10 موانع تبعد أطفال الدول النامية عن مقاعد الدراسة

مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
TT

10 موانع تبعد أطفال الدول النامية عن مقاعد الدراسة

مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم

في حين تجتمع الآراء على ضرورة إصلاح التعليم في مراحله المختلفة بالدول النامية، فإن هذه الدعوات قد لا تأخذ في عين الاعتبار كثيرا من الصعوبات التي تمنع تلقي أطفال تلك الدول حصتهم في التعليم. وبعض هذه الموانع واضح للعيان، مثل عدم وجود مدارس لتلقي التعليم في مناطق كثيرة، بينما البعض الآخر منها لا يمكن رصده بسهولة، مثل عدم كفاءة المدرسين وعدم تمتعهم بالقدر الكافي من التدريب.
بدورها، تقوم منظمة «غلوبال بارتنرشيب» المعنية بتعزيز جهود التعليم حول العالم برصد دوري لأهم العقبات والموانع التي تحجب التعليم عن أطفال الدول النامية. ومنذ عام 2014 حددت أن أهمها 10 موانع تعمل المنظمة بالتعاون مع الحكومات المحلية على تقديم الحلول لها. وتركز المنظمة على الدول الفقيرة، وعلى وجه الخصوص القطاعات المهمشة في المجتمع، والتي قد تشمل الفتيات والأقليات والمعوقين.
ووفق آخر إحصائية أجرتها المنظمة (نهاية عام 2015)، فقد كشفت أن نحو 264 مليون طفلا حول العالم لا يزالون محرومين من مقاعد الدراسة. ولذلك، دعت إلى زيادة الضغوط على الحكومات المعنية من أجل زيادة الحصص المخصصة للتعليم من الميزانيات العامة، كما تقوم بجهود من أجل زيادة الدعم الخارجي من الدول الصناعية لدعم قطاعات التعليم في الدول الفقيرة.
وهذه أهم المعوقات التي تحول بين أطفال الدول النامية وفرص التعليم في كل مراحله وفق المنظمة:

1- عدم وجود التمويل الكافي للتعليم

يحاول كثير من الدول النامية تدبير التمويل اللازم للتعليم من ميزانيات محدودة الموارد، ولكن العامل الأكثر تأثيرا في ميزانياتها المخصصة للتعليم هو تناقص الدعم الخارجي بشكل ممنهج خلال السنوات الأخيرة. وتشير المنظمة إلى أن 2.7 في المائة فقط من مجمل التمويل الخارجي تم استثماره في قطاعات التعليم في عام 2016. ولا يزيد المعدل الحالي الموجه إلى التعليم الأساسي في الدول الفقيرة عما كان عليه في عام 2008. وينعكس هذا سلبا على قدرة الدول النامية على تدبير أماكن لأعداد متزايدة من التلاميذ. وتواجه الدول الفقيرة نقصا في ميزانيات التعليم خلال السنوات الأربع المقبلة يصل إلى 34 مليار دولار. وتحاول منظمة «غلوبال بارتنرشيب» توفير دعم حجمه 3.5 مليار دولار من الدول المانحة، كما تحث الدول النامية على زيادة حصة قطاع التعليم من الميزانيات العامة لكي تسد الفجوة التي يصل حجمها إلى 16 مليار دولار، لسد الحاجات الملحة في قطاع التعليم.

2- عدم وجود مدرسين

هناك نقص عام في عدد المدرسين اللازمين في المراحل الابتدائية في مدارس الدول النامية، كما أن كثيرا من المدرسين الحاليين غير مؤهلين، مما يؤدي إلى تخريج أطفال غير ملمين بأساسيات اللغات والحساب. وتنوه المنظمة بالحاجة الماسة لتمكين 69 مليون معلما في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه هناك أكثر من ثلث المدرسين في دول العالم الثالث حاليا غير مؤهلين إلى المستوى المطلوب دوليا. وهناك حاجة لتأهيل المدرسين وتدريب مزيد منهم بوصف ذلك أولوية للدول النامية.
3- النقص في عدد الفصول الدراسية
حقيقة يعيشها ملايين التلاميذ في الدول النامية، وفي كثير من هذه الدول يتم حشر مزيد من التلاميذ في فصول ضيقة ذات جدران متهالكة، أو يجري تلقي الدروس في الخلاء. وفي دول مثل مالاوي يحتوي الفصل الدراسي الواحد على 130 تلميذا في السنة الدراسية الأولى. ولا تمتلك المدارس في الدول النامية كثيرا من الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب أو دورات المياه. وفي تشاد مثلا لا تتوفر مياه الشرب إلا في مدرسة واحدة من كل 7 مدارس، ولا توجد دورات مياه إلا في واحدة من كل 4 مدارس. ولا يخصص للفتيات إلا ثلث دورات المياه المتاحة، مما يعد عائقا حقيقيا أمام إقبال الفتيات على الدراسة. ويحتاج قطاع التعليم مزيدا من الدعم من الدول المانحة من أجل بناء مزيد من المدارس وتحسين نوعية المدارس القائمة.
4- نقص الكتب والمواد التعليمية

النمط السائد في مدارس الدول النامية هو استخدام كتب دراسية قديمة يتشارك فيها عدد من التلاميذ يصل أحيانا إلى 6 تلاميذ أو أكثر. وفي بلد مثل تنزانيا لا يتمتع باستخدام كتاب خاص به إلا نسبة 3.5 في المائة من مجموع التلاميذ في الصف السادس الابتدائي. وفي الكاميرون هناك 11 تلميذا في المدارس الابتدائية لكل كتاب مدرسي، و13 تلميذا لكل كتاب حساب في الصف الثاني. ويشمل النقص جميع مواد التعليم؛ من نشرات وأدوات كتابية ومدرسية. ويحتاج المدرسون أيضا لكثير من مواد التدريس اللازمة للقيام بوظائفهم. ويمكن لدعم الدول المانحة أن يساهم في عمليات طباعة الكتب المدرسية وتوفير الأدوات الدراسية اللازمة.

5- استثناء ذوي الاحتياجات الخاصة

رغم أن التعليم حق عالمي لجميع الأطفال، فإن ذلك لا يشمل في أغلب الأحيان 93 مليون طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم. وفي بعض أفقر دول العالم توجد نسبة 90 في المائة من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج المدارس. وتتعدد الأسباب؛ بين التفرقة الواضحة، وانعدام التدريب على وسائل التدريس الشامل بين المدرسين، وانعدام الخدمات المتاحة في المدارس للمعاقين. والنتيجة هي حرمان كثير من الأطفال من حقهم في التعليم؛ لا لشيء إلا لأنهم معاقون بدنيا. وتحتاج الدول النامية إلى حملات لزيادة الوعي وتوفير بعض التسهيلات للأطفال المعوقين من أجل التحاقهم بصفوف التعليم الابتدائي على الأقل.

6 - التفرقة ضد الفتيات

رغم التقدم النسبي في توفير التعليم للفتيات في الدول النامية، فإن هناك أجيالا منهن لا يحظين بالاهتمام الكافي. وتقدر أعداد النساء الأميات في الدول النامية بنحو مائة مليون امرأة. وتصل نسبة الحرمان من التعليم بين الفتيات حاليا إلى أكثر من 20 في المائة لأسباب متعددة؛ منها الفقر والتفرقة الجنسية والنزاعات الأهلية. ويجبر الفقر بعض العائلات على اختيار من يتلقى التعليم من أبنائها وبناتها. وتخسر الفتيات في معظم الأحيان للاعتقاد السائد بأن تعليم البنات أقل أهمية من تعليم الأولاد. وتتوجه البنات إلى العمل أو البقاء في المنزل والاهتمام بالأطفال من إخوتها الصغار. وتهدف المنظمات الدولية إلى زيادة نسبة تعليم البنات إلى 84 في المائة بحلول عام 2018.

7- النزاعات الإقليمية
نظم التعليم من أكبر ضحايا النزاعات الإقليمية، ويتضح ذلك من إحصاءات تؤكد أن نصف الأطفال الذين لا ينتمون إلى مدارس أو أي نوع من التعليم يعيشون في دول تعاني من نزاعات إقليمية أو حروب أهلية. والنزاعات تمنع الحكومات من القيام بوظائفها على وجه صحيح، وتتسبب في تهجير الآلاف من منازلهم وإغلاق المدارس والمؤسسات الأخرى. وحتى في حالات تلقي الغوث الدولي في الدول المنكوبة لا يعد التعليم من أولويات الدعم.

8 - بعد المسافات بين المنازل والمدارس

في كثير من دول العالم يمشي الأطفال لمدة 3 ساعات ذهابا إلى المدرسة ومثلها إيابا. ويعاني الأطفال كثيرا من المشاق في هذه الرحلة اليومية التي تعد شبه مستحيلة في حالات التلاميذ المعوقين أو الذين يعانون من سوء التغذية أو المرض. ويمكن تصور الاستيقاظ في الخامسة صباحا والذهاب إلى المدرسة بلا إفطار والعودة في السابعة مساء يوميا. وتتعرض الفتيات إلى أخطار مضاعفة في هذه الرحلة منها التحرش والعنف. وليس هناك حل لهذا الوضع سوى بناء مزيد من المدارس المحلية التي تستوعب الأطفال في القرى والمناطق النائية.

9- الجوع وسوء التغذية

يلعب الجوع دورا رئيسيا في إعاقة التعليم في مختلف مستوياته، خصوصا في المرحلة الابتدائية. ويتأثر 171 مليون طفل في العالم الثالث بالجوع وسوء التغذية وهم في سن الخامسة، ويؤثر ذلك على قدراتهم على الاستيعاب والتركيز. ويعاني من هؤلاء نسبة 20 في المائة تقريبا إلى درجة عدم القدرة على القراءة وهم في سن الثامنة. وتعمل بعض المنظمات الدولية على التعامل مع هذه الأزمة بتوزيع الأغذية على مدارس العالم الثالث مباشرة، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى زيادة إقبال التلاميذ على الدراسة من أجل الحصول على وجبة غذائية في منتصف اليوم.

10- التكاليف الدراسية

في حين يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن كل الأطفال لديهم الحق في التعليم الأساسي المجاني حتى لا يكون الفقر عقبة أمام تلقي التعليم، فإن كثيرا من العائلات الفقيرة ما زالت ترى أن الذهاب إلى المدرسة عملية مكلفة ماليا. وتكون النتيجة هي بقاء الأطفال في المنازل أو ذهابهم إلى العمل. ورغم مجانية التعليم في كثير من الدول النامية، فإن هناك مصروفات إضافية لا بد منها مثل شراء ملابس مناسبة للدراسة وأدوات مكتبية وكتب ورسوم الامتحانات والمساهمة في تبرعات صيانة المدارس. وفي بعض الحالات، لا توجد أماكن كافية لاستيعاب التلاميذ في المدارس الحكومية فتضطر الأسر إلى إرسال الأطفال إلى مدارس خاصة غير مجانية قد لا يستمر فيها التلاميذ طويلا لعدم قدرة الأهل على دفع المصروفات. وفي هذا السياق، تنوه المنظمة بأن التبرع بدولار وربع يوميا، يجعل بالمقدور إرسال طالب للمدرسة في إحدى الدول النامية.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.