقديرا صحيحا إلى أين ستؤدي هذه الحرب إذا أشعلوها. ما هي مساحتها ما هي ميادينها من سيشارك فيها من سيدخل إليها؟ نتنياهو وحكومته العسكرية لا يعرفون إذا بدأوا هذه الحرب كيف ستنتهي».
وكان نصر الله أعلن في وقت سابق هذا العام أن أي حرب مستقبلية تشنها إسرائيل ضد سوريا أو لبنان يمكن أن تجذب آلاف العناصر من دول مثل إيران والعراق وأفغانستان واليمن وباكستان ويمكن أن تحدث داخل إسرائيل. ودعا نصر الله اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل «إلى مغادرتها والعودة إلى البلدان التي جاءوا منها حتى لا يكونوا وقودا لأي حرب تأخذهم إليها حكومة نتنياهو الحمقاء لأن نتنياهو إذا شن حربا في هذه المنطقة قد لا يكون لدى هؤلاء وقت حتى لمغادرة فلسطين ولن يكون لهم أي مكان آمن في فلسطين المحتلة».
ووضع المحلل السياسي، المقرب من «حزب الله»، قاسم قصير مواقف نصر الله هذه في إطار التصريحات الردعية، متحدثا عن مجموعة دراسات تم إعدادها في إسرائيل وعن مؤشرات لإمكانية شن حرب على «حزب الله» قبل عودته من سوريا، في وقت استبعد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر اندلاع حرب بين الطرفين قبل العام 2020، لافتا إلى أن الظروف الداخلية كما الدولية لا تساعد حزب الله على شن حرب على إسرائيل كما أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتحمل تبعات وتداعيات أي حرب تشنها خاصة أن المناورات الأخيرة التي أجرتها بينت أنها غير مستعدة.
وقال قصير لـ«الشرق الأوسط»: «أي حرب سيشنها نتنياهو سيكون هدفها الحسم وليس الردع بالتالي توجيه ضربة قاسية جدا لحزب الله. وتشير المعطيات إلى أن أي حرب مقبلة لن تكون محصورة بلبنان أو بتوجيه ضربة لحزب الله كما حصل في العام 2006. بل الأرجح أنها ستبدأ في سوريا وتمتد إلى لبنان». وذكر قصير بما أعلنه نصر الله بوقت سابق عن أنه ستتم الاستعانة بمقاتلين من تحالف القوى الإقليمية، مشيرا إلى أن «الطرف الإسرائيلي لا يزال يبحث عن جواب بخصوص الدور والموقف الروسي من أي حرب مقبلة على حزب الله خاصة أن أبرز سلاحين استخدما في العام 2006 كانت صواريخ كورنيت الروسية وصاروخ أرض – بحر الصيني». وأوضح قصير أن تصريحات نصر الله الأخيرة هدفها «التأكيد للإسرائيليين أن أي حرب لن تكون نتائجها محسومة وستؤدي لخسائر كبيرة، ولذلك وجدناه قد وجه ضربته إلى الوتر الحساس بحديثه عن اليهود وأنّه لن يكون هناك مكان آمن لهم في فلسطين المحتلة».
من جهته، جزم جابر بأن إقدام «حزب الله» على القيام بخطوة أولى تستدرج إسرائيل إلى حرب أمر مستحيل في المرحلة الراهنة، باعتبار أن «كل من يؤيد المقاومة سيتخلى عنها في حال كانت المبادرة إلى شن حرب تؤدي إلى دمار لبنان»، واضعا تصريحات الأمين العام للحزب في إطار الحرب النفسية، ومستبعدا تماما «تهور نتنياهو بالقيام بمغامرة خاصة أن لقاءه الأخير بالرئيس الروسي لم يكن على مستوى تطلعاته إضافة للاتفاقات التي تم إبرامها بما يتعلق بالجنوب السوري والتي هي الأخرى لا تلبي طموحاته».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.